لم تنجح الزيارة التي قام بها وزير الدفاع السوري العماد فهد جاسم الفريج الى طهران في ٢٨ نيسان الماضي في تهدئة الشكوك السورية في ظلّ الخلاف الواضح بين طهران وحلفائها في ترتيب الاولويات الاستراتجية.
وهناك مخاوف من ان تتحول معركة القلمون التي يحضّر لها الحزب الى معركة استنزاف لا تخدم لبنان واستقراره.
وتشير مصادر غربية إلى ان زيارة وزير الدفاع السوري الى طهران في ٢٨ نيسان الماضي تعكس حجم المخاوف التي تشعر بها القيادة العسكرية السورية بعد الهزائم المتكرّرة التي تعرّض لها الجيش النظامي السوري خلال الأسابيع الماضية، والتي تهدّد معاقله في منطقة “اللاذقية”. والأوليات الاستراتجية بين طهران ودمشق.
نجح النظام السوري في الإمساك بزمام المبادرة العسكرية منذ معركة “القصير” في أيار ٢٠١٣، خصوصا بعد تصاعد نفوذ المجموعات الإرهابية والمتطرّفة على حساب المعارضة السورية المعتدلة. غير ان المعارضة المسلحة تمكّنت خلال أسبوعين فقط من السيطرة على مدن استراتجية ( أدلب، جسر الشغور، ومنطقة ساحل الغاب) وهذا الواقع الميداني الجديد يضع المعارضة السورية على مسافة لا تتجاوز ٤٠ كيلومترًا من معاقل الطائفة العلوية وقوى النظام السوري في اللاذقية.
وتشير هذه المصادر لـ”النهار” إلى ان وزير الدفاع السوري عبّر عن استيائه خلال لقاءاته بالمسؤولين الإيرانيين من انسحاب وعودة عناصر الميليشيات العراقية التي كانت تشارك قوى النظام السوري في القتال داخل سوريا الى بلادها للمشاركة في قتال تنظيم “داعش” . وما يزيد استياء النظام السوري ان هذا الانسحاب حصل دون اي تنسيق مسبق مع قوات النظام مما أدّى الى ترك ثغرات كبيرة في الاستراتجية القتالية لقوات النظام السوري.
وتلفت المصادر إلى ان المجموعات الافغانية الموالية لطهران لم تتمكن من تعويض هذا النقص في القوى المقاتلة مما أجهض الهجوم الواسع الذي قام به الجيش النظامي في منطقة “بعر الحديد” في محافظة “درعا” جنوب سوريا. ومن جهة اخرى ما زال “حزب الله”، وفي استراتجية مختلفة، يحصر مشاركته في المعارك داخل سوريا على المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية – السورية. وهو ينهمك منذ أشهر بالتحضيرات العسكرية لمعركة القلمون التي كان مرتقبًا انطلاقها الشهر الماضي.
وتشير هذه المصادر إلى ان معركة القلمون يمكنها ان تتحول في حال استمرارها اكثر من شهر الى حرب استنزاف، لا تخدم الحزب ولا لبنان بسبب المضاعفات الداخلية، ونتائجها على الداخل اللبناني، وإمكانية زج الجيش اللبناني من جهة، وعلى خلفية رفض فريق من اللبنانيين تورّط الحزب في سوريا.
ومن ناحية اخرى، قرّر قائد قوات القدس في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني تركيز عملياته العسكرية على الجبهة الجنوبية السورية، وذلك القرار لا يتماشى مع خيارات دمشق الاستراتجية، بالاضافة إلى انه لم يتّخذ بالتنسيق مع القيادة العسكرية السورية.
وفي السياق ان قوات “حزب الله” تواصل استراتجية هادفة للربط بين جبهة جنوب لبنان والجولان، خصوصا بعد نجاح الحزب في السيطرة على منطقة “جبل حوران”، فيما تسعى القيادة السورية من ناحية اخرى الى المحافظة على تفاهماتها مع اسرائيل بشأن التهدئة على هضبة الجولان.
وتعتبر هذه المصادر ان الغارات الجوية الاسرائيلية يومي ٢٢ و ٢٤ نيسان جاءت لتذكّر النظام بهذ التفاهمات، ولتزيد مخاوفه من انزلاق الأوضاع الى مواجهة مفتوحة مع الجيش الاسرائيلي بعد فشل العملية الانتقامية على الغارة التي حاول “حزب الله” تنفيذها ضد دورية إسرائيلية في منطقة “مجدل شمس” بالقرب من خط وقف إطلاق النار في هضبة الجولان.
وفيما تقوم قوات النظام بتحصين مواقعها لحماية العاصمة دمشق ضدّ هجوم قد تقوم به المعارضة السورية، قالت هذه المصادر ان قيادة قوات الحرس الثوري الايراني طلبت من العماد قاسم فهد سحب جزء من القوات النظامية المرابطة في دمشق ونشرها في المناطق المحيطة بحمص تحسبًا لهجوم قد تشنّه المعارضة على معاقل النظام في “جبل العلويين”.
وتؤكد هذه المصادر ان زيارة وزير الدفاع السوري لم تنجح في تبديد الشكوك السورية في ظل الخلاف الواضح بين طهران وحليفها حول ترتيب الاولويات الاستراتيجية.