IMLebanon

المواقع الأمنية تتصدر المواجهة..هل تتعطل الحكومة؟

tamam-salam-government
ذكرت صحيفة “السفير” أن الاهتمام السياسي بالمواقع الأمنية، يتفوق على الانتخابات الرئاسية، برغم تداخل هذا وذاك، خصوصا في ضوء خوض رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون غمار “المعركتين” لحسابات متصلة به من جهة، وبترتيب بيته الداخلي من جهة ثانية.

وبين هذه المعركة وتلك، يبقى ملف الأمن أولوية، كونه يعبر عن تقاطع مصالح دولية وإقليمية ولبنانية، بتثبيت معادلة الاستقرار، ولو كانت فوائد كل طرف منها مختلفة عن حسابات الطرف الآخر.
في هذا السياق، ينعقد الحوار الوطني يوم الإثنين المقبل في عين التينة، وعلى جدول أعماله تقييم مجريات الخطة الأمنية في الضاحية الجنوبية وكيفية تثبيت ما أنجز سابقا في الشمال والبقاع وسجن روميه، فضلا عن إمكان تمدد بقعة الأمن إلى مناطق جديدة مثل “الزعيترية” و”النبعة” في شرق العاصمة.
وفيما تقف الحكومة مرتبكة أمام أي ارتدادات محتملة عليها وعلى المناخ اللبناني العام، في ضوء بدء العد العكسي لقضية قادة الأجهزة العسكرية والأمنية، يحاول كل طرف من الأطراف المعنية تدعيم موقفه، سواء باتجاه تأجيل التسريح أو الإقدام على التعيين، من دون إغفال حقيقة وجود عوامل خارجية غير مباشرة يمكن أن تحدد عمليا المنحى المفترض أن تسلكه الأمور في نهاية المطاف.
وليس خافيا، بحسب رواية أحد قياديي “التيار الوطني الحر”، أن العماد ميشال عون انتزع تفويضا من حلفائه بأنه إذا توصل إلى تفاهم على صيغة مع 14 آذا» وتحديدا “المستقبل”، يسيرون معه بالتعيين، وعلى هذا الأساس، عقد الاجتماع الشهير بين عون ورئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري، في “بيت الوسط” في الثامن عشر من شباط الماضي، ولكن الحريري الذي احتفل بميلاد ضيفه الثمانيني، طرح تعيين العميد عماد عثمان رئيس شعبة المعلومات خلفا للواء ابراهيم بصبوص في قيادة قوى الأمن الداخلي، فكان جواب “الجنرال” واضحا بالذهاب إلى مقايضة واضحة (deal) تشمل عثمان والعميد شامل روكز في قيادة الجيش)، إلا أن الحريري استدرك تجاوب عون الفوري بالقول إن هذا الإمر يجب إنجازه أيضا مع الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لأن الأخير معني برئيس الأركان، طالبا من عون التحرك باتجاه الإثنين معا، وقال له: “إن الأمور من عنده ستكون إيجابية إذا تم ترتيب الأمور مع الزعيمين الشيعي والدرزي”.
كان الحريري متيقنا أن جنبلاط مدد سابقا للواء وليد سلمان في رئاسة الأركان لسببين: أولهما، عدم رغبته في الدخول بعملية مفاضلة بين الضباط الدروز تحرجه مع عائلات معينة، وثانيهما، لأنه لم يكن يرغب بتعيين الأقدم رتبة بين الضباط الدروز، كونه خدم سابقا مع الرئيس العماد إميل لحود ولا تزال تربطه به علاقة جيدة.
وعلى قاعدة كسب الوقت، سارع عون إلى زيارة بري وطرح الأمر معه وكان جواب رئيس المجلس هو ذاته الذي يردده بأنه مع التعيين أولا وثانيا وثالثا، لكن إذا تعذر، فإنه لن يتردد في المضي بالتمديد لمنع الفراغ وحماية الاستقرار، وخاطب «الجنرال» قائلا بوجوب التشاور مع جنبلاط «لأننا لا نستطيع فصل قيادة الجيش عن رئاسة الأركان، فكان أن ذهب عون إلى جنبلاط وناقشا موضوع التعيينات الأمنية، وكان جواب الأخير “لا مشكلة لدي بتغيير القادة الأمنيين لكن شرط التوافق خصوصا مع “تيار المستقبل”، فإذا ساروا معك بالتعيين لا مشكلة عندي.. المهم هو أن لا تؤدي أية دعسة ناقصة إلى مشكلة معينة”.
وتشير الرواية نفسها إلى أن عون كان يشعر مع كل خطوة في هذا الاتجاه أو ذاك أن ثمة “قطبة مخفية” وأن البعض يضمر عكس ما يعلنه، وخير دليل على ذلك الرسالة الأخيرة التي نقلها إليه النائب الأسبق غطاس خوري من الحريري قبيل سفر الأخير إلى الولايات المتحدة، ومفادها بأن بري وجنبلاط هما اللذان يعرقلان تعيين شامل روكز في قيادة الجيش، وهنا انبرى “الجنرال” للقول بلغة غير مألوفة عند ضيفه: “إذا كان الأمر كذلك، تفضلوا («المستقبل») واطرحوا الأمر في مجلس الوزراء، وستكتشفون حقيقة موقف الجميع وبينهم بري وجنبلاط”.
وكان لافتا للانتباه أن خوري لم يقدم تعهدا واضحا، وهو الأمر الذي استوجب مبادرة الرابية إلى رفع السقف، من دون التشاور حتى مع أقرب الحلفاء، وذلك بعدما لمس أن هناك من يتعاطى مع ملف قيادة الجيش بوصفه جزءا من سلة متكاملة تتصل برئاسة الجمهورية، وهذا ما عبَّر عنه بشكل واضح رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة بدعوته العماد عون للانسحاب من المعركة الرئاسية كشرط مسبق للمضي في خيار تعيين روكز قائدا للجيش.
ومن حق العماد عون، بحسب رواية “التيار”، أن يكون خيار التعيين متاحا بالمعنى القانوني، وذلك أسوة بما يجري من تعيينات في مجلس الوزراء، وهي نظرة يخالفه الرأي بشأنها الآخرون ممن يعتبرون أن موقع قيادة الجيش يوازي في أهميته موقع رئاسة الجمهورية، كما أعلن سعد الحريري صراحة خلال زيارته الأميركية.
ووفق نظرة أحد نواب “المستقبل”، لا رغبة دولية (وخصوصا أميركية) أو عربية وخصوصا سعودية) بتغيير التركيبة الأمنية، علما أن كل الأسماء المطروحة لقيادة الجيش، بما فيها شامل روكز لا تستفز الأميركيين، وهذا أمر لمسناه وسمعناه منهم على حد تعبير النائب نفسه.
وتضيف “السفير”: “لا أحد من حلفاء عون يملك تصورا حول ما سيقدم عليه من إجراءات لوّح بها، ولكن أحدا من هؤلاء لم يخض معه حتى الآن في خطوة ما بعد سقوط خيار التعيين، برغم أن موقف بري كان واضحا وكذلك الأمر بالنسبة إلى سليمان فرنجية الذي جاهر بتأييد التمديد إذا تعذر التعيين، لكنه وضع الأمر في نهاية المطاف بعهدة السيد حسن نصرالله، وهذا إن دل على شيء، فإنه يبين أن “حزب الله” لن يعطي جوابا قبل حسم مسار التعيين في مجلس الوزراء، خصوصا أن علاقته بالمؤسسة العسكرية علاقة حساسة واستراتيجية وتختلف مقاربتها عن مقاربة “الجنرال”، وللحزب أولويات متصلة بتثبيت معادلة الاستقرار والسلم الأهلي.
من الآن وحتى الخامس من حزيران المقبل، موعد إحالة اللواء ابراهيم بصبوص للتقاعد، سيكون الجميع مشدودا إلى الاشتباك الدائر داخل حكومة تمام سلام وخارجها على موضوع التعيين، فهل يكون تعطيل الحكومة في لحظة ما هو المخرج لتمرير التمديد؟.
من الواضح أن هناك من يدفع في اتجاه شل أعمال الحكومة قبل نهاية أيار، ومن ثم الاستفادة من النص الذي يجيز تطبيق مادة في قانون الدفاع على قيادة قوى الأمن الداخلي، وذلك بإعطاء وزير الداخلية الحق ذاته المعطى لوزير الدفاع، بالتمديد لمدير عام قوى الأمن، في حال تعذر اتخاذ قرار بتعيين خلف له في مجلس الوزراء.