عزة الحاج حسن
تتزامن تحرّكات “المصروفين الجدد” من العمل في كازينو لبنان، مع بدء إدارة الكازينو المرحلة الثانية من الخطة الإصلاحية التي أعقبت أزمة الـ191 مصروفاً منذ أشهر، فمقابل صرف 27 عاملاً “متعاقداً” أخيراً، سيعمل على تثبيت 240 آخرين على مرحلتين.
وفيما ينتقل المصروفون الـ27 المتعاقدون مع شركة كريسنتام chrysanteme باعتصاماتهم من مدخل مصرف لبنان إلى مدخل الكازينو، تضع إدارة الأخير لمساتها الأخيرة على عقود تثبيتية جديدة لـ110 موظفين تابعين لشركة أبيلا، على أن يليهم 130 موظفاً نهاية العام الحالي، وبتثبيت 240 موظفاً جديداً تكون إدارة الكازينو قد طوت ملف المتعاقدين بشكل نهائي.
وطالما أن إدارة الكازينو تقوم بعمليات صرف يقابلها عمليات تثبيت، وبالتالي تتحمل ارتفاع تكاليف الموظفين الجدد (240)، فكيف يمكن تبرير صرف موظفي الإستقبال ومواقف السيارات عبر فسخ العقود مع شركتي chrysanteme وVIP بهدف خفض الأعباء؟ سؤال يدور في بال كثيرين، ويجيب عنه مصدر إداري رفيع في إدارة الكازينو، لـ “المدن”، بالقول إن التكلفة المادية التي يرتّبها تثبيت 240 موظفاً تفوق بطبيعة الحال ما تم توفيره من مبالغ جراء عمليات الصرف، ولكن من غير الممكن مقاربة مسألتي التثبيت والصرف مادياً، إذ لكل منهما أسبابها وحيثياتها.
فبالنسبة إلى مصروفي شركتي، chrysanteme المعنيين بمهام قسم الإستقبال والتشريفات، وVIP المعنيين بمهام تنظيم مواقف السيارات، يكشف المصدر أن إدارة الكازينو كانت تتكلّف على هذين العقدين ملايين الدولارات التي كانت تذهب الى إدارتي الشركتين ولا يطال موظفيهما سوى الفتات، إذ لم يتجاوز راتب الموظف منهم الـ800 دولاراً بأحسن الأحوال. ويعتبر أن إدارة الكازينو عندما فسخت العقود مع الشركات الخاصة وفقاً للخطة الإصلاحية أبقت على عقدها مع شركة ATDC المعروفة بشركة أبيلا، وهي المشغلة لجميع ألعاب القمار، واصفاً موظفي أبيلا بالكادر المنتِج.
وإذ يرفض المصدر “ربط عمليتي الصرف والتثبيت بشكل مباشر”، يشرح بالأرقام التكلفة الإضافية لعملية تثبيت 110 موظفين من شركة أبيلا بعد أيام عديدة على أن يثبت 130 آخرين نهاية العام الجاري، “فرواتبهم لن يطرأ عليها أي تغيير أو تعديل، والراتب الواحد لا يتجاوز المليونين ونصف المليون ليرة (2500000 ليرة) لكنهم سيبدأون بتقاضي منح إنتاج بنسبة 50 في المئة لمدة 3 سنوات ابتداء من تاريخ التثبيت، على أن ترتفع النسبة بعد ثلاث سنوات الى 130 في المئة، أسوة بزملائهم الموظفين. وبتعبير آخر المثبتون الجدد سيتقاضون 32 راتباً في السنة إذا أضفنا المنح الإنتاجية (bonus) الى مخصّصاتهم، كما أنهم سيستفيدون بعد التثبيت من الإمتيازات المتعلّقة بالطبابة والتعليم والمواصلات وغيرها..
وبعتبر نقيب عمال موظفي الكازينو هادي شهوان أن الموظفين المنوي تثبيتهم لا يمكن اعتبار مخصّصاتهم “إضافة أعباء”، لأنهم عنصر إنتاج فعلي، ولا يمكن الإستغناء عنهم لأنهم المشغّل الأساس لآلات القمار في الكازينو، كما لا يمكن مقارنتهم بالمصروفين القدامى الذين بغالبيتهم لم يكونوا عنصر إنتاج مطلقاً، ولا بالمصروفين الجدد الذين يتبعون شركة chrysanteme ويقومون بمهام معيّنة. وهنا يكشف شهوان في حديثه لـ “المدن” عن مساعٍ تقوم بها النقابة في سبيل حل قضية المصروفين الـ27، من خلال إعادة التعاقد معهم مباشرة وليس عبر شركتي chrysanteme، مراهناً على وقوع خلل أو تقصير في قسم الإستقبالات، “ما يشكّل دافعاً لدى إدارة الكازينو لإعادة الموظفين المصروفين أو بعضهم على الأقل”.
وفي السياق يشير المصدر في الكازينو إلى أن “سبب عدم إصدار إدارة الكازينو أي توضيح في شأن مصروفي chrysanteme الـ27 وvip الـ16 على الرغم من الصولات والجولات التي يقومون بها بين مصرف لبنان والكازينو، يعود إلى أن الإدارة مصرّة على حصر تعاطيها بالشركة التي تعاقدت معها بالأصل أي chrysanteme لصاحبتها باسكال عقيقي، وهي ترفض رفضاً قاطعاً التفاوض مع موظفين تابعين لشركة خاصة تم فسخ العقد معها، وبالتالي فحقوقهم محصورة بالشركة المشغّله لهم، لاسيما بعد رفض وزارة العمل التدخل بالقضية، “بسبب عدم قانونية العقود التي تحمل تواقيع الموظفين والتي تربطهم بالشركة”.
بين صرف موظفين وفسخ عقود مع شركات خاصة من جهة، والإلتزام بتثبيت موظفي أبيلا على مرحلتين من جهة أخرى، يستكمل كازينو لبنان خطته الإصلاحية، من خلال فتح باب التقاعد المبكر على الرغم من ارتفاع تكلفة التعويضات التقاعدية، وذلك في سبيل ترشيد الإنفاق على المدى البعيد، لعل بذلك يخفض منسوب الهدر والفساد في أحد أكثر مرافق الدولة إنتاجية.