ريتا شرارة
اليوم، باتت الصيغة النهائية لقانون الإيجارات في الهيئة العامة، أو أقله تسير صوب القاعة العامة لمجلس النواب. فالعدة النيابية انتهت للخروج بالصيغة القانونية المطلوبة لإنهاء الجدال على قانون الإيجارات الصادر عام 2014، ولا سيما بعدما طعن المجلس الدستوري بمادتين وفقرة فيه، مما انعكس التباساً في الإقرار بسريانه أو بوقف تنفيذه.
أمس، أعلن النائب روبير غانم الانتهاء من درس الاقتراحات الأربعة، وتلا تقريراً صدر عن اللجنة التي كانت اجتمعت، قبيل مؤتمره الصحافي، لإجراء القراءة النهائية على التعديلات المقترحة.
فاستمع الصحافيون في مجلس النواب الى غانم يتلو أمامهم القرار بإطالة مدة الإيجارات بين 9 سنوات للجميع و12 سنة لذوي الدخل المحدود ولا سيما المتقدمين بالسن، ولإنشاء حساب في وزارة المالية يدفع الزيادات عن المستأجرين من ذوي الدخل المحددة بالكامل لمن لا يتجاوز دخله ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور، وبنسبة 80 في المئة للذين يتجاوز دخلهم ثلاثة أضعاف ولا يزيد عن خمسة أضعاف، ولتحديد بدل المثل بـ4 في المئة من القيمة البيعية للمأجور في حاله الراهنة، ولتحديد زيادة غلاء المعيشة قبل صدور هذا القانون بنسبة 12,8 في المئة.
غير أن ما كان قيل في قاعة اللجنة، لم يكن متماهياً مع إجماع النواب الحاضرين. فثمة نواب لم يروا أن ما أنجز في الصيغة القانونية النهائية «نهائي بسبب الخلافات التي لا تزال قائمة على غير بند». ويعدد هؤلاء لـ»المستقبل» مكامن ضعف الاقتراح: «ارتفاع نسبة التخمين المقدرة بـ4 في المئة علماً أن المالكين القدامى قبلوا بسقف الـ15 ألف دولار في السنة الواحدة في خلال المرحلة الانتقالية، اي بما يوازي 3 في المئة من القيمة البيعية للمأجور في حالته الراهنة». ولم تكن واضحة عند هؤلاء أيضاً «صيغة تناقض التعويض لاسترداد الهدم ولا أفضلية الشراء. وهنا سألوا: ماذا لو رفض المالك بيع المأجور للمستأجر وباعه الى غيره؟ ألا يكون له الحق عندها بشرائه؟». وبعدما طرح هؤلاء النواب غير سؤال، استخلصوا أنه لا بد من «التسلح» بالصيغة النهائية للاقتراح «ربما تكون هناك ملاحظات أخرى غير دقيقة يجب إعادة النظر بها«.
في المقابل، لا يرى نواب آخرون أنهم انتهوا من درس الاقتراح كلياً: «انهينا 90 في المئة منه، وبقيت الصياغات التي يجب مراجعتها والتدقيق بها»، أفاد النائب غسان مخيبر «المستقبل». وأوضح: «المهم أننا اتفقنا على النقاط الأساسية» التي عددها كالآتي: «مصير المرحلة الانتقالية التي سبقت إقرار قانون 2014 وأعقبت وقف العمل بقانون 2002، وتحديد زيادة غلاء المعيشة، والإبقاء على لجان التخمين بعدما جعلناها تتفق وأحكام المجلس الدستوري، وخفض نسبة تقويم العقارات الى 4 في المئة بدلاً من 5 في المئة، وزيادة نسبة المستفيدين من الصندوق إضافة الى جعل هذا الأخير حساباً له استقلاليته في موازنة الدولة، فلا يكون شيكاً من دون رصيد للمالكين». ومن البنود التي اتفق عليها النواب، يوضح مخيبر، «إعطاء المستأجرين حق الأفضلية في الشراء في حال رغب المالكون في البيع، وتحديد كيفية سداد المساعدات من الصندوق». أما الأهم، يقول مخيبر، أن القضاء «لم يعد يلجأ الى قانون الموجبات والعقود» للبت في القضايا العالقة في فترة الفراغ التشريعي بين قانوني 2002 و2014: «فالمشرع أخضع تلك القضايا الى قانون الإيجارات لعام 2002«.
وعن هذا الأمر، يقول النائب عماد الحوت لـ»المستقبل» إن اللجنة «حمت» المستأجر: «حملنا عبئه الى الدولة لا الى المالك الذي يحصل على أمواله منها من دون أن يكون لديه الحق في إخراج المستأجر من المأجور بحجة عدم قبض هذا المال». وهذا يعني أن الدولة، «في حال تلكأت عن الدفع، يفسر الحوت، تكون الأولوية للمستأجر في البقاء ولا يمكن إخراجهم من منزلهم». ويؤيد فكرة أن «القانون الصادر نافذ ما عدا المواد التي طعن بها المجلس الدستوري»، ويوضح: «بإزاء الفراغ في بعض المواد، يمكن القضاة الاجتهاد في قراراتهم التي يمكن أن يبنوها على قانون العقود والموجبات». وهذا يعني، عند الحوت، احتمال إلحاق الضرر بهم لأن أصول هذا القانون لا تقر لهم بالتعويض. فأمام هذا الواقع، قرر النواب أن يكون التقاضي أمام القاضي المنفرد بناء لقانون 2002. ويتوافق الحوت مع النائب ايلي عون الذي أكد أن «المحاكم هي المرجع الصالح في حال عدم إمكان تأليف اللجان التي أبطلها سابقاً المجلس الدستوري». ويذكر، عبر «المستقبل» بأنه أصر على وجهة النظر التي ساقها غير مرة في اللجنة، ويقول: «إن الأحرى كان باعتماد هذا الحل الأسهل والأكثر قانونية بعد صدور قرار المجلس الدستوري وتالياً صرف النظر عن تأليف اللجان تماماً كما اقترحت في اقتراح القانون الذي تقدمت به في 1/10/2014 لأن اعتماد اللجان هو أمر معقد ويشكل كلفة عالية إضافية على الخزينة من دون طائل«..
ولكن، كان لدى النواب عدد رسمي ونهائي للمستأجرين؟ وما هي التكلفة المالية التي ستوضع في الحساب الجاري في وزارة المال للتعويض على المالكين القدامى؟
يقول الحوت إن النواب اطلعوا على «قيمة الأموال المتوقعة»، مؤكداً أن «حجم الفارق في التقدير ليس ضخماً لحل مشكلة اجتماعية كالإيجارات القديمة». واستغرب كيف أن لبنان يدفع ملياري دولار سنوياً على كهرباء لا تصل الى المنازل في وقت أن الكلفة المالية لإغلاق هذا الملف لا تتعدى المليار و300 مليون دولار (زدنا 10 في المئة على المبلغ من باب الحيطة فبات ملياراً و500 مليون دولار)». وأوضح أن هذا المبلغ لا يصب دفعة واحدة في الحساب الجاري في وزارة المال إنما يقسم على 12 سنة، ما يعني أنه لا يتعدى الـ200 ألف دولار سنوياً: «ان الدولة هي التي أوجدت هذا الإشكال وهي التي يُفترض أن تتحمل كلفة الحل»، يقول الحوت مؤكداً أن الواردات هي من موازنة الدولة. وعن عدد المستأجرين، يشير الى أنه 140 ألفاً يتوزعون على عقود إيجار مسجلة وأخرى غير مسجلة، وأن 100 ألف منهم سيستفيدون من الصندوق.