Site icon IMLebanon

شركات النفط العالمية توظف صدمة الأسعار لترتيب أوضاعها

OilPrices3

إد كروكس وكريستوفر آدمز

في الوقت الذي تتعارك فيه شركات النفط مع عواقب التراجع في قيمة النفط الخام خلال الأشهر التسعة الماضية، توصل بعضها إلى استنتاج متناقض مفاده أنها ربما تكون أفضل حالا مع الأسعار المنخفضة، لا مع المرتفعة.

هذه الاستجابة لانخفاض بنسبة 45 في المائة في أسعار منتجها الرئيسي قد تبدو دلالة على الوقوع في الوهم. لطالما كان النفط بمنزلة عمل للمتفائلين، لكن هناك أسبابا حقيقية لشعور قادة شركات النفط العالمية الكبيرة، مثل إكسون موبيل وتوتال وبريتش بتروليوم، بشكل إيجابي بشأن آفاق الصناعة.

أدى انهيار أسعار النفط الخام إلى حملة منسقة من قِبل شركات النفط لإعادة ترتيب أوضاعها الخاصة، وإعادة تحديد العلاقات مع الموردين والحكومات.

قبل كل شيء، هناك نشاط مُكتشف حديثاً لخفض التكاليف. عندما كانت أسعار النفط في حالة ارتفاع، أصبحت الفاعلية من حيث التكاليف ذات أولوية أقل مقارنة بالتأكد من أن النفط سيستمر في التدفق. لكن ليس بعد الآن. وبحسب دانيال ييرجين، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة الأبحاث، آي إتش إس: “الصناعة كانت تُطارد البراميل، والآن تطارد الكفاءة”.

إذا ارتفع سعر النفط إلى 80 دولارا للبرميل، مثلاً، يمكن أن تكون الشركات أكثر ربحية مما كانت عليه عندما كان 110 دولارات. حتى عندما كان النفط الخام في تلك المستويات الأعلى كان الأداء المالي لشركات النفط الكبيرة متواضعاً.

انخفض متوسط العائد على رأس المال لدى شركات النفط الأمريكية والأوروبية الكبيرة من 21 في المائة عام 2000 إلى 11 في المائة عام 2013، على الرغم من أن متوسط سعر خام برنت القياسي ارتفع من 29 دولارا إلى 109 دولارات للبرميل خلال تلك الفترة. وهو ما يعني أن الزيادة في التكاليف كانت أكبر من الارتفاع في الإيرادات.

وبدأت شركات النفط الكبيرة، تحت ضغط من المساهمين المستائين، باتخاذ خطوات لتشديد ضوابط رأس المال وتحسين العوائد حتى قبل الصيف الماضي. وجاء الانهيار في أسعار النفط ليحفز تلك الجهود.

باتريك بويانيه، الرئيس التنفيذي لمجموعة توتال الفرنسية، قال لمؤتمر صناعة النفط، آي إتش إس سيراويك، في هيوستون الأسبوع الماضي: “علينا اتخاذ هذه الفترة الصعبة فرصة لتنظيم صناعتنا”.

وفي حالة توتال، هذا يعني تخفيض مستوى السعر إلى المستوى الذي تكفي فيه الإيرادات لتغطية التكاليف؛ من 110 دولارات إلى 70 دولارا للبرميل.

وأضاف بويانيه إن الشركة بالكامل تُدرك أهمية ما تقوم به. وتابع: “يمكنني أن أقول لكم، إن حشد الجهود عند مستوى 50 دولارا للبرميل أسهل مما لو كان 100 دولار للبرميل”.

وهناك شركات أخرى تجري مناورات مماثلة. ستيفين تشيزن، الرئيس التنفيذي لشركة أوكسيدنتال بتروليوم، قال أمام المؤتمر نفسه: “عليك أن تكون قادراً على البقاء على قيد الحياة، ليس فقط عند مستوى 60 دولارا، لكن ربما أقل”.

وأبسط طريقة تخفض بها شركات إنتاج النفط التكاليف هي أن تدفع أقل للموردين. وكانت الشركات الكبيرة تُطالب بتخفيض الأسعار، وكان الضغط الواقع على شركات الخدمات ينعكس في شكل تخفيضات كبيرة في الوظائف: تم تسريح 20 ألف شخص من شلومبرجر، و10500 من بيكر هيوز، وتسعة آلاف من هاليبرتون. والأهم من ذلك، أن الشركات تعمل على تغيير طريقة تصميم وتشغيل مشاريعها لجعلها أكثر كفاءة. يقول كريستيان براون، رئيس وحدة النفط والغاز في مجموعة الهندسة الكندية، إس إن سي لافالين، إن تكاليف المشاريع يمكن أن تنخفض بشكل كبير من خلال تدابير مثل تعظيم الاستفادة من التصاميم الموحدة.

ويقول إلدار سيتري، الرئيس التنفيذي لمجموعة شتات أويل، إن الشركة تعمل مع مورديها لتطوير معدات موحدة ليتم استخدامها في قاع البحر.

وبالنسبة لتوتال، فهي تقول إن التركيز على التكاليف بدأ يؤتي أكله بالفعل. وكانت الشركة قد خططت العام الماضي لمشروع يُسمى كاومبو قبالة ساحل أنجولا، بميزانية تبلغ نحو 12 – 13 مليار دولار. وعندما جاءت العروض من المقاولين، ارتفعت التكاليف إلى 20 مليار دولار، لكن بعد “مناورة مُكثّفة للأمثل”، تمكّنت من إعادة التكلفة إلى 16 مليار دولار. وهذا كان أكثر مما كانت تأمله في الأصل، لكنها منخفضة بما فيه الكافية لمنح المشروع الضوء الأخضر.

وهناك شركات أخرى كانت تعمل أيضاً على “إعادة تدوير” المشاريع ـ بلغة الصناعة تأجيلها من أجل إعادة التقييم ومعرفة ما إذا كان من الممكن تنفيذها بتكاليف منخفضة. وحصلت “بريتش بتروليوم” الشهر الماضي على بعض الموافقات التنظيمية التي تحتاج إليها للحصول على نسخة منخفضة التكاليف من مشروع “ماد دوج 2” Mad Dog 2 في خليج المكسيك، وهو مشروع مشترك مع بي إتش بي بيليتون وشيفرون.

تحوّل آخر في مصلحة شركات النفط هو أن بعض البلدان تُقدّم لها معاملة أفضل لجذب الاستثمار. فقد أعلنت الحكومة البريطانية الشهر الماضي تخفيضات كبيرة في الضرائب على أرباح النفط والغاز في بحر الشمال، بعكس الارتفاع الذي فُرِض في عام 2011. وكانت حكومة العراق قد أعلنت أنها تعتزم مراجعة عقودها مع شركات النفط الأجنبية لجعل الشروط أكثر جاذبية.

ستكون هناك تأخيرات، ربما تدوم لأعوام في بعض الحالات، قبل أن تتحقق آثار جميع هذه التغيرات. ويقول كام ساهيلي، من مكتب فينسون أند إلكينز للمحاماة: “إنها لن تدوم إلى الأبد. سيتم تثبيت معدلات الأسعار لفترة، ومن ثم عندما تنتعش السوق سيكون هناك زحف”.

مع ذلك، يقول مسؤولون تنفيذيون ومحللون إن الفرصة حقيقية لزيادة الأرباح مع ارتفاع سعر النفط.

ويقول جيمي ويبستر، من مجموعة آي إتش إس: “إن هذه التكاليف المنخفضة يمكن أن تمنح شركات النفط فرصة لاستعادة العوائد الأعلى التي تمتعت بها قبل 15 عاما، قبل ارتفاع السعر في العقد الماضي”.

وربما يتبيّن أن صدمة الأسعار المنخفضة هي تماماً العلاج الذي كانت تحتاج إليه الصناعة.