IMLebanon

لبنان أمام مرحلة من الاختناق السياسي والاقتصادي!

downtown beirut

للمرة الاولى في تاريخ لبنان الحديث تعيش البلاد ما يقارب السنة الكاملة من دون رئيس للجمهورية، وللمرة الاولى منذ اكثر من 60 عاما تقفل نهائيا الحدود البرية التي تربط الاسواق اللبنانية مع الاسواق الخارجية، لاسيما العربية منها، هذه وتلك تشيران الى حالة من الاختناق السياسي والاقتصادي التي تواجه بلاد الارز، مضافان الى صعوبات من النوع الثقيل تكبل الدولة وترهق اجهزتها ويعيش المواطنون تحت وطأتها.

في الجانب السياسي من الاختناق مفارقة غريبة معظمها تفرضه على الواقع اللبناني قوى سياسية يفترض ان تكون الاحرص على انتظام عمل المؤسسات، لكونها معنية بالدفاع عن الكيان، ذلك انها اول من سيدفع الثمن من حالة الفوضى او الاهتراء التي تصيب البلاد، يبدو ان هذه القوى التي تعطل عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية اتخذت قرارا واضحا لا رجعة عنه: اما ان تحصل على النتيجة التي تطلبها من عملية الانتخاب او لن تسمح باتمام العملية الديموقراطية، وهي تقول ان الوعود التي تلقتها في العام 2008 ذهبت سدى، وفي ذلك العام كان العماد ميشال عون يعد نفسه لتولي الرئاسة، لكن الظروف عاكست، وقد تلقى وعدا بأن يكون الرئيس المقبل بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان وهو ينتظر تحقيق هذا الوعد ولن يسمح بتضييع الفرصة مرة ثانية، والقوى التي تدعمه يناسبها هذا الاصرار، لأنها بطبيعة الحال لن تأخذ قرارا بالافراج عن ملف الرئاسة حاليا بانتظار جلاء الاوضاع في سورية.

وعلى هامش الخلل السياسي الناتج عن الفراغ الرئاسي، تترنح البلاد وسط ملفات معقدة وعجلات الدولة لا تسير وفقا للاصول لا في التعيينات ولا في التشريع ولا في اطلاق سراح الموازنة التي تخضع للتوقيف القسري امام قاعات مجلس الوزراء وخلف اعتاب مجلس النواب منذ 10 سنوات على التوالي وارقام الصرفيات ـ وحتى العائدات ـ تضاعفت 100% منذ ذلك التاريخ.

اما في جانب الاختناق الاقتصادي فبالاضافة الى خطورة عدم اقرار الموازنة يأتي الارتباك الذي اصاب الطبقة السياسية جراء الافتقار الى الجرأة في التعامل مع سلسلة الرتب والرواتب، حيث تتراوح المواقف منها بين المراوغة والشعبوية، هذه الشعبوية يمكن ان تصيب الدولة في المقتل اذا ما تعاملت القوى السياسية والمنظمات النقابية وفق منطوقها الاستقطابي، وابتعدت عن التعامل بواقعية مع معطيات الارقام المالية المخيفة.

وما يزيد من حالة الاختناق الاقتصادي اقفال الحدود البرية بين لبنان وسورية في وقت كانت مئات الشاحنات اللبنانية خارج لبنان وتم احتجازها بين الاردن وسورية، ومنها مازال عالقا على الاراضي السعودية، وهذا الامر جعل لبنان يشبه الجزيرة المعزولة.

والنقل البري للمنتجات اللبنانية للخارج وتحديدا الى دول الخليج العربية والعراق يعتبر من اهم ركائز صمود القطاع الصناعي والقطاع الزراعي في لبنان، لأن المواصلات البحرية اكثر كلفة، وتأخذ وقتا اكثر، والنقل الجوي مكلف، واعتماده يضرب التنافسية في الاسعار.

وفي الوقت الذي ينكب وزير الزراعة اكرم شهيب وبتكليف من مجلس الوزراء على ايجاد بدائل لنقل المنتجات اللبنانية الى دول الخليج مع بداية الموسم الزراعي الواعد، انصدمت الاوساط الاقتصادية بالمواقف العالية النبرة التي صدرت عن بعض القيادات اللبنانية ضد عاصفة الحزم التي استهدفت اعادة الشرعية والنظام الى اليمن، هذه المواقف كادت ان توتر العلاقات اللبنانية مع الدول العربية الشقيقة لولا تسارع الردود عليها من اغلبية القيادات اللبنانية، وقد ساهم في تهدئة الانفلات وقفة التضامن من الهيئات الاقتصادية مع المملكة العربية السعودية.

ليس في افق الاجواء ما يوحي بانقشاع قريب للاختناق السياسي والاقتصادي الذي يعيشه لبنان، لكن قرار عدم التفريط في الاستقرار يبدو انه ثابت حتى الآن.