طرحت ورشة العمل التي عقدتها سلطة النقد الفلسطينية بشأن مسودة مشروع قانون البنك المركزي الفلسطيني تمهيدا لإصدار الجنيه الفلسطيني تساؤلات حول جاهزية السلطة الفلسطينية لإصدار العملة الفلسطينية.
واستبعد متحدثون في أحاديث منفصلة لمراسل الجزيرة نت إصدار الجنيه الفلسطيني في ظل الظروف الراهنة، مرجعين ذلك للعراقيل الإسرائيلية التي يمكن أن تحول دون إصدار العملة الفلسطينية.
وكانت سلطة النقد الفلسطينية قد بحثت في حلقات نقاش ضيقة مسودة مشروع قانون البنك المركزي الفلسطيني مع مديري البنوك وخبراء وممثلين عن التشريعي، والتي أعدت بمساعدة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لتدارسه ونقاشه وتسجيل الملاحظات على بنوده ومواده تمهيدا لإقراره، وطباعة وإصدار الجنيه الفلسطيني.
جدل
وشهدت هذه الحلقات النقاشية جدلا في أوساط الخبراء ومديري البنوك الفلسطينية بشأن فاعلية تطبيق هذا القانون خاصة مع عدم قدرة السلطة الفلسطينية أو دولة فلسطين على السيطرة على المعابر والإيرادات الاقتصادية والموارد الطبيعية إلى جانب عدم الحصول على الاستقلال التام لدولة فلسطين.
الخبير الاقتصادي ماهر الطباع قال في حديث للجزيرة نت إن اتفاقية باريس الاقتصادية أعطت الحق لإصدار عملة فلسطينية، لكن الواقع الحالي لن يسمح لهذه العملة بأن تكون قوية أمام العملات العالمية.
واعتبر أن إصدار عملة فلسطينية في ظل الواقع المالي الصعب الذي تعيشه السلطة الفلسطينية لن يعطي فرصة لوجود هذه العملة بقوة رغم امتلاك السلطة الفلسطينية جهازا مصرفيا قويا، وسلطة نقد قوية ووجود أساس للبنك المركزي.
ووصلت الديون المتراكمة على السلطة الفلسطينية إلى خمسة مليارات دولار أميركي، فيما بلغ العجز في موازنتها مليارا ونصف المليار دولار، ليضاف ذلك إلى البطالة المنتشرة في الأراضي الفلسطينية والاقتصاد الضعيف.
واستبعد الطباع موافقة الجانب الإسرائيلي للسلطة الفلسطينية على أن تمرر وتطبق مثل هذا القرار وتصدر عملة فلسطينية خاصة بها، خاصة في ظل تعثر المفاوضات بين الجانبين.
عقبات
من جانبه، رأى رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية محمد أبو جياب أن إصدار عملة وطنية ليس بالسهولة التي يتوقعها الكثيرون ممن يندفعون باتجاه تطبيق هذه الرؤية الوطنية على أرض الواقع، وتحتاج إلى الكثير من الاعتبارات المالية والاقتصادية والسياسية لإصدارها.
وأكد في حديث للجزيرة نت أن الحفاظ على قيمة العملة أهم من إصدارها، مضيفا “على سلطة النقد والمسؤول الفلسطيني سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أن يسأل كم نملك من احتياطي الذهب واحتياطي العملة الصعبة لحماية عملتنا الوطنية”.
ويتطلب إصدار العملة تحقيق التوازن والاستقرار والاستدامة في المالية العامة للسلطة الفلسطينية، والاعتماد على القدرات الذاتية للاقتصاد من أجل ضمان استقلالية ونجاح السياسة الاقتصادية بشكل عام، ليضمن نجاح صمود هذه العملة والحفاظ على قيمتها، بحسب أبو جياب.
واستبعد أن تتمكن السلطة الفلسطينية قريبا من إصدار عملة فلسطينية، مشيرا إلى أن مثل هذا القرار يحتاج إلى استقلال الدولة والاقتصاد والقرار السياسي والاقتصادي والأمني للفلسطينيين.
من جانبها، اعتبرت مديرة أحد فروع بنك “القدس” في مدينة غزة سهى خضر أن الاحتلال الإسرائيلي لن يسمح بتمرير مثل هذا القرار.
وقالت في حديث للجزيرة نت إن الفلسطينيين يعتمدون بشكل أساسي على البضائع الإسرائيلية، مضيفة أن الاحتلال الإسرائيلي لن يتعامل مع هذه العملة ولن يسمح بإصدارها.
ورأت أن الظروف الراهنة والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة “تؤكد أننا لسنا جاهزين في هذا الوقت بالتحديد لإصدار العملة”.