حسام الحسن
لطالما عُرفت مدينة طرابلس عبر العقود الماضية بصناعة المفروشات حتى أطلق عليها البعض اسم عاصمة المفروشات في لبنان والعالم العربي، وبقيت صناعة المفروشات فيها خلال الحرب الأهلية وحتى أوائل التسعينيات بحالة جيدة وشهدت ازدهارا واسعا وكان يعيش من ريعها آلاف العائلات في طرابلس والشمال. إلا ان ثمة تغييرا طرأ عبر إصدار قوانين في منتصف التسعينيات سمحت للتجار بإغراق الأسواق بالمفروشات الأجنبية، وكانت طرابلس تصدّر كميات كبيرة من المفروشات وكانت مصانعها بحالة ازدهار واسعة إلا انها اصطدمت بأن فاضت الأسواق اللبنانية بالمفروشات الأجنبية من كل بلدان العالم، كأندونيسيا وماليزيا والصين وغيرها، وتعطّلت المصالح المحلية وبدأت فصول محاربة قطاع المفروشات في طرابلس والشمال بكل الأشكال بالإضافة الى الظروف السيئة على اختلاف أنواعها التي واجهتها المدينة بسبب جولات العنف التي حصلت فيها، ووصلت الأمور الى أدنى مستوياتها.
«لواء الفيحاء والشمال» كان له جولة على أرباب صناعة المفروشات في طرابلس، وكان حديث عن مطالبهم وهمومهم ومشاكل العاملين بهذه المهنة وتناولت أهم المشاكل التي يواجهونها وعن أهم الأسباب التي أدّت بهذه «المصلحة» التاريخية التراثية الى المزيد من الإنحدار والتراجع، وكانوا قد أكدوا انهم يواجهون واقعا صعبا في ظل مزاحمة أجنبية لنتاجهم وغلاء في سعر المواد الأولية، واشتكوا من القوانين التي صدرت عام 1995 والتي حَمَتْ التجار وأصحاب رؤوس الأموال على حساب الصناعيين. كما تحدثوا عن مشروع لهم بإقامة معرض دائم للمفروشات في طرابلس.
حرب
{ نقيب أصحاب الصناعات الخشبية والمفروشات عبد الله حرب قال: كان قطاع صناعة المفروشات عصب الاقتصاد في الشمال ويؤمّن فرص عمل لآلاف الشباب في الشمال، وكان 85 بالمئة من أهالي الشمال من الصناعيين ومن لم يستطيعوا أن يعلّموا أولادهم يحوّلونهم نحو المهن الحرة، وأبرزها صناعة المفروشات.
وأضاف: منذ عام 1975 حتى 1995 كان قطاع صناعة المفروشات محميا من قبل الدولة اللبنانية، وكانت الدولة تمنع دخول المنتجات من المفروشات الأجنبية الى لبنان، وبعد ذلك سمحت القوانين الجديدة بإستيرادها وبدأ تجار المال الذين لم يتركوا شيئا من التجارة إلا وتاجروا فيها، التجارة بالأديان والبشر والحجر، وفرضت القوانين على حساب الصناعات المحلية عقوبات جماعية.
وفي أيام الرئيس كميل شمعون كانت تسمع أصوات النقابات قبل كل شيء، واليوم ومنذ 1995 بدأ يتراجع دور النقابات وبدأت أيضا عملية الإستيراد للمفروشات من الخارج وسيطرة التجار وأصحاب رؤوس الأموال على الأسواق وحرمت آلاف العائلات من العمل.
وتابع: عندما تواصلنا مع المسؤولين أكدنا انه يجب أن نحمي هذا القطاع وغيره من القطاعات المنتجة، وتواصلنا مع كل الوزارات المعنية ووزارة الاقتصاد والصناعة وأكدنا اننا نرفض التواطؤ لمصلحة التجار وطالبنا بتصريف الإنتاج وبحماية لهذه المصلحة، لا سيما اننا أصبحنا في وضع يرثى له. هناك أناس باعت بيوتها ومحلاتها، ومنهم من غرّبوا أولادهم، والبعض الآخر قد أفلسوا و«اختربت بيوتهم». كما أن جولات طرابلس التي حصلت أثّرت على كل شيء، حتى صناعة المفروشات لم تسلم من نتائجها وتداعياتها للأسف، والتي رسمت لطرابلس صورة بشعة منعت اللبنانيين من زيارة المدينة، دائما خائفين من أن تندلع المعارك أو أن تحصل خضّة أمنية فجائية في المدينة، لقد أصبحت طرابلس «بعبع». هذا عدا الإعلام الذي يؤذينا ويصوّر طرابلس على أنها مدينة الإنفلات الأمني والقتال والمعارك».
أضاف: «كنا نصدّر حوالى 20% من صناعتنا الى الخارج و80% نخصصها للأسواق المحلية. انعكست المعادلة، لقد أصبحوا يستوردون المفروشات من الخارج بحوالى 85% و15% صنع محلي. هناك مشروع إسمه «اليونيدو» هدفه حماية الإنتاج المحلي والتدريب للشباب اللبناني أيضاً، طالبونا بصناعة مفروشات تتمتع بجودة عالية على أن يتم شراؤها منا وتصديرها للخارج، مما يساعدنا على تصريف إنتاجنا عن طريق عرض بضاعتنا في معرض طرابلس الدولي».
وختم حرب: «إن شاء الله طرابلس ستعود وبقوة وستأخذ دورها الطبيعي وستبقى عاصمة المفروشات في لبنان والعالم العربي.. مطالبنا بسيطة، أولاً أن نحصل على معرض دائم نعرض فيه بضاعتنا وإنتاجنا، وثانياً حماية الإنتاج المحلي عبر منع إستيراد الصناعات الأجنبية من المفروشات».
عنتر
{ من جهته أمين سر نقابة أصحاب صناعة المفروشات والصناعات الخشبية فؤاد عنتر رأى ان المهنة تواجه مشكلة كبيرة، ولفت الى ان أولاده وأحفاده كانوا يعملون في صناعة المفروشات إلا ان الظروف التي واجهتها هذه المهنة فرضت عليهم الهجرة.
وأضاف ان أبرز المشاكل التي واجهتها هي الإستيراد من الخارج، فكل بلدان العالم تصدّر إلينا، من فرنسا، تركيا، اندونيسيا، أميركا، ماليزيا والصين.. ولعل الصين هي الأكثر ضررا، والمطلوب منع الاستيراد غير القانوني وحتى القانوني ودعم الصناعة المحلية.
جنيد
{ أما غازي جنيد فقد قال: اعمل في تصنيع المفروشات من مكاتب وغرف نوم وصالونات منذ سنين، واليوم نواجه مشكلة كبيرة بسبب مزاحمة البضائع الأجنبية بالرغم من اننا نتميّز بعلمنا وبالمواد الأولية التي تستخدم في صناعاتنا.
وطالب جنيد بتحريك هذه المصلحة عبر منع الإستيراد وتنظيم المهنة ومنع المزاحمة الأجنبية للعاملين بها.
عوض
{ سالم عوض قال: نحن نملك مصنعا للمفروشات منذ عام 1972 وكان يعمل فيه أكثر من ثلاثين عاملا وتغيّرت الظروف وخاصة بسبب الوضع الأمني الذي منع الزبائن من المناطق المجاورة من النزول للتبضع في طرابلس، والأسوأ من ذلك ان كمية البضائع الأجنبية المستوردة أغرقت الأسواق دون أي رقابة. وطالب عوض بمنع العمالة لغير العامل اللبناني ومنع الإستيراد.
دنش
{ أما خالد دنش فقد تحدث قائلا: بدأنا العمل بهذه المهنة منذ السبعينيات في وقت لا مساومات على أرزاقنا وكانت المواد الأولية رخيصة ولم تكن البضائع الأجنبية تغزو الأسواق كما اليوم. أما اليوم فقد تدخّل زعماء البلد ودعموا إستيراد المفروشات ما أدى الى ان وصلنا الى حالة سيئة جدا، كنا نشغّل العشرات من العمال واليوم نحن نواجه المزاحمة الأجنبية وتعطّلت مصالحنا.
الحلبي
{ محمد الحلبي لفت الى انه ومنذ عشرات النسين يعمل في مصلحة صناعة المفروشات، وكانت هذه الصناعة في أوّجها وبعد عام 1994 بدأت تتراجع وصولا الى عام 2006 حيث تراجعت بشكل كبير، وأبرز المشاكل هي إغراق الأسواق بالصناعات الأجنبية.
وأكد الحلبي ان على الدولة النظر بحال أرباب هذه المهنة ووقف تهريبها وإفساح المجال لتصريف النتاج المحلي.
يوسف
{ محمد يوسف رأى ان مشاكل كبيرة أصابت العاملين في قطاع صناعة المفروشات في طرابلس بسبب الوضع الأمني أولا وبالتالي المزاحمة الأجنبية.
وقال: نحن اليوم نعاني الكثير من غلاء المواد الأولية ونرى ان الدولة غائبة عنا، ولا يُسأل عن حالتنا.
أسعد يوسف
{ أسعد يوسف لفت الى انه منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري رحمه الله بدأ سوق صناعة المفروشات بالتراجع، وكل سنة يزداد سوءا الى أن وصلنا الى حالة ركود كبيرة واتجهت الناس نحو المستورد الذي ضارب على المنتجات المحلية بالرغم من الجودة العالية التي تتميّز بها صناعاتنا.
وأكد ان الوضع الاقتصادي ساعد في ذلك، كما الوضع الأمني السيئ مع محاولات البعض تصوير المدينة بقندهار. وطالب يوسف بوقف الإستيراد للبضائع الأجنبية وعدم إغراق الأسواق بالصناعات الخشبية غير اللبنانية.