تعرض ديفيد كاميرون للاتهام من قبل اللورد لوسون، وزير مالية المحافظين السابق، بإعطاء وعود تعتبر “مكلفة ماليا أو غير حكيمة أو كليهما”، مع تصاعد الانتقادات حول إعلانات رئيس الوزراء المتعلقة بالسياسة الاقتصادية قبل الانتخابات.
تحسر الاقتصاديون على التعهد الأخير: قانون ربما يحظر على حكومة المحافظين رفع إيرادات الضرائب أو ضريبة القيمة المضافة أو التأمين الوطني.
وقالوا “إن ذلك ربما يقيد أيدي وزارة الخزانة في حالة حدوث صدمة اقتصادية”، بينما قال حزب العمال “إن المقترح كان حيلة يائسة”.
تظهر البيانات المنشورة عن الاقتصاد وكأن لديها شيئا مشتركا: إنها تتعارض مع الرسالة الرصينة في المالية العامة، التي أوجدها جورج أوزبورن، المستشار منذ عام 2010.
حاضر أوزبورن مرارا وتكرارا حزب العمال حول فقدان المصداقية في المالية العامة، ومع ذلك فإن خلال الحملة الانتخابية وضع خططا لنحو 20 مليار جنيه استرليني من الإنفاق غير الممول على دائرة الصحة الوطنية، وتخفيضات في الضرائب، وتجميد لأجور السكك الحديدية.
إن فكرة إقرار قانون يمنع حكومة المحافظين من رفع الضرائب تعد إجراء يأتي مباشرة من دليل الاستراتيجيات الذي وضعه جوردون براون، رئيس وزراء حزب العمال السابق.
في عام 2009، حين كان أوزبورن لا يزال في المعارضة، وقد سخر من وزير المالية، أليستير دارلينج، لاقتراحه قانونا يلزم حكومة حزب العمال آنذاك بالوفاء بأهدافها في خفض العجز.
قال أوزبورن “لم يشعر أي وزير مالية آخر خلال التاريخ الطويل للمكتب بالحاجة إلى إصدار قانون لإقناع الناس، بأن لديه الإرداة السياسية لتنفيذ ميزانيته”.
بالتالي، لماذا يقترح المحافظون القيام بالشيء نفسه؟ الإجابة البسيطة هي أن أوزبورن يعتقد أن لديه الكثير من رأس المال السياسي الذي يمكن أن يعتمد عليه، جراء استعادة الاقتصاد البريطاني صحته، بحيث يمكنه صرف بعض منه.
قال أحد حلفاء أوزبورن “ليس هنالك ناخب واحد يقول في نفسه: قد أصوت لمصصلحة حزب المحافظين، لكنني قلق من أنهم قد لا يكونون مسؤولين من ناحية المالية العامة”.
يصر المحافظون على أنهم قد أظهروا خلال الدورة البرلمانية السابقة أن بإمكانهم خفض العجز والحفاظ على الإنفاق على المستشفيات العامة وخفض الضرائب، ويعتقدون أن الناخبين سيثقون بهم للقيام بذلك مرة أخرى.
حقيقة أن كاميرون بدأ بإطلاق التزامات الإنفاق تلك قبل إعلان البيان العام الرسمي للمحافظين في الرابع عشر من نيسان (أبريل) الماضي، تعطي انطباعا بأن الحزب بدأ يفقد انضباطه.
قال اللورد لوسون، في مقال كتبه في صحيفة سبيكتاتور “أنا بعيد إلى حد ما هذه الأيام، لكن يبدو لي أن المحافظين كانوا على خطأ في تقديم سلسلة من الوعود، حيث كان كثير منها إما مكلف ماليا أو غير حكيم أو كليهما، الأمر الذي انتقص من شأن رسالتهم المركزية المتعلقة بالانتعاش الاقتصادي استنادا إلى التوجيه الدقيق”. على أي حال، أضاف قائلا “جورج أوزبورن جاء بعمل ممتاز في تمسكه بنهجه غير المريح، ونجاحه رغم التوقعات الواثقة من حزب العمال ومعظم وسائل الإعلام من أن النتيجة الحتمية قد تكون الفشل وانتشار البطالة على نطاق واسع. يستحق المحافظون فترة ولاية ثانية”. دفع الإعلان منذ انطلاق البيان العام مطالبات إيد ميليباند، زعيم حزب العمال، بأن الحملة تمر بحالة من الهلع.
يقول المحافظون “إن هذا كلام فارغ وإن وعودهم المتعلقة بقضايا مثل المستشفيات الوطنية وأجور السكك الحديدية، جاءت متزامنة مع وصول استمارات التصويت عبر البريد”.
أما الإعلان الأخير حول “تثبيت الضرائب لمدة خمس سنوات” فكان يهدف إلى طمأنة الناخبين بأنه – على عكس بعض السياسيين- منهم نيك كليج ووعوده المتعلقة بالرسوم الدراسية – قد يفي المحافظون بتعهداتهم.
مايكل سوندرز، المختص الاقتصادي لدى بنك سيتي قال “أنا لا أعتقد أن الأمر معقول جدا. إما أنه من ذلك النوع من الباعة المتجولين الذين يغررون بالزبائن البسطاء، الذي يستبعد بعض الزيادات الضريبية، ولكن يترك كثيرا من المجال لرفع الضرائب في مجالات أخرى، أو إذا كان الوعد حقيقيا، فإنه سيعمل على تقليل مصداقيتك المالية العامة لأنك تريد القدرة على رفع الضرائب إذا كان هدفك الأهم هو القضاء على العجر”.
قال جوناثان بورتس، مدير المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية “التفسير السمح للموضوع هو أن الأمر بلا معنى ولا يضيف أي شيء للتعهدات التي قدمها المحافظون من قبل، لكن الخطر المحتمل هو أنه يزيل المرونة اللازمة لضبط الضرائب فيما لو لم تسر الأمور كما نأمل أو نتوقع”.
إذا كان هنالك استمرار في انخفاض معدل النمو – بسبب التحسينات في الإنتاجية بمستوى متدن غير متوقع – قد يكون لدى المحافظين قليل من الخيارات المتبقية لرفع الضرائب من أجل تعويض النقص في الإيرادات، لأن التعهدات تغطي أكثر من ثلثي الإيرادات الضريبية الإجمالية، بحسب ما قال الاقتصاديون.
قال بول جونسون، مدير معهد الدراسات المالية “هذه 70 في المائة من العائدات. وهذا يجعل الأمر يبدو من المحتمل بشكل أكبر أن تفعل حكومة المحافظين أشياء سخيفة – زيادة ضرائب صناديق المعاشات بشكل أكبر، أو النظر في الضرائب المفروضة على الشركات والتهرب الضريبي – بحيث لا تترك أي شيء ما عدا الأشياء الخفية المعتمة”.
في اعتراض على التوافق العام في الآراء، قال مارك ليتلوود، المدير العام لمعهد الشؤون الاقتصادية، ذي التوجهات اليمينية “ينبغي لدافعي الضرائب إدراك ما لا تشمله تلك التعهدات. هنالك بالفعل زيادات متكررة بصورة عالية ولا يستهان بها في الرسوم موجودة أصلا في فترة البرلمان المقبلة، إضافة إلى زيادات كبيرة في إيرادات طوابع الدمغة”.