Site icon IMLebanon

حول المسؤولية عن الفراغ الرئاسي (بقلم طوني أبي نجم)

 كتب طوني أبي نجم

 

أتحفتنا مجموعة من السياسيين اللبنانيين بمقولة باتت تتردّد على ألسنة كثيرين، وهي أن المسيحيين يتحملون وزر الفراغ الرئاسي!

للوهلة الأولى قد يظن البعض أننا لا نزال في الجمهورية الأولى ما قبل اتفاق الطائف حيث كانت للمسيحيين أرجحية واضحة سواء في مجلس النواب الذي كان يضمّ 54 نائباً مسيحياً و45 نائباً مسلما، وصولا الى صلاحيات رئيس الجمهورية التي كانت تجعل منه أشبه بامبراطور نظريا، نقول نظرياً لأن أي رئيس للجمهورية اللبنانية لم يمارس يوماً صلاحياته الدستورية كما نصّ عليها الدستور.

لكن مهلاً… مهلاً، فلا نحن في الجمهورية الأولى، ولا الاصطفافات اليوم طائفية بمعنى مسيحيون ضد المسلمين او العكس. نحن في الجمهورية الثانية، والاصطفافات في لبنان سياسية وليس طائفية. وبالتالي من غير المقبول على الإطلاق تصنيف أي أزمة على أنها مسيحية أو إسلامية، وخصوصا حين تعترف الأكثرية ضمنياً أن إيران هي المعطل الحقيقي في لبنان عبر “حزب الله” الذي يتلطى خلف حلم العماد ميشال عون الدائم بالوصول الى رئاسة الجمهورية.

موقع رئاسة الجمهورية هو الموقع الأول في البلاد، ورئيس الجمهورية هو رأس البلد كله ولو كان مسيحياً. وتعطيل انتخابات الرئاسة يقوم به “حزب الله” خدمة لأهداف إيرانية بحتة لا علاقة للعماد عون بها.

ولو أن “حزب الله” لا يعطل النصاب لكانت جرت الانتخابات قبل أكثر من سنة، ولما تمكن العماد عون وكتلته من التعطيل. هذا لا يقلل على الإطلاق من الدور التعطيلي لعون، وهو الدور العوني الدائم تحت شعار “أنا او لا أحد” في رئاسة الجمهورية، و”صهري أو لا أحد في قيادة الجيش”، و”لعيون (صهري) جبران ما تتشكل حكومة”!

لذلك فعن محاولة البعض رمي الكرة في ملعب المسيحيين تشكل لعبة مكشوفة لتبرير تقصيرهم في القيام بكل ما يلزم والضغط على حلفائهم لتأمين نصاب جلسات الانتخاب، بدءًا بالرئيس نبيه برّي الذي لم يقم بأي دور لمحاولة الضغط على “حزب الله” لعدم تعطيل النصاب، مرورا بتيار “المستقبل” الذي تمنّع لفترة طويلة عن إبلاغ عون الموقف الصريح برفض وصوله الى قصر بعبدا، وبالتالي استحالة اعتباره مرشحاً وفاقياً ولا توافقياً.

أما إذا كان رمي الاتهامات في ملعب المسيحيين لمحاولة تمرير ترشيح أسماء كاسم النائب السابق جان عبيد، والذي يتمنى وصوله كل من الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة ولا يمانع فيه النائب وليد جنبلاط، فإن ذلك يجعل من محاولة تحميل المسيحيين المسؤولية عن تعطيل الانتخابات الرئاسية مناورة فاشلة في ظل تعقيدات إقليمية جعلت من لبنان ورقة إضافية على طاولة المفاوضات في المنطقة.

أمر وحيد يمكن أن يعيد الاستحقاق الرئاسية الى الإطار اللبناني هو نزول كل الكتل النيابية الى مجلس النواب ووقف التعطيل الممنهج، سواء من “حزب الله” لإعطاء إيران ورقة إضافية على طاولة مفاوضاتها النووية، وسواء من “التيار الوطني الحر” في محاولة يائسة وفاشلة للرهان على إمكان وصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية.

لذلك فإن تعطيل الانتخابات الرئاسية في لبنان لا يتحمله المسيحيون على الإطلاق، بل إن من يتحمله هو فريق 8 آذار ممثلا بكتلتي “الوفاء للمقاومة” و”تكتل الإصلاح والتغيير”، ولن ينفع معهما الأداء التجميلي الواهي لكتلة “التنمية والتحرير” رغم كل فذلكات الرئيس بري السياسية والذي لا يزال يراهن على توافق إيراني- سعودي يكاد يكون في حكم المستحيل!