حسين سعد
تبين أطروحة حديثة عن ظاهرة الفقر، خصوصاً في محافظتي الجنوب والنبطية أعدّتها الطالبة فاطمة عز الدين لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية في «الجامعة اللبنانية»، أن 86% من الأسر مدينة لجهات مختلفة، 95% لا تستطيع الادخار، و85% من الأسر لا يكفيها الدخل.
وقد تم اعتماد العيّنة الغرضية (القصدية، Sampling Purposive)، فأُختيرت عينة من ألف أسرة في المحافظتين، اللتين يبلغ عدد سكانهما 623043 نسمة تقريباً يشكلون نحو 16.6% من سكان لبنان. والعينة المستهدفة ليست عشوائية وهي عائلات متوسط دخلها نحو تسعمئة ألف ليرة لبنانية. واستخدمت الباحثة استمارة موسعة تشمل 115 سؤالاً تمّ صوغها بناءً على متغيرات أساسية محددة لظاهرة الفقر، وهدفت إلى الإحاطة بجوانب الفقر ومؤشراته، ولا سيما أوجه العلاقة بين ظاهرة الفقر وقصور التنمية في لبنان، وتأثير الفقر على الأفراد والأُسر من النواحي الاجتماعية والمادية والمعنوية والنفسية في محافظتي الجنوب والنبطية.
وتظهر نتائج الدراسة الميدانية في مؤشرات العمل والدخل أن 52.9% هم عاملون في مجال الصيد والزراعة، و36.2% من أرباب هذه الأسر يقومون بعمل إضافي، متوسط الدخل الشهري نحو 897 ألف ليرة لبنانية، معدل البطالة 18% وأن 15% من الأُسر لديها أطفال عاملون و23% من الأسر المستهدفة في الدراسة الميدانية دخلها خمسمئة ألف ليرة وما دون، ومعدل النشاط الاقتصادي في الجنوب هو 44.6%.
المساعدات
تشير نتائج الدراسة (العينة) إلى أن 38.5% من الأسر يتلقون مساعدات متنوعة (صحية، تربوية، مادية وعينية)، وأن أعلى نسبة مساعدات ممنوحة هي من جانب مؤسسات رعائية أو تنظيمات حزبية بنسبة تصل إلى نحو 33%. وهذا ما يثبت، وفق معدّة الاطروحة، صحة الفرضية بأن ما تقدمه الجمعيات الاهلية إلى الإفراد من مساعدات مالية وعينية هو في إطار الانتماء المذهبي والطائفي. وهذا ما يحرم العديد من الأُسر المحتاجة المساعدات. وتبين الدراسة في المسألة المتعلقة بمستوى الملكيات والمواصلات أن لدى أكثر من 36% من الأُسر مشكلة في الانتقال إلى مكان العمل، بينما 62% من الأُسر لديها ملكية سيارة خاصة.
وتبين الدراسة أن متوسط عدد الأولاد في الأُسرة هو 3.1% وأن 25% من هذه الأُسر يعيلون خمسة أفراد وأكثر، فيما يبلغ معدل الإعالة العمرية 48.11% في الجنوب، وأن أكثر من 30% من الأُسر فيها أفراد مهاجرون.
وتوضح الدراسة أن 27% من الأُسر المشمولة تقيم في مساكن تقل مساحتها عن المئة متر مربع، و48% من الأُسر لا تملك مساكن وإنما تشغلها بالإيجار، و60% من المساكن هي ذات بناء قديم وتعاني من عدم توافر الشروط الصحية الخاصة بالمساكن كالإضاءة الطبيعية والبيئة السليمة والراحة النفسية وغيرها.
مواجهة الفقر
أما في الموضوع الصحي فأكثر من 24% يقومون بإجراء الفحوص الدورية، وأن 68% مضمونون صحياً من جانب الجهات الضامنة المختلفة، منهم 29% مضمونون لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، و64% من الاسر تعاني من أمراض مزمنة، و11.4% من الأسر لديها حالات إعاقة جسدية أو ذهنية. تظهر الدراسة أن 15% من أرباب الاسر لا يجيدون الكتابة والقراءة، و30% من ارباب الاسر قد حصلوا على تعليمهم الابتدائي وهم لم يتابعوا دراستهم بسبب الاوضاع الاقتصادية.
وهناك، وفق الدراسة، 60% من الاسر قد حصل فيها تسرب مدرسي لأسباب متعدّدة اهمها الاوضاع الاقتصادية، و22% من هذه الأُسر لديها أفراد أميّون.
في الجانب الاجتماعي تتوقف الدراسة عند مستوى المشاركة في الانشطة، وتسجل أن 32% من ارباب الأسر يوافقون على انخراط المرأة في سوق العمل، و16% يوافقون على مشاركتها السياسية و46% من أجمالي الأُسر ينتسبون إلى جمعيات ومنظمات أهلية أو سياسية، وكذلك 40% يمضون أوقات فراغهم أمام شاشات التلفزة والاستماع إلى الراديو. وتترك الدراسة حيّزاً لأفراد العينة في آرائهم حول سياسات مواجهة الفقر. فيجيب 76% من أرباب الأسر أن تردي الأوضاع المعيشية هي مسؤولية الدولة و15% يرون أن لا دور للدولة في مواجهة الفقر، وصرح 29% أن المؤسسات الأهلية والأحزاب السياسية تقدم المساعدة والرعاية للأسر والمحتاجين.
وأعلن 72% أن مواجهة الفقر يكون من خلال تأمين فرص عمل مناسبة و22% مراقبة الغلاء و13% من خلال تحسين الاجور و6% تعديل السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
وتستنتج معدة الأطروحة أن المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية تشير إلى تفاوت واضح لجهة معدلات الفقر وارتفاع نسب البطالة واستمرار اللامساواة والتفاوت بين اللبنانيين، بين المناطق وحتى داخل المنطقة نفسها.