روبرت كوكسون وتيم برادشو
بالنسبة للطبقة الثانية من شركات وسائط الإعلام الاجتماعية، كان الأسبوع الماضي مؤلما. خسرت كل من “لينكد ـ إن” و”تويتر” و”يِلب” Yelp، شركة مراجعات الأعمال على شبكة الإنترنت، ما يقدر بربع قيمة الرسملة السوقية للأسهم بعد الإبلاغ عن أن أعمال الإعلانات لديها كانت تنمو ببطء أكثر مما كان يتوقعه المستثمرون.
ويعتبر هذا أحدث علامة على نشوء انقسام بين القوى الكبرى في القطاع؛ “فيسبوك” و”جوجل”، وتلك التي تتخلف وراءها. هاتان الشركتان تستحوذان على نصيب الأسد من دولارات الإعلان الرقمي ويتوقع محللون أن هيمنتهما لا مجال أمامها سوى الازدياد.
وأفاد مكتب الإعلان التفاعلي، وهو هيئة مختصة بالصناعة، الأسبوع الماضي أن الإعلان الرقمي في الولايات المتحدة ارتفع بنسبة 16 في المائة ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 49.5 مليار دولار في عام 2014. وبحسب تقديرات براين ويزر، محلل الأسهم في بيفوتال ريسيرش، استحوذت “فيسبوك” و”جوجل” على أكثر من 30 مليار دولار، أي 60 في المائة من المجموع. وإذا حذفنا ما استحوذت عليه “جوجل” و”فيسبوك”، فإن ما تبقى من القطاع يكون قد توقف عن النمو.
وقال ويزر “تجد الشركات المعلنة أن “جوجل” و”فيسبوك” يمكن أن تكون نافذة واحدة للتسوق”. وأضاف هناك فرصة للاعبين متخصصين لأن يكونوا موجودين، لكن المشكلة هي أن كل لاعب متخصص سيصطدم بالعقبة عند نقطة معينة – هذه العقبة هي “جوجل” و”فيسبوك”.
من جانب آخر تحاول بقية الشركات الاستحواذ على بقايا الطعام المختلفة. ومحاولة “تويتر” الاستحواذ على جزء الاستجابة المباشرة – الإعلانات التي، مثل البحث، تم تصميمها للمطالبة بإجراء عملية شراء، أو على الأقل نقرة – تعثرت في الوقت الذي تحاول فيه إيجاد صيغة تحبها شركات الإعلانات.
وحتى “سناب شات”، الذي أصبح بسرعة محبوبا لعالم الوكالات بفضل منصة محتوى ديسكفر، لا يزال تحت التجربة للعثور على الطريق الصحيح لبيع الإعلانات داخل تطبيق الدردشة، بعد خروج كبير إدارييه التشغيليين في آذار (مارس).
“لينكد ـ إن”، وهي ليست معتمدة على الإعلانات للحصول على إيراداتها، مثلما هو الحال لدى أقرانها في وسائل الإعلام الاجتماعية، بسبب أعمال التوظيف لديها، وجدت مع ذلك أن إعلانات العرض العادية – من النوع الذي يستخدم من قبل أكبر العلامات التجارية لبناء الوعي – كانت تواجه “رياحا معاكسة”، خاصة في أوروبا.
تلك الرياح المعاكسة لم تهب بعد على ما تبقى من هذه الصناعة، لكن هناك أمران رئيسيان وضعا “جوجل” و”فيسبوك” بعيدا عن الشركات المنافسة. أولا، لديهما جماهير واسعة، يصل عددها إلى أكثر من مليار مستخدم شهريا لكل منهما. ثانيا، هما قادرتان على مساعدة المعلنين الذين يستهدفون مستخدميهما بدقة كبيرة بفضل الكم الهائل من البيانات التي لديهما – بما في ذلك أعمار المستخدمين ومواقعهم وسلوكهم على شبكة الإنترنت.
ويلاحظ ويزر “أن اتساع وعمق ما يمكن للمعلنين القيام به على “جوجل” و”فيسبوك” هو أمر لا يمكن تجاوزه من قبل أي شخص آخر”.
“تويتر” التي هبطت أسهمها بنسبة 26 في المائة يوم الثلاثاء الماضي، بعد أن فشلت في تحقيق الإيرادات المتوقعة وفي الوقت نفسه خفضت توقعاتها لعام 2015، لا تزال تحاول تطوير مقترحها للمعلنين. ولأن الشركة لديها 302 مليون مستخدم، فإن عديدا من العلامات التجارية تنظر إلى منصتها على أنها أصغر وأقل تطورا من “فيسبوك”.
وحذرت “لينكد ـ إن” التي خفضت أيضا توقعاتها لهذا العام، من “تحول طويل الأمد بعيدا” عن صيغ عرض الإعلانات التقليدية.
آدم سميث، مدير العقود الآجلة في “جروب إم”، ذراع شراء وسائل الإعلام التابعة لـ WPP، أكبر مجموعة إعلانية في العالم من حيث المبيعات، يقول “إن المعلنين يفقدون الحماس للإعلانات ذات الصيغ الثابتة – التي تعتمد عليها “لينكد ـ إن” و”تويتر” ويلب تقليديا – وتكتسب رغبة شديدة في الفيديو”.
ووضعت كل من “فيسبوك” و”جوجل”، التي تملك موقع الفيديو يوتيوب، نفسهما في موضع جيد للتحول إلى الفيديو. ويقول سميث “يبدو أنهما تفهمان احتياجات معلني العلامات التجارية الذين اعتادوا الإعلان على شاشة التلفزيون الذي يشكل الجزء الأكبر من سوق الإعلانات”. مثلا، استحدثت “جوجل” العام الماضي “يوتيوب المفضل”، وهو منتج يسمح للعلامات التجارية بوضع إعلاناتها بجوار المحتوى الأكثر شعبية على خدمة الفيديو.
وتحاول “تويتر” بناء قدرات فيديو خاص بها. ولهذه الغاية استحوذت على تطبيق “بيريسكوب” للبث المباشر في كانون الثاني (يناير).
في الوقت نفسه تجري “لينكد ـ إن” تغييرات كبيرة على قوة مبيعاتها على أمل تحسين عائدات التسويق. لكن المستثمرين الذين رفعوا أسهم الإعلانات الرقمية لمضاعِفات أرباح عالية في الأشهر الأخيرة، ليسوا في مزاج الانتظار. وفي غضون أيام قليلة، فقدت أسهم كل من “تويتر” و”لينكد ـ إن” معظم أرباحها لهذا العام.
ويلاحظ محللون لدى بنك UBS أنه في حين إن هبوط سعر السهم ليوم واحد بنسبة 20 في المائة يبدو بالنسبة لـ “لينكد ـ إن” للوهلة الأولى (…) قاسيا، إلا أنه ليس مستغربا نظرا لمدى الارتفاع الذي كان قد بلغه.
ومع أن “لينكد ـ إن” تفوقت باستمرار على التوقعات منذ طرحها للاكتتاب العام، بقيت التقلبات الجامحة في مشاعر وول ستريت أكثر ألفة بالنسبة لـ “تويتر”. ويقول محللون “إن الأسهم تعود بوضوح مرة أخرى إلى منطقة الجزاء فيما يخص آفاق النمو وصدقية الرئيس التنفيذي، ديك كستولو، على حد سواء”، لكنهم يلاحظون أن وول ستريت “أصبحت متحمسة أكثر من اللازم بعد سلسلة من النتائج السابقة في كانون الثاني (يناير)”. وحذروا قائلين “إنه ماراثون وليس سباقا للقفز”!