Site icon IMLebanon

بريطانيا.. تحديات عديدة وحلول غير ناضجة اقتصادياً

UKBritishMoneyHouse

مارتن وولف

المملكة المتحدة ليست تحت حكم جيد، وهذا من الصعب أن يتغير بعد حملة الانتخابات الكئيبة هذه. لكن ما لم يثبت أن استطلاعات الرأي خاطئة بشكل كبير، فإن هناك شيئا واحدا يبدو واضحا: لن يمنح الناخبون الأغلبية سواء للمحافظين أو للعمال، وهم على حق.

في رأيي، التحدي الداخلي الأساسي الذي يواجه المملكة المتحدة هو إنشاء اقتصاد سوق مستقرة ودينامية يجري تقاسم منافعها أيضا على نطاق واسع. تجربة الحكومات السابقة كان ينقصها هذا الأمر: لقد شهدت الدولة أزمة مالية ضخمة تبعها انتعاش ضعيف وإنتاجية راكدة. نظرا لهذا، فإن التهاون في حملات الحزبين الرئيسيين يعد صاعقا.

في ظل إد ميليباند، تحول حزب العمال أيضا، للأسف، عن اعتناق الاختيار والمنافسة التي ميزت حزب العمال الجديد، وهذا يعد خطأ. نعم، قد تخطئ الأسواق، خاصة الأسواق المالية، بشكل كبير، لكن من المستحيل العمل من دونها. هذا صحيح بالنسبة لقطاعي الصحة والتعليم، بقدر ما هو بالنسبة لإمدادات المواد الغذائية أو الملابس. إلا أن الوضع يكون أكثر صعوبة في هذه الحالات.

يفشل المحافظون، على أي حال، في الاعتراف بأهمية ارتفاع عدم المساواة. يذكر ملخص انتخابي صادر عن مركز الأداء الاقتصادي التابع لكلية لندن للاقتصاد أن “حالة عدم المساواة في الدخل ما قبل الضريبة وما بعدها ارتفعت بشكل ملحوظ في المملكة المتحدة منذ أواخر السبعينيات”. ويضيف التقرير أن التغيرات في الضرائب والمنافع منذ عام 2010 كانت رجعية إلى حد كبير، وهذا أمر مثير للقلق.

خذ في الحسبان أيضا ما تقدمه الأحزاب الرئيسية في مجالين من مجالات السياسة الاقتصادية فقط – الإسكان والمالية العامة. السوق غائبة تماما في قطاع الإسكان، أو أكثر تحديدا في الأراضي. وبحسب تقرير آخر من كلية لندن للاقتصاد “في عام 2014، كانت أسعار البيوت في المملكة المتحدة لكل متر مربع تمثل ثاني أعلى نسبة في العالم (تتفوق عليها موناكو فقط)”. والبيوت الجديدة أصغر بنسبة 40 في المائة مما هي في الدول الأوروبية التي توجد فيها كثافة سكانية مماثلة.

إن ارتفاع أسعار المساكن يجعل الأمر مكلفا جدا على الشباب لتكوين عائلة وتنشئة الأبناء، ويعيق أيضا التنقل الوظيفي. كما أنه يجعل إرث الثروات السكنية أكبر ودورها في إعادة إنتاج التفاوت أكثر أهمية. وهو يعمل أيضا على تشويه النظام المالي: 70 في المائة من القروض المصرفية غير المسددة (بعد احتساب صافي الإقراض داخل القطاع المالي) تعود إلى أفراد قاموا بتأمين عقاراتهم. إن النظام المالي الآن مدمن تماما على ارتفاع أسعار البيوت.

ولا ينوي أي من الحزبين الرئيسيين فعل أي شيء لتغيير كل هذا. بدلا من ذلك، يقدمان سلسلة من الرِّشَا. يقدم حزب العمال وعودا بعائدات خطرة لعناصر التحكم في الإيجارات. لكن المحافظين يقترحون الدفاع عن الأحزمة الخضراء وتخفيض مخزون سكن الإيجار المدعوم عن طريق فرض الحق في الشراء من خلال جمعيات الإسكان، وتقديم مخصصات جديدة قابلة للتحويل بقيمة 175 ألف جنيه استرليني لكل شخص في ضرائب التركات للمساكن الرئيسية. كل هذا قد يؤدي إلى زيادة سوء حالة عدم الكفاءة وعدم الإنصاف السائدة اليوم.

بالنسبة للمالية العامة، هناك فارق كبير. ووفقا لمعهد الدراسات المالية، يخطط المحافظون لخفض الاقتراض خلال فترة البرلمان المقبل بمقدار 5.2 في المائة من الدخل القومي، الأمر الذي قد يؤدي إلى وجود فائض بحلول عام 2018/2019. وكان حزب العمال أقل وضوحا حول خططه في الاقتراض، لكن هدفه الخاص بتوازن الميزانية الحالية قد يكون متسقا مع تخفيض أصغر في الاقتراض بمقدار 3.6 في المائة فقط من الدخل القومي.

الميزة الرائعة هي مدى قرب الطرفين الرئيسيين من بعضهما بعضا. فهما يشتركان في الرأي على أن الأولوية القصوى للسياسة المالية العامة هي زيادة التشديد. ما يجعل هذا مثيرا للدهشة هو أنه يتجاهل التكلفة المتدنية بشكل غير عادي للاقتراض: حتى إن أسعار الفائدة الحقيقية للاقتراض طويل الأجل سلبية. علاوة على ذلك، مع استمرار التشديد في السياسات المالية العامة، فإن كل شيء سيعتمد على السياسات النقدية، وهذا ينطوي على مخاطر خاصة به.

علاوة على ذلك، لم يكن هناك أبدا وقت أفضل لرفع مستوى البنية التحتية العامة. على الأقل، تبقي خطة حزب العمال الهادفة إلى تحقيق التوازن في الميزانية الحالية على هذا الخيار مفتوحة. في الوقت نفسه، تكمن خصوصية العروض المقدمة من المحافظين في أنهم يقترحون تشديدا أكبر بكثير للضوابط المالية العامة أكثر من الأحزاب الأخرى، ويرفضون تحديد خفض للإنفاق، وكانوا قد قدموا عددا من الوعود المكلفة أيضا. يتعين على المرء أن يسأل ما إذا كانوا يؤمنون بهدفهم الخاص بهم أم لا.

وتواجه المملكة المتحدة مجموعة من التحديات، تتجاوز تلك المذكورة، تشمل المعاشات والإنتاجية، والصحة والتعليم، ومستقبل الرعاية الاجتماعية، ومكانة بريطانيا في أوروبا والعالم. في جميع هذه الجوانب، أيضا، ما هو معروض يبدو في أحسن حالاته غير ناضج. والأكثر أهمية، أن أيا من الحزبين الرئيسيين لا يقدم نظرة واسعة للمستقبل تبدو ذات صلة بتلك التحديات الكثيرة.

لا أحد يتوقع كثيرا من الأحزاب في الانتخابات العامة، لكن في ظل الديمقراطية المتطورة، من الصحيح بالتأكيد توقع شيء أكثر من مجرد قائمة بالرشا تخفي قائمة أطول من حالات التهرب.

لا يستحق أي من الحزبين الفوز. ويبدو أن لا أحد منهما سينال ذلك. وهذا جيد.