حمل 1 أيار 2015 اندلاع الشرارة المباشرة للحرب بين أصحاب التلفزيونات اللبنانية وتجمّع أصحاب الكابل في لبنان، التي كانت منتظرة منذ أعلن رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال بيار الضاهر نية التلفزيونات اللبنانية فرض “ضريبة” 4 دولارات أميركية على أصحاب الكابل عن كل مشترك لديهم كبدل عن إعادة توزيع بثها.
وفي هذه المعركة لكل طرف وجهة نظره. فبالنسبة الى أصحاب التلفزيونات لقد وصلوا الى حافة الهاوية نتيجة التراجع المخيف في الإعلانات نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية منذ 4 أعوام ونتيجة تطور مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع التلفزيونات التي باتت تشكل منافساً جدياً للشاشات لمشاهدة برامج المحطات كلها. وبالتالي باتت التلفزيونات اللبنانية أمام احتمال من اثنين: إما الإقفال نتيجة الخسائر الاقتصادية التي تصيبها وغياب المال السياسي لتعويض هذه الخسائر، وإما محاولة تأمين مصادر تمويل أخرى شكّل طرح الضاهر أن يكون عبر موزعي الكابل نافذة ضوء يمكن أن تؤمّن ما يزيد على 30 مليون دولار سنويا تتوزع على المحطات اللبنانية.
من هنا انطلقت الفكرة التي عمل الضاهر على بلورتها وعرضها على أصحاب التلفزيونات الذين رحبوا بها، لكن قسما منهم بقي متوجّسا من شخص الضاهر اولا بسبب واقع التنافس الداخلي بين المحطات وبسبب الخلافات التي سريعاً ما ظهرت الى العلن كمثل الخلاف بين الـLBC وتلفزيون “الجديد” والذي حاولت الـmtv أن تستفيد منه، إضافة الى الخلاف على مبدأ من يقرر نسب توزيع المبالغ المجباة من أصحاب الكابل على التلفزيونات في ظل رفض “الجديد” أي دور لشركة Stat Ipsos التي يعتبرها منحازة وغير ذي مصداقية. وترافق طرح الضاهر مع ضوء أخضر سياسي واضح من مختلف الأطراف السياسية، باستثناء الرئيس نبيه بري، وذلك للتخفيف من “نق” أصحاب التلفزيونات لطلب التمويل السياسي.
في المقابل فإن تجمّع أصحاب الكابل في لبنان يبدو مرتاحاً جداً الى وضعه القانوني، وخصوصا أنه مرّ في تجربة مماثلة قبل اكثر من 10 سنوات حين ادعى عليهم كل من شركة mbc وشركة “روتانا” على خلفية إعادة توزيع بثهما، وحكم القضاء اللبناني لمصلحة موزعي الكابل على اعتبار أن بث mbc و”روتانا” هو مجاني (free to air) وليس مشفّرا، وبالتالي لا يحق لهما المطالبة ببدل مادي مقابل توزيع بثهما.
ويعتبر تجمع أصحاب الكابل أنه لا يحق للتلفزيونات اللبنانية المطالبة بأي بدل لأن بثها أيضا هو free to air وبالتالي لا يحق لها تقاضي أي مبلغ مقابل إعادة توزيع بثها، على عكس محطات مثل OSN وBein Sort المشفّرة. وتستند الى الحكم القضائي السابق الذي تعتبره بمثابة اجتهاد قانوني ملزم في أي دعوى قضائية مماثلة.
وتشير مصادر تجمع أصحاب الكابل الى أنهم أدّوا دورا بارزا طوال الأعوام الماضية في بث قنوات مثل الـmtv والـOTV اللتين لا تمتلكان بثاً أرضياً (analogue) وبالتالي لو لم يوزعها أصحاب الكابل لما كان تمكن أي من اللبنانيين من مشاهدتها. كما أن “تلفزيون لبنان” هو التلفزيون الرسمي الذي يموّل من خزينة الدولة وبالتالي من جيوب المكلفين اللبنانيين ولا يحق لا للدولة ولا لإدارته ان يفرضا ضريبة إضافية جديدة لمشاهدته. لذلك تؤكد مصادر أصحاب الكابل أنهم لن يخضعوا لأي ابتزاز من قبل أصحاب التلفزيونات المحلية، وتشير إلى أن قرار حجب بث الـLBC باللوغو الأزرق هو أول الغيث ليس انتقاماً من أصحاب التلفزيونات بل التزاما بما يطلبونه، فأصحاب الكابل لن يوزعوا بث أي تلفزيون لبناني يطلب بدلا ماديا مقابل إعادة بثه، وبالتالي سيحجب أصحاب الكابل كل التلفزيونات المحلية التي تطالب ببدل مادي لأن اصحاب الكابل لن يدفعوا هذا البدل ولا يقبلون بتوزيع بث التلفزيونات المحلية من دون موافقة أصحابها!
في الخلاصة فإن المعركة التي اندلعت تبدو في أولها في ظل إصرار كل من الفريقين على موقفه. الثابت الوحيد أن أكثرية اللبنانيين لن تتمكن من مشاهدة التلفزيونات المحلية إذا بقي أصحابها مصرين على البدل المادي، ولن يكون في إمكان من يرغب بمشاهدتها غير الإشتراك في شركتي Cable Vision أو Econet، وهو ما لن تفعله غالبية اللبنانية نظراً لكلفة تركيب الاشتراك (حوالى 250 دولاراً اميركياً) إضافة الى أن اشتراكها الشهري أغلى من الاشتراك بالكابل العادي. ويشبّه المطلعون على المعركة التي انطلقت بأنها معركة “عضّ أصابع” في انتظار من سيصرخ أولاً من الطرفين!