قال تقرير صادر عن معهد كارنيغي الأمريكي المرموق ان 4 عوامل تجعل من غير المتوقع أن يبدأ إنتاج الغاز والنفط الصخريين في الجزائر في وقت قريب.
وأوضح التقرير الذي تم الإطّلاع عليه أمس الأول أن العوامل تشمل الموقع البعيد للمساحة التي تحتوي على النفط والغاز الصخري في الجزائر، وغياب البنية التحتية، ومحدودية المياه، والحاجة إلى مزيدٍ من الحفّارات لأن آبار النفط والغاز الصخريين تنضب بشكلٍ أسرع من آبار النفط والغاز التقليدية.
وأضاف أن الحكومة الجزائرية فيما يبدو استهانت برد الفعل الشعبي على النشاطات المتعلقة بالنفط والغاز الصخريين، حيث يخشى المُحتجون من تأثير نشاطات الغاز والنفط الصخريين على إمدادات المياه وعلى البيئة، لأن التكسير الهيدروليكي وتكنولوجيا الحفر المُستخدمة لاستخراج الغاز الصخري، تتطلبان كميات ضخمة من المياه، وهي مورد نادر في الجزائر.
وتشهد محافظات في الجنوب الجزائري منذ نهابة السنة الماضية مسيرات واحتجاجات رافضة لمشروع استغلال الغاز الصخري، في منطقة عين صالح جنوب البلاد، بسبب مخاوف من تأثير الطاقة الجديدة على البيئة والمياه الجوفية في الجنوب، بينما ترفض الحكومة الجزائرية مراجعة القرار.
وقال الرئيس الجزائري يوم 24 فبراير/شباط الماضي في رسالة للجزائريين بمناسبة ذكرى تأميم المحروقات عام 1971 «يجب الاستفادة من الطاقات التقليدية وغير التقليدية والطاقات المتجددة المتوفرة في البلاد مع الحرص على حماية صحة المواطنين والبيئة».
وتابع «النفط والغاز التقليدي والغاز الصخري والطاقات المتجددة كلها هبة من الله، ونحن مناط بنا حسن تثميرها والاستفادة منها» في إشارة منه إلى رفض التراجع عن المشروع.
ويرى التقرير أن أصل المشاكل في الجزائر يكمن في عدم قدرة الحكومة على إنفاذ إصلاحات عميقة وفعّالة تساعد على جذب رؤوس الأموال الدولية، مضيفة أنه لايزال ثمة الكثير مما يجب عمله كي تغيّر الحكومة الجزائر الاعتقاد الشائع بأن الجزائر مكان صعب للقيام بالأعمال، ومن دون ذلك، سيواصل إنتاج النفط والغاز المحليين مكابدة الصعوبات، سواء مع النفط والغاز الصخري أو من دونه.
وقال صندوق النقد الدولي في عام 2014 ان هناك حاجة لتحسين مناخ العمل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتطوير اندماج الجزائر في الاقتصاد العالمي.
يذكر أن النفط والغاز يُعتبران العمود الفقري لموارد الجزائر المالية ويشكِّلان 62 في المئة من عائدات الحكومة و97 في المئة من إيرادات التصدير.
ويقدّر الاحتياطي المؤكّد من النفط التقليدي بالجزائر بنحو 12.2 مليار برميل، وهو ثالث أكبر مخزون في إفريقيا بعد ليبيا ونيجيريا. ومع وجود 5.4 تريليون متر مكعب (نحو 160 تريليون قدم مكعب) من الاحتياطي المؤكد للغاز الطبيعي. وتحتل الجزائر المرتبة العاشرة في العالم والثانية في إفريقيا بعد نيجيريا.
وتقدر إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن الجزائر تحوز على نحو 20 تريليون متر مكعب (706 تريليون قدم مكعب) و7.5 مليار برميل من الغاز والنفط الصخريين (على التوالي) الذي يمكن تقنياً استخلاصه، ما يمثل موارد جديدة محتملة ضخمة لبلد يسعى جاهدا لتنويع قطاع الطاقة فيه.
وفيما تعاني الجزائر من هبوط إنتاج النفط والغاز، ارتفع الطلب المحلّي بشكل سريع، أساساً بدفعٍ من عمليات الدعم السخية، حيث تقدَّر كلفة دعم المنتجات الهيدروكربونية، وفقاً لصندوق النقد الدولي، بنحو 22.2 مليار دولار، أو نحو 10في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2012.
ويقول التقرير الذي وضعه خبراء بتكليف من معهد كارنيغي ان المخاطر التي تواجه شركات النفط الدولية في الجزائر تبدو مرتفعة للغاية قياساً بالمكافآت التي قد تحصدها، ولذلك ليس مفاجئاً أن تكشف المزادات السابقة عن محدودية الاهتمام الدولي بالعطاءات الخاصة بحقوق التنقيب عن النفط والغاز.
ويضم «مركز كارنيغي للشرق الأوسط»، الذي أسسته في العام 2006 مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي»، مجموعة من الخبراء في السياسة العامة وهو يشكّل مركز أبحاث مقره بيروت في لبنان، ويعنى بالتحديات التي تواجه التنمية والإصلاح الاقتصاديين والسياسيين في الشرق الأوسط والعالم العربي. وهو يضم كوكبة من كبار الباحثين في المنطقة من الذين يتابعون أبحاث معمقة حول القضايا الحيوية التي تواجه دول المنطقة وشعوبها.
«سوناطراك» الجزائرية تسعى لخفض رسوم الخدمة في ظل هبوط سعر النفط
الجزائر – رويترز: قالت مصادر في صناعة النفط ان شركة الطاقة الوطنية الجزائرية «سوناطراك» طلبت من مقدمي الخدمات لحقولها النفطية خفض أسعارهم بما يصل إلى 15 في المئة، مع محاولة البلد عضو منظمة «أوبك» تخفيف أثر انخفاض أسعار الخام.
ويختبر انهيار أسعار النفط اقتصاد الجزائر، التي تعتمد على مبيعات الطاقة في جني 60 في المئة من إيرادات الدولة، وتمويل شبكة الضمان الاجتماعي والدعم التي ساهمت في تهدئة القلاقل الاجتماعية.
وأعلنت الحكومة بالفعل تجميد التوظيف في الدولة في معظم القطاعات، وتعليق عدة مشاريع للبنية التحتية والنقل من أجل توفير السيولة.
وقال مصدر مطلع ان الشركات المقدمة للخدمات في قطاع النفط والغاز في الجزائر تلقت خطابا من «سوناطراك» تحثها فيه على خفض التكاليف بين 10 و15 في المئة.
وقال مصدر آخر في الصناعة قريب من سوناطراك «حثت سوناطراك شركاءها في خدمات النفط والغاز على خفض التكلفة بنسبة 10 إلى 15 في المئة.»
وأكد الطلب دبلوماسي من بلد تزود شركاته «سوناطراك» بالخدمات. وطلب كل من المصدرين عدم ذكر اسمه. وقال الدبلوماسي «أستطيع أن أقول لك إن الشركات غير سعيدة بعد تلقي خطاب سوناطراك المتضمن المطالبة بخفض يصل إلى 15 في المئة.»
وتضطلع «سوناطراك» بدور محوري في قطاع الطاقة بالجزائر، وسلامتها المالية مؤشر مهم لاقتصاد البلاد.
كان عبد الرحمن بلقاسم المسؤول في سوناطراك أبلغ الإذاعة الحكومية هذا الأسبوع أن الشركة تنفق نحو 23 مليار دولار سنويا على الخدمات. ودعت سوناطراك الشركات المحلية إلى النظر في سبل تقديم الخدمات لها.
ولم ترد الشركة على مكالمة للحصول على تعليق. وفي إطار إجراءات مواجهة تراجع سعر الخام تدرس الحكومة الجزائرية أيضا سبل تقليص فاتورة الواردات الضخمة وحماية احتياطياتها الأجنبية.ويأتي تراجع السعر في توقيت حساس للقيادة الجزائرية حيث تدور تساؤلات بخصوص الحالة الصحية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي لم يظهر ظهورا علنيا إلا نادرا منذ إصابته بوعكة صحية في 2013 وحتى بعد إعادة انتخابه العام الماضي.
وفي ظل احتياطات أجنبية تبلغ نحو 200 مليار دولار وديون خارجية ضئيلة جدا فمن المستبعد أن تواجه الجزائر انهيارا اقتصاديا كالذي يحذر المحللون من أنه قد يضرب فنزويلا عضو أوبك أيضا.