Site icon IMLebanon

منطقة اليورو تواجه صداع ما بعد حفل التسهيل الكمي

EURO1
رالف آتكينز

هل كان هذا هو الأسبوع الذي خرج فيه فوران الأسواق المالية من برنامج التسهيل الكمي لمنطقة اليورو؟

إعلان البنك المركزي الأوروبي في كانون الثاني (يناير) عن برنامج شراء أصول بمبلغ 60 مليار يورو شهريا أدى إلى ارتفاع في أسعار الأسهم وهبوط في اليورو. قفزت أسعار السندات الحكومية بسبب عمليات الشراء الكبيرة التي نفذها البنك المركزي الأوروبي، وانخفض العديد من عائدات السندات، التي تتحرك عكسيا مع الأسعار، إلى مستويات سلبية مجهولة.

فجأة، تحركت مثل تلك الاتجاهات في المسار المعاكس. حققت أسهم منطقة اليورو في نيسان (أبريل) أول خسارة شهرية لها هذا العام. أما عائدات السندات الحكومية الألمانية لأجل عشر سنوات، التي كانت تحوم حول مستويات سلبية، فقد قفزت الأسبوع الماضي أكثر من 20 نقطة أساس لتصل إلى 0.37 في المائة – وتعد هذه قفزة كبيرة على نحو غير عادي. وارتفع اليورو مقابل الدولار بنسبة 4 في المائة إلى 1.12 دولار. ويبدو أن ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، فقد لمسته السحرية.

ما يدعو للاطمئنان بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، أن المحللين وخبراء السوق لم يطالبوا حتى الآن بنهاية اندفاعات برنامج التسهيل الكمي. بدلا من ذلك، ألقي اللوم على مجموعة من العوامل الفنية في الاضطرابات التي حصلت خلال الأسبوع، بما في ذلك التداولات المبالغة وتشوهات السوق. الخبر السيئ هو أن التقلبات قد تكون نذيرا بصدمات أكبر مقبلة. ما حدث يعد أمرا “معبرا جدا عما سيتعين على المستثمرين التعرض له خلال السنتين أو السنوات الثلاث المقبلة”، بحسب باسكال دوفال، الرئيس التنفيذي الأوروبي لشركة راسل للاستثمارات.

التفسير الأسهل الذي يمكن رفضه هو أن الأسواق استجابت لأن برنامج التسهيل الكمي حقق غرضه في تعزيز النمو الاقتصادي. فقد أشارت بيانات التضخم لمنطقة اليورو الأسبوع الماضي إلى أن دراجي تفادى هبوطا انكماشيا – على الأقل كما تذكر كتب الاقتصاد، كان يمكن أن يدفع بعائدات السندات واليورو نحو الارتفاع.

لكن ارتفاع اليورو – الذي يؤذي آفاق شركات التصدير- نجم إلى حد كبير عن الضعف الذي كان أكبر من المتوقع في أرقام نمو الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الأول. أيضا، تطابقت انخفاضات أسعار الأسهم لمنطقة اليورو مع نظرة اقتصادية عالمية أكثر قتامة، خاصة مع تباطؤ النمو في الصين، والتوقعات حول معدلات التضخم المستقبلية لمنطقة اليورو تبدو متواضعة.

يقول جورج ماجنوس، المستشار الاقتصادي وكبير الاقتصاديين السابق لدى بنك يو بي إس: “بعض البيانات تؤيد الرأي القائل إن هناك ارتدادا لكرة مطاطية في الاقتصاد الأوروبي، لكن من الخيالي الإشارة إلى أننا شهدنا تغييرا كبيرا في المفاهيم”.

التفسير الأكثر وضوحا هو أنه بعد مثل تلك التحركات القوية خلال الجزء الأول من العام، جاءت التصويبات متأخرة. يقول أندرو باري، رئيس قسم الأسهم لدى شركة هيرمس لإدارة الاستثمارات: “مثل جميع الحفلات، لديك فترات هدوء. من الطبيعي جدا للأسواق أن تختصر كل شيء بسرعة ومقدما – ومن ثم على الأساسيات اللحاق بالركب. اشترى الناس قصة اليورو الضعيف وببساطة أقاموا عليها نتائج إلى مسافة تفوق الحد. ينبغي أن يكون لدينا صيف من تصويب الأوضاع”.

وعكست أسعار السندات الحكومية في منطقة اليورو أيضا إلى حد كبير ضغوطات العرض – هبطت عائدات السندات الألمانية، على وجه الخصوص، لأن البنك المركزي الأوروبي يقوم بشراء السندات بينما يعني التحوط في المالية العامة في برلين أن الإصدار الصافي للديون الألمانية سلبي. لكن لورنس موتكن، الرئيس العالمي لاستراتيجية أسعار الفائدة لدى بنك بي إن بي باريبا، يشير إلى أن العرض الصافي للسندات الحكومية في منطقة اليورو سيصبح إيجابيا، بشكل مؤقت، في أيار (مايو) الجاري. ويكتب في مذكرة قائلا: “إن تلك الديناميات يرجح أن تدفع بالعائدات للأعلى في الأجل القريب، قبل أن ينعكس مسارها في الصيف”.

في الوقت نفسه، اشتكى المتداولون من أن المراكز في أسواق الدخل الثابت أصبحت “مزدحمة”. ولأن الجميع كان يفترض أن الأسعار ستتجه في مسار واحد، نتج عن تغيير طفيف في المشاعر حدوث تحركات مفاجئة. وألقى آخرون اللوم على التغييرات التنظيمية التي جعلت “صنع السوق” أكثر تكلفة على المصارف من خلال مطابقة المشترين والبائعين – في الوقت الذي كانت إجراءات البنك المركزي التي أدت إلى هبوط أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية تعمل على إرغام مديري الأصول وصناديق المعاشات التقاعدية على الاستثمار في أصول ذات مخاطر عالية.

يقول ماجنوس: “ما يمكن أن نكون قد شهدناه هو مقدمات لما سيحدث عندما يكون هناك شيء يخيف الأسواق حقا. إذا كانت هناك مشكلة أكبر عند نقطة معينة، سيكون هناك الكثير من مراجعة الذات للقيام به”.

حتى لو كانت تحركات الأسبوع الماضي فنية إلى حد كبير، خاصة في أسواق الدخل الثابت، إلا أن وضعها يمكن أن يصبح أسوأ. ويحذر مات كينج، الخبير الاستراتيجي في مجال الائتمان لدى سيتي جروب، من أن “بدايات التراجع الكبير في السوق قد تبدأ بعمليات تصحيح، ومن ثم في وقت لاحق فقط تتحول إلى شيء أكثر خطورة”. لكنه لا يزال يعتقد أن التفسير الأفضل هو أنها كانت مواقف معكوسة مقلقة بشكل محدود.

وكانت الانتكاسات في أسواق الأسهم والسندات وأسواق العملات الأجنبية متواضعة، مقارنة بالاتجاه السابق. ويقول دوفال، من راسل للاستثمارات: “حين ننظر إلى الأمر في سياق الصورة الأكبر لما شهدناه هذا العام، لا نراها غير عادية”.

ولا يزال مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 أعلى بنسبة 15 في المائة من مستواه بداية العام، واليورو أعلى بنسبة 7 في المائة مقابل الدولار، وعائدات السندات الألمانية منخفضة 20 نقطة أساس تقريبا. وبالنسبة لبعض المستثمرين، قد توفر انخفاضات الأسبوع الماضي فرصا للشراء. ومن وجهة نظر متفائلة، قد تساعد حتى في تفادي تأثيرات أسوأ في وقت لاحق، بعد كل هذا الفوران الذي حصل في بداية السنة.