IMLebanon

“حزب الله” غير مرتاح لـ “طحْشة” عون التصعيدية

aoun-hezbollah

شكّلت التطورات السياسية والأمنية في لبنان خلال اليوميْن الأخيريْن إثباتاً جديداً لمتانة “الستاتيكو” الذي يحكم الواقع اللبناني والذي يُستبعد ان يطرأ عليه اي تغيير في المدى المنظور، رغم ان ذلك لا يعفي لبنان من كأس الاهتزازات والمفاجآت السلبية التي قد تكون ساحته عرضة لها في اي لحظة.

ولفتت مصادر وزارية لبنانية بارزة في هذا الإطار عبر صحيفة “الراي” الكويتية الى ان تمرير جملة ملفات حساسة في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء على رغم تصاعد الأجواء المتشنّجة اخيراً بين عدد من المكوّنات الأساسية للحكومة، جاء ليثبت ان القرار الكبير بعدم هزّ الواقع الحكومي لا يزال أقوى من العواصف السياسية العارِضة بدليل ان الجلسة فاجأت الرأي العام الداخلي باتخاذ قرارات بشأن ملفات قبعت طويلاً في خانة الحصار السياسي، بفعل الخلافات والمناكفات والفيتوات المتقابلة، مثل ملف مناقصة الهاتف الخلوي او السجون او تسليم “داتا” الاتصالات للأجهزة الامنية، وهي الملفات التي أُنجزت دفعة واحدة مساء الاربعاء.

كما ان المصادر أبرزت دلالة مهمة للدور التسهيلي الذي لعبه “حزب الله” في تمرير عدد من الملفات ولا سيما ملف الخليوي الذي يعود بمكسبه السياسي على الوزير بطرس حرب رغم ان حرب من 14 آذار هو خصم سياسي له ولحليفه الوزير جبران باسيل وقد شكل ذلك دلالة على قرار الحزب بالذهاب ما أمكن في تهدئة المناخ السياسي وإبعاد الاهتزازات عن الحكومة، علماً ان البارز كان ايضاً ان الحزب لم يفتعل مشكلة على قرار تزويد الاجهزة الأمنية “داتا” الاتصالات الذي عارضه ومرّ من دون موافقته ومع تسجيل تحفّظه.

في ذلك تقول المصادر الوزارية للصحيفة نفسها ان من الواضح تماماً ان الايام الأخيرة أبرزت تمايُزاً لعله الأكبر حتى الآن منذ تشكيل الحكومة بين رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون وحلفائه ولا سيما منهم “حزب الله” والرئيس نبيه بري. فالحزب لا يبدو مرتاحاً الى “طحشة” عون في إحراجه وحشْره في ملف رفض التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين على غرار ما فعل علناً بعد الاجتماع الاخير لتكتل التغيير والاصلاح. وفيما يلزم الحزب الصمت عن الحملة التصعيدية لعون، فان المصادر الوزارية تشير الى ان اجواء قوى 8 آذار عموما تعكس حرَجاً ظاهراً في التعامل مع التصعيد العوني، لان كل حلفاء عون مقتنعون بموجبات التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين وعدم منطقية المعركة لتعيين بدلاء جدد منهم في الظروف الحالية.

كما ان المصادر لفتت الى عامل طارئ لن يكون مساعِداً لحلّ الاشكالية بين عون وحلفائه، وهو الكلام الكثيف عن استعدادات اطلاق معركة القلمون من جانب “حزب الله” والنظام السوري، اذ في حال اندلعت المعركة في الساعات او الايام المقبلة فان ذلك سينعكس على الواقع الداخلي اللبناني بإمعان في التمسك بـ “الستاتيكو” الحالي بكل رموزه العسكريين والأمنيين، وتالياً سقوط كل رهانات العماد عون على تغيير هذه القيادات، فيما سيكون الى جانب الآخرين بمن فيهم الحلفاء ذريعة منطقية للتمديد. وتوقّعت تبعاً لذلك ان يقوم “حزب الله” بمحاولات حثيثة سرية جداً لإقناع عون بتهدئة الموقف راهناً، من دون اتضاح طبيعة هذه المحاولات التي يرجح ان تُتوج بلقاء بين عون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

وتشير هذه المصادر الوزارية الى ان الخطة الأمنية الجاري تنفيذها في الضاحية الجنوبية، ساهمت بدورها في استعادة ولو نسبية ومتدرجة لتهدئة إعلامية وسياسية بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” بعد تبادُلٍ حاد للحملات والسجالات، وان هذا التطور سينعكس تزخيماً متجدداً للحوار بين الفريقين اللذين سيعودان الى جولات عين التينة (حيث مقر الرئيس بري) في الرابع من مايو المقبل. ومع ان احداً ليس موهوماً بان هذا الحوار سيبلغ حدود التوافق على ملفات سياسية خلافية كبيرة، فان التطبيع الأمني الجاري يساعد على عودة الحوار من حيث توقف والمضي في محاولة متجددة للبحث في ملف الانتخابات الرئاسية الذي يشكل البند الثاني من جدول أعمال الحوار المتفَق عليه.