Site icon IMLebanon

الاعتماد الزائد على الميراث يعرّض تقاعد المقيمين في الإمارات للخطر

Emirates-Youth
قد يبدو الميراث قاعدةً معتمدةً في الحياة، إذ أن أكثر من أربعة أشخاص من بين خمسة (84%) من هم في سنّ العمل في دولة الإمارات، وأكثر من ثلاثة أرباع الأشخاص حول العالم (74%) يتوقّعون أن يتركوا مدّخراتهم لأولادهم. إلا أنّ بحثاً جديداً مستقلاً أجري بناءً على طلب بنك HSBC كشفَ أنّ الميراث التقليدي يتعرض لخطر الاندثار ، مع اضطرار المدّخرين أكثر فأكثر إلى إعادة توزيع مدّخراتهم على مدار حياتهم. واستندت النتائج إلى مسح شمل 15 بلداً و16 ألف شخصاً، أكثر من ألف منهم من دولة الإمارات.
ولقد كشف “تقرير مستقبل التقاعد لعام 2015: خيارات للحياة المستقبلية” (Future of Retirement 2015: Choices for later life) الذي أعدّه بنك HSBC بروز مفهوم “الميراث المعيشي أو الحياتي” بشكل متزايد، إذ يواجه الكثيرون من هم في سنّ العمل في دولة الإمارات صعوبةً في ادّخار الثروات التي يجمعونها خلال مسيرتهم المهنية ليتركوها لأجيالهم المستقبلية. ويشكّل ذلك قلقاً متنامياً في بلادنا ، فعلى الرغم من أنّ نصف الأشخاص من هم في سنّ ما قبل التقاعد في دولة الإمارات يقولون أنّهم يتوقّعون الحصول على ميراث في المستقبل، في حين أن أقل من اثنين من بين خمسة أشخاص قد حصلوا بالفعل على ميراث ، ممّا يُظهر تبايناً بين الآمال والواقع.
دعم المعالين عامل يلقي بثقله على الادخار
يقول نحو سبعة من بين عشرة أشخاص في دولة الإمارات (69%) بأنهم يرون من الأفضل إنفاق بعض المال وادخار بعضه للجيل المقبل، ويقول 15% أنه من الأفضل أن يتركوا أكبر قدر ممكن من المال لأطفالهم. وبالتالي، من الواضح أنّ للميراث أولوية هامة بالنسبة للغالبية العظمى في الدولة. ولكن، على الرغم من أنّ بعض الأشخاص من هم في سنّ العمل بإمكانهم التحكّم أكثر بقراراتهم المالية، إلا أن الأغلبية منهم يواجهون خياراتٍ ماليةٍ صعبة ويجدون صعوبةً متزايدة في الادّخار.
وعلى وجه التحديد، فإن الالتزامات المالية تجاه المعالين تعيق من قدرةَ الأشخاص ليس على ادخار المال لتقاعدهم فحسب، بل أيضاً على ترك ميراث للمقرّبين إليهم. ويبرز هذا التوجّه بوضوح بالغ بشكل خاص في دولة الإمارات، إذ يرى نحو 92 في المئة من الأشخاص من هم في سنّ ما قبل التقاعد أنّهم يقدّمون الدعم المالي بشكل منتظم إلى شخص واحد آخر على الأقل، ويشكلّ هذا الرقم واحداً من أعلى المعدلات في العالم، ويتخطّى بأشواط المتوسط العالمي الذي يبلغ 73 في المئة. وتسجّل بلدان أخرى ومنها أندونيسيا (96%)، وماليزيا (92%)، والهند (90%) نسبةً عالية من الأشخاص الذين لديهم نفس الرأي ، بينما لا يواجه المقيمون في دول غربية مثل المملكة المتحدة (57%)، وأستراليا (61%)، والولايات المتحدة الأميركية (62%) هذه المشكلة بنفس الحدّة.
وتعليقاً على هذه النتائج، قال خالد الجبالي، رئيس الخدمات المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الإمارات العربية المتحدة والشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بنك HSBC الشرق الأوسط المحدود: “نظراً للنسبة العالية من المغتربين في الإمارات بمن فيهم القادمون من البلدان الغربية والآسيوية والعربية، فإنه ليس من المفاجئ أن نرى الغالبية هنا يقدّمون الدعم باستمرار إلى مُعاليهم. ومع أنّ هذا الشعور يبدو واضحاً جداً هنا، فهذا يصعّب على الأشخاص تركَ ميراث لورثتهم أكثر وأكثر”.
وتابع قائلاً: “لذلك، من غير المفاجئ أنّ تشكّل فكرة المسؤوليات المالية المتواصلة عبئاً على أذهان الناس، فأكثر من سبعة من بين عشرة أشخاص في دولة الإمارات (73%) قلقون حيال عدم قدرتهم على دعم العائلة أو الأصدقاء مالياً في مرحلة لاحقة من حياتهم. لذا فإنه من الضروري بالنسبة للأشخاص من هم في سنّ ما قبل التقاعد إعداد خطةٍ ماليةٍ واقعية تأخذ في الاعتبار الالتزامات واسعة النطاق، فضلاً عن احتياجاتهم المالية الخاصة على المدى الطويل”.
لا يجدر الاتكال كثيراً على الميراث: الأمل في مواجهة الواقع
يُظهر الأشخاص من هم في سنّ ما قبل التقاعد، جرّاء عوامل اقتصادية مختلفة، مستويات مختلفة من الثقة في قدرتهم على ترك ميراث لأطفالهم. في الواقع، على الرغم من أنّ 85% من الأشخاص يتوقّعون أن يتمكّنوا ترك ميراث للمقرّبين إليهم، فإن 45% منهم فقط يبدون واثقين من ذلك. ويتجلّى هذا التفاوت بين الآمال والواقع أكثر عندما يتبيّن أنّ 39% فقط من الأشخاص من هم في سنّ العمل في دولة الإمارات أقروا بأنّهم حصلوا على ميراث، بينما يرى أكثر من النصف (53%) بأنّهم سيحصلون على ميراث في المستقبل.
وأضاف خالد الجبالي قائلاً: “من غير المطمئن أن نرى أنّ ثلاثة أرباع من حصلوا على ميراث أو يتوقّعون الحصول على ميراث يعتقدون بأنّ ذلك سيساهم في تمويل تقاعدهم، خصوصاً وأنّ أكثر من الثلث (36%) يعتقدون بأنّ الميراث سيموّل حياتهم ما بعد العمل بالكامل أو إلى حد كبير. وباعتبار أنّ أكثر من النصف (55%) من السكان من هم في سنّ العمل في دولة الإمارات يشعرون بأنّهم غير جاهزين بما يكفي للحياة ما بعد العمل لأنّهم لم يبدأوا بالادخار باكراً، فهم يضعون أوضاعهم المالية المستقبلية على المحكّ باعتمادهم على ميراث تقلّ احتمالات حصولهم عليه بشكل متزايد.”
واختتم قائلا: “تبعاً لدراساتنا وتفادياً للصعوبات في المستقبل، فإنه لا يجدر على الأشخاص من هم في سنّ ما قبل التقاعد الاعتماد على الميراث بشكل حصري لتمويل تقاعدهم، ومن الضروري أن يبدأوا بالادخار للحياة ما بعد العمل في أقرب وقت ممكن دون الاعتماد على الآخرين. وقد يجد من لا يضع خطة للادخار أنّ الحصول على أي نوع من الميراث ليس أمراً مستبعداً فحسب، بل أنّ التقاعد المريح يبدو بعيد المنال أيضاً”.