عدنان الحاج
لا يشبه الأول من أيار من العام الحالي، أياً من صور أعياد العمال السابقة التي شهدها لبنان طوال السنوات الماضية، بما فيها أصعب الظروف الأمنية في الحرب الأهلية اللبنانية في أواسط السبعينيات مروراً بالاجتياح الإسرائيلي ومحطات التضخم الكبرى.
في تعداد ملامح التراجع والسلبيات يمكن التوقف عند الكثير من المحطات والشرذمة الحاصلة من الهيئات النقابية والاتحادات، إلى تكتلات الفراغ بين الحركة المطلبية في القطاعين العام والخاص، وكان آخرها مطالب السلسلة، التي شهدت سلسلة من الانشقاقات حول شكل العمل المطلبي وموضوعه.
1ـ بداية الحركة المطلبية التي غابت كلياً خلال العام الحالي نتيجة ضعف التحرك النقابي الذي أضعفه أكثر الانتماء والتبعية السياسية وحتى الطائفية في بعض القطاعات. التشرذم واضح من توسّع عدد النقابات والاتحادات إلى أكثر من 600 نقابة داخل حوالي 60 اتحاداً ينقصها حجم التمثيل، فباتت القيادة النقابية ثوباً فضفاضاً لجسم نحيل وهزيل.
2ـ بالنسبة للتقديمات الاجتماعية والصحية، فهي تراجعت بشكل كبير نتيجة ضعف الوضع الاقتصادي على صعيد القطاع الخاص وانتشار التشاطر والفساد على صعيد القطاع العام، وهو ما حاوله بعض الوزراء ويحاولون تقليص أحجامه بمكافحة في مطارح محددة بينما المرض يطاول كل الخدمات والهدر يصيب كل مجالات الإنفاق.
3ـ لا نفقات اجتماعية إضافية، ولا تقديمات منذ أيار أواخر السبعينيات وكل ما يظهر هو محاولة المحافظة على ما أقرّ من تقديمات منذ قيام الضمان الاجتماعي وفرع نهاية الخدمة أواسط الستينيات.
4ـ حالات الصرف من الخدمة للعمال تمرّ بمراحل لا مثيل لها حيث تشمل كل المؤسسات والقطاعات، مع تعرض الطبقة العاملة لمنافسات كثيرة، منها ما يتعلق بحركات النزوح ومنها ما يتعرّض بشطارة المؤسسات بتقليص النفقات.
5ـ أكثر من 62 في المئة من طالبي تصفية تعويضات نهاية الخدمة يلجأون إلى التصفية بالترك المبكر أي التصفية قبل بلوغ السن ومضي 20 سنة خدمة فيخسرون ما بين 25 و50 في المئة من قيمة تعويضاتهم.
6ـ أسواق العمل في الخارج تضيق في وجه اللبنانيين لا سيما في دول الخليج نتيجة الأداء السياسي اللبناني والانقسامات الداخلية والتدخّلات في الحرب والأحداث التي تشهدها سوريا منذ حوالي أربع سنوات.
7ـ نصف الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية تذهب على نفقات الخدمات نتيجة استمرار تردّي الكهرباء والمياه وخدمات الطرقات وارتفاع الفواتير والتضخم الذي يأكل الأجور والمداخيل.
أما البطالة في عيد العمال فهي نجم السنة وهي زادت 10 في المئة خلال العامين 2014 و2015 مقارنة مع ما سبقها بفعل آلاف حالات الصرف من الخدمة لدى المؤسسات الإنتاجية من صناعية وزراعية وضرب حركة التصدير وتقهقر السياحة.
عيد العمال هذا العام يمكن تسميته ببساطة كلية أنه عيد لعامل مرهَق ومغلوب اجتماعياً في وطن معطل ومصادَر سياسياً، بالفراغ من الرئاسة إلى المؤسسات وتراجع القطاعات العامة والخاصة. والخوف أن يتحوّل وطن لا عامل فيه ولا أعمال لكثرة السلبيات وقلة الإيجابيات.
عدنان الحاج
مواقف نقابية تحيي العمال
توالت المواقف المهنّئة للعمال في عيدهم في مناسبة الأول من أيار، من سياسيين واقتصاديين ونقابيين ومكاتب عمالية.
] نائب رئيس «الاتحاد العمالي العام، عضو مجلس إدارة «منظمة العمل العربية» حسن فقيه أصدر في المناسبة بياناً مما جاء فيه: «نحن على أبواب الأول من أيار – عيد العمال العالمي وأمام أزمة حركتنا النقابية العربية وعشية انعقاد «مؤتمر الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب» الذي طال انتظاره، نتطلع الى جملة مسائل نطرح بعضها للنقاش، منها تقييم شامل وعميق لأسباب الأزمة من جوانبها النقابية والسياسية والتنظيمية والاقتصادية والاجتماعية وإصدار وثيقة نقابية عربية.
] بعدما أشار «الاتحاد الوطني للنقابات»، في بيانه، إلى السياسات الاقتصادية الرسمية، دعا إلى جعل الأول من أيار مناسبة لتوحيد الصفوف ضمن حركة نقابية مناضلة تحمل راية مواجهة سياسات الاحتكارات وممارسات المافيات، ومن أجل تطبيق السلم المتحرك للأجور، وتطوير الضمان الاجتماعي وتحصينه وتطبيق فروعه كافة على جميع اللبنانيين، وبالتحديد ضمان الحماية والتقاعد (الشيخوخة). ومن أجل إيجاد خطة إسكانية متكاملة ومنع إمرار القانون الأسود التهجيري».
] هنأت الأمانة العامة لجبهة التحرر العمالي، في بيان، «عمال لبنان والعالم بمناسبة عيد العمال العالمي في الأول من أيار». وقالت: «يأتي الأول من أيار هذا العام في وقت يتهدّد الوطن بمخاطر وتحديّات أمنية وسياسية صعبة وبتفاقم أزماته الاقتصادية والاجتماعية الحادة التي تنعكس سلباً على عماله ومواطنيه». ورأت الجبهة ضرورة السعي إلى عقد مؤتمر نقابي وطني يشارك فيه جميع النقابيين في مختلف القطاعات والمناطق اللبنانية، من أجل تبنّي برنامج مطلبي شامل يواكب التطورات الحاصلة ويؤمن الاحتياجات النقابية والعمالية، كذلك السعي إلى اعتماد هيكلية نقابية جديدة».
ودعت الحكومة اللبنانية والحركة النقابية والعمالية والمجتمع المدني الى لعب دورهم الحقيقي في «إحياء المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بعد إدخال التعديلات على هيكليته وطريقة عمله، وتثبيت وظيفتة كمرجعية للحوار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان، وضع قانون جديد وعادل للإيجارات، وإقرار قانون الإيجار التملكي وتنفيذ مشاريع إسكانية شعبية، إقرار السلم المتحرك للأجور»، إضافة الى تحديث وتطوير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، العمل على إيجاد الحلول القانونية والعادلة للمتعاقدين والمياومين والعاملين بالفاتورة وعمال غب الطلب.. وغيرها من المطالب.
] هنأ المكتب العمالي المركزي في «حركة أمل» في بيان أمس، اللبنانيين لمناسبة عيد العمال»، مطالباً الحكومة اللبنانية بـ «التصدي الحقيقي للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية». لافتاً الانتباه الى أن «توفير الفرص لجميع المواطنين هو أبسط حقوقهم في الوطن، وأن العدالة الاجتماعية الشاملة هي أولى واجبات الدولة، ونحن كما علمنا الصدر، نؤمن بكرامة الإنسان». داعياً «الدولة اللبنانية لإيلاء الرعاية الاجتماعية العناية اللازمة لا سيما الضمان الاجتماعي، وحثّ المؤسسات والإدارات المختصة على الإطلاع بكامل دورها، كما سبق أن طالب رئيس مجلس النواب نبيه بري بتفعيل هذه المؤسسات وغيرها وحماية الضمان الاجتماعي، وكذلك لجنة المؤشر ولجنة الأسعار».
] حيّت «وحدة النقابات والعمال المركزية في حزب الله» عمال لبنان عمال العالمين العربي والإسلامي وعمال الشعوب المستضعفة بمناسبة عيد العمال العالمي، تحية صادقة لهم وهم يقاومون ويواجهون الأزمات الأمنية والاقتصادية التي تلقي بظلالها على أوطانهم وعلى حياتهم وحياة أسرهم وتزيد من صعوبتها.
ولفتت الانتباه إلى «أن عمال لبنان اليوم يحفظون بعملهم وبإنتاجهم بعضاً من التوازن في الساحة الاقتصادية والاجتماعية اللبنانية، يحفظون توازناً ما زال يمنع انهيار لبنان اقتصادياً واجتماعياً، مقابل جهة ما زالت ممعنة في تفريغ الوطن من عناصر قوته، جهة تفرض سياسات اقتصادية طاغية تحوّل منذ عقود دون إنتاج فرص عمل، وتعمّم البطالة، تستعبد العامل اللبناني، وتستعبد نظام السخرة بالمياومة، تحول دون أجور لائقة، وتعمم الفقر».
] احتفلت «نقابة موظفي المصارف في الشمال، بمناسبة الأول من أيار عيد العمال، وبتكريم 25 موظفاً مضى على خدمتهم في القطاع المصرفي 25 سنة وأكثر، بحضور عمالي ونقابي ومهن حرة وغرفة طرابلس، ومديري وموظفي المصارف في الشمال ومثل هيئة التنسيق. أما الهدف الثاني فكان إطلاق صرخة في وجه مَن يعنيهم الأمر، صرخة ألم ووجع ومعاناة، صرخة غضب بما آلت إليه أمور عمال وموظفي لبنان ومن ضمنهم موظفو قطاع المصارف.
] نقابة الفنادق: وتقدّم مجلس نقابة مستخدمي الفنادق والمطاعم والمقاهي بالتهنئة بالعيد ودعا إلى «جعل الأول من أيار هذا العام حافزاً ومنطلقاً نضالياً من أجل مكافحة التضخم والغلاء وتنفيذ السلم المتحرك للأجور، وإصلاح الضمان الاجتماعي وتطويره وتعميم تقديماته ولا سيما قانون التقاعد والحماية الاجتماعية وصندوق البطالة، تفعيل وتنشيط مجالس العمل التحكيمية وتوسيعها».
] وجّه رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير التحيّة إلى كل عمال لبنان، منوّهاً بـ «صمودهم ومناقبيتهم وتفانيهم في العمل للحفاظ على تنافسية الاقتصاد اللبناني».
] وجّه النائب علي عادل عسيران التهاني، مؤكداً «حفظ حقوق الطبقة العاملة في لبنان وحقوق الموظفين المكتسبة».
] بدوره هنأ وزير العمل في الحكومة السابقة سليم جريصاتي العمال، وقال «عرفت عن كثب معاناتهم في سبيل لقمة العيش الحلال، في ظروف معيشية واجتماعية واقتصادية قاسية».