IMLebanon

طرد بييش من «فولكسفاجن» يفتح ملف إدارة الشركات الأوروبية

Ferdinand-Piech-Ousted-VW-Chairman

جون جابر

لم يكن الأسبوع الماضي مفيدا لحوكمة الشركات الأوروبية. ففي “فولكسفاجن” في ألمانيا و”أندستريفاردن” في السويد، يوجد نظام يهدف إلى تشجيع الاستقرار والنمو على المدى الطويل، لكنه بدلا من ذلك أوجد نوعا من الأهواء.

في فولكسفاجن تم طرد فرديناند بييش من رئاسة مجلس المشرفين على يد أعضاء آخرين، بمن فيم ممثلو النقابات وسياسيون، بعد أن حاول زعزعة مارتن فينتركورن، الرئيس التنفيذي. بييش، وهو عضو في إحدى الأسر التي تتحكم في فولكسفاجن، فعل الشيء نفسه مع بيرند بيتشتسريدر عام 2006، لكن هذه المرة فشل مسعاه.

في “أندستريفاردن” التي تسيطر مع عائلة فالينبرج على أكثر من نصف قيمة البورصة السويدية، كان هناك سوء تصرف مذهل. فقد تم طرد أندرس نيرين من منصب الرئيس التنفيذي يوم الإثنين الماضي، بعد فضيحة حول إساءة استخدام طائرات الشركة من قبل المديرين التنفيذيين في مجموعة الغابات والورق “إس سي آي” وأسرهم.

كل من الشركتين لها طبيعة غير عادية. فقد أظهرت أسرة فالنبيرج مزيدا من الانضباط الذاتي في إدارة إمبراطوريتها الصناعية على نحو أفضل من أندستريفاردن، في حين جمعت بي إم دبليو بين السيطرة العائلية والسماح للمديرين بممارسة الإدارة الذاتية أكثر مما كان عليه الحال في فولكسفاجن. لكن كلاهما أظهر كيف أن الأسلوب الأوروبي يمكن أن يشجع المطلعين على بواطن الأمور في الشركات على التصرف بشكل سيئ.

الطبيعة قصيرة الأجل للمستثمرين المتنوعين الذين يضغطون على الشركات من الخارج هي الخطر الذي يميز النهج في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وتحصن وتخندق عدد قليل من المستثمرين الأقوياء الذين يؤثرون في أعضاء مجلس الإدارة، ويعينونهم أحيانا، هو الخطر في نهج “الحوكمة النشطة” الأوروبي. إن وضع كثير من السلطة في عدد قليل للغاية من الأيدي يعتبر أمرا خطيرا.

الخبر السار هو أنه، في كل من أندستريفاردن وفولكسفاجن، الكشف العلني عمل على حل المشكلة. بييش، الرئيس التنفيذي السابق الذي يرجع له الفضل في إنقاذ فولكسفاجن في التسعينيات، اعتاد التصرف بغطرسة والتسبب في مشاكل في القطاع الخاص، لكنه عرّض موقفه للضعف حين فعل ذلك علنا في مقابلة مع مجلة “دير شبيجل”. والمخالفات في أندستريفاردن لم تستطع الإفلات باعتبار أنها تم الإبلاغ عنها عن طريق صحيفة “سفنسكا داجبلاديت”.

ألمانيا والسويد تختلفان في التفاصيل. في السويد عدد قليل من “دوائر” المساهمين تمارس النفوذ على مجموعة من الشركات، من خلال الشركات القابضة ومن خلال أسهم من مستويين تمنحهم الأصوات أكثر مما قد تنطوي عليه المصالح الاقتصادية. كما أنها تعين مديري الشركات من خلال حيازة مقاعد في لجان مجلس الترشيح.

في ألمانيا، أسر مثل قواندتس، التي أسست بي إم دبليو، تسيطر على الشركات الصغيرة والمتوسطة (ميتلستاند) وعديد من الشركات الكبيرة على حد سواء. ويتم الإشراف على مجالس الإدارة عن طريق مجالس تضم ممثلي العمال (وفي حالة فولكسفاجن، رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى، الذي يستحوذ على حصة تصويت بنسبة 20 في المائة). ويتم إبقاء المساهمين من القطاع الخاص في الخارج.

مع ذلك، التأثير متشابه. أسرة فالنبيرج، مثلا، تستحوذ على ما نسبته 23 في المائة من رأس مال إنفستر، شركتهم القابضة الصناعية، لكن على 50 في المائة من حقوق التصويت. إنفستر بدورها تملك نفوذا على شركات صناعية، مثل إلكترولوكس وABB، وبنك SEB. حتى أكبر مديري الصناديق لا يتمتع بمثل هذا الصوت العالي في الاقتصاد الأمريكي.

في فولكسفاجن، تسيطر عائلتا بورش وبييش على 51 في المائة من أسهم التصويت. ويستحوذ صندوق تقاعد أجنبي وعدد من صناديق التحوط على 24 في المائة من رأس المال المكتتب، ويستحوذ مساهمون من القطاع الخاص على 12.5 في المائة، لكن إلى حد كبير في الأسهم الممتازة، دون حقوق تصويت. وجعل ذلك ولفجانج بورش وستيفان فايل، رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى، يصوتان ضد بييش في مجلس المشرفين.

وفي أحسن الأحوال، الحوكمة الفعالة من قبل عدد قليل من المساهمين يمكن أن تحقق نتائج. يقول هانز كريستوف هيرت، مدير خدمات الملكية في هيرميس، وهو مستشار للمستثمرين في صندوق تقاعد يستثمر في شركات تشمل فولكسفاجن: “ما عليك سوى إلقاء نظرة على بي إم دبليو لترى كيف يمكن أن يتم فعل ذلك بطريقة مختلفة – تلك الأسرة المالكة يمكنها أن توفر الاستقرار على المدى الطويل”.

الشركات التي تتم حمايتها من الضغوط قصيرة الأجل، مثل الاضطرار إلى إعادة النقد إلى المساهمين، أو الحفاظ على هوامش عالية بدلا من الاستثمار في منتجات جديدة، يمكن أن تستفيد. إن ذلك يعتبر ميزة تنافسية ليس فقط للشركات المملوكة للعائلات، ولكن لتلك التي تتم السيطرة عليها من قبل صناديق الأسهم ورأس المال الاستثماري الخاص، تساعدها في تحديد أولويات النمو.

وعلى وجه الخصوص، ذلك يساعد الشركات ذات الدورة الطويلة التي تحتاج إلى الاستثمار بكثافة في البحث والتطوير، والتي قد لا نرى نتائج بحثها إلا بعد عدة سنوات، مثل تلك الموجودة في التصنيع المتقدم والمستحضرات الصيدلانية وتجميع السيارات ومكوناتها. وألمانيا والسويد تحققان نتائج جيدة في هذه الصناعات.

لكن هذا يضع مسؤولية كبيرة على عدد قليل من الأفراد. ويقول رولف كارلسون، مؤسس “الشركاء المالكين النشطين”، وهي شركة استشارية: “يتطلب النظام من المالكين المسيطرين أن يكونوا مسؤولين ومختصين، وأن يكون لهم موقف مستنير تجاه الإدارة”.

وفشلت أندستريفاردن فشلا ذريعا في هذا الاختبار، ويبدو أنها كانت تفشل منذ فترة طويلة. وكان سفيركر مارتن لوف، رئيسها السابق الذي اضطر للخروج في كانون الثاني (يناير)، رئيسا لـ “إس سي آي” ورئيسا تنفيذيا لها قبل ذلك. وحمت أندستريفاردن مصالح زمرة من المطلعين التنفيذيين في الوقت الذي اتبعت فيه تماما استراتيجية طويلة الأجل.

سقوط بييش كان أكثر دويا. فهو مهندس رائع، لكنه افتقد الحكمة التي تجعله يتنحى عن الإدارة والقبول بأن دوره قد تغير. السلطة التي كان يتمتع بها ذات مرة انتهى بها المطاف أن أعمته.