توقيفات ومداهمات بالجملة تنفذها استخبارات الجيش في صيدا تعقباً لمناصري المطلوب أحمد الأسير. كأن القضية فتحت من جديد برغم دخولها عامها الثاني. رغم استخفاف كثيرين، لا تزال نار الأسير تحت الرماد تجذب وتجنّد وتؤثر وتخطط لأعمال إرهابية انتقامية في بوابة الجنوب
“أرجو من إخواني المسارعة إلى التواري عن الأنظار كي لا يقعوا فريسة بيد الأجهزة الأمنية، ولا سيما في صيدا. سعيت جاهداً لنصرة أمتي بحسب استطاعتي، ويُؤسفني أن أرى إخواني يُطاردون ويُعذبون ويُقتلون وسط صمت رهيب من أبناء ديني في لبنان”. هكذا ناشد المطلوب أحمد الأسير أنصاره عبر حسابه على موقع تويتر مساء أمس، وذلك بعد حملة مداهمات وتوقيفات نفّذتها استخبارات الجيش في الأيام الماضية في صيدا ومنطقتها.
منذ أشهر، خفّ الضغط على الأسيريين، لكنه استؤنف قبل أسبوعين بعد توالي اعترافات شيخ مسجد هارون في بحنين الموقوف خالد حبلص الذي كان من أبرز المؤيدين والداعمين لحركة الأسير، ودعا إلى مؤازرته عسكرياً في معركته ضد الجيش وأطلق “الثورة السنية”، حتى وصف بأنه “أحمد الأسير الثاني”. وبحسب مصادر متابعة، اعترف حبلص بأنه “آوى الأسير في منطقة القبة في الآونة الماضية. وأنه، قبل اعتقاله بيومين فقط، عاد الأسير إلى صيدا”. أما من كان يتفقده في لجوئه الشمالي ويؤمن له أدويته، فهو معتصم قدورة، “نجل سعد الدين قدورة المسؤول العسكري السابق في الجماعة الإسلامية. وقد انتقل معتصم من صفوف الجماعة إلى جماعة الأسير مع شقيقه مصعب، مع صعود حركة مسجد بلال بن رباح، حتى غدا من أركان الحركة الأسيرية”. وإثر معركة عبرا، توارى مع شقيقه لفترة قبل أن يعاود الظهور ويتابع حياته الطبيعية، علماً بأنه موظف رسمي في إحدى الدوائر المالية في بيروت، فيما تعمل زوجته في الدائرة المالية في صيدا. وفاء معتصم لشيخه لم تبدّده أحداث عبرا. بحسب المصادر، “بقي على اتصال مع الأسير خلال وجوده في صيدا وخلال انتقاله إلى الشمال، وهو من أعاده إلى صيدا حيث لا يزال متوارياً في المدينة، وليس في المخيم”. وتقول المصادر إن زوجته كانت ترافقه إلى الشمال بهدف التمويه على حركته أمام القوى الأمنية. وتضيف أن “دوره لم يتوقف هنا، بل ارتبط بخلية إرهابية أسيرية كانت تحضر لتنفيذ عمل أمني في صيدا”.
أهميته دفعت استخبارات الجيش إلى تمشيط محيط منزله في شرحبيل عند بدء عملية اعتقاله. لكنه استطاع الفرار والدخول إلى عين الحلوة، بحسب المصادر، فيما اعتقلت زوجته التي كانت في المنزل وجرى التحقيق معها في وزارة الدفاع قبل إخلاء سبيلها. وبتفتيش منزلهما، عُثر على وصيتهما التي يشير نصها إلى توقهما “إلى الاستشهاد” ووجها فيها التحية “إلى شيخي ومعلمي الأسير”. الكشف على كاميرات المراقبة في محيط منزل قدورة، أظهر كلاً من أحمد ومحمد وعبد الرحمن حجازي يساعدونه على الفرار. وقد أوقفهم الجيش قبل يومين.
وقبل أسبوع من مداهمة منزله، تواصل قدورة مع عدد من أركان الحركة الأسيرية في صيدا لإعادة تجميع عناصرها وتجنيد عناصر جديدة وتشكيل خلايا ارهابية صغيرة. وهو المشروع الذي كان يقوم به حبلص في الشمال.
وليل الأحد، دهمت قوة من الاستخبارات منزلاً في شرحبيل بداخله الأسيريان محمد عجيل وحسن الدغيلي اللذان “يشكلان خلية إرهابية” بحسب بيان قيادة الجيش. ويوم أمس، أوقف الجيش وسيم الزبري خلال مروره على حاجز الأولي. والأخير من أبرز أركان الحركة الأسيرية للشؤون الأمنية.
التوقيفات حتى الساعة جاءت، بحسب المصادر، نتيجة اعترافات حبلص التي تلاقت مع اعترافات كل من الفلسطيني محمود مرعي (قاتل في معركة عبرا وتوارى عن الأنظار إثرها) الذي أوقف الأسبوع الفائت خلال دخوله إلى عين الحلوة من قبل قوة من شعبة المعلومات في الأمن العام، وزياد عبدالله الملقب بـ”أبو طارق مبارك”، الذي خرج من المخيم وسلم نفسه للأمن العام في صيدا في الوقت ذاته.
لكن ماذا عن الأسير المتواري والذي طلب من مناصريه التواري؟ تستند المصادر إلى اعترافات الموقوفين حديثاً لتؤكد أن الأسير موجود حالياً في صيدا، وأن “الخناق من حوله بات أضيق، أكثر من أي وقت مضى”. وبعد تدحرج الرؤوس من ماجد الماجد إلى جمال دفتردار حتى خالد حبلص وأسامة منصور، لا تستبعد المصادر أن دور الأسير قد حان أيضاً. خلية باب السرايا التي ضبطت في تشرين الفائت نتيجة اعترافات أحمد سليم الميقاتي وتبين علاقة حبلص بها، ثم خلية شرحبيل الأخيرة، تؤكدان أن الأخطبوط لا يزال قادراً على التمدد.