جاري سيلفرمان
أنا لست من الذين يعادون التكنولوجيا، مثل عمال النسيج في القرن التاسع عشر. لديّ آيفون وآيباد وآيماك قديم صدئ أستخدِمه لكتابة مقالاتي. وأنا متصل بالإنترنت تماما، وذلك ما دفعني إلى استنتاج يتعلق بعالمنا على شبكة الإنترنت، على الأقل على النحو الذي هو عليه في الوقت الحاضر، مفاده أن أجهزة الكمبيوتر هي للأطفال.
إذا كنت ترغب في ممارسة الألعاب، والضغط على أقرانك، والبحث عن أشياء في المدرسة، وشراء الأحذية، ورؤية أماكن جديدة، ولقاء شخص في الشارع، والعثور على الرومانسية، أو الكشف عن آراء أنت – وأنت فقط – قد شكلتها، فإن أصدقاءنا في وادي السليكون يجعلون الحياة أسهل بكثير مما كانت عليه في أي وقت مضى.
لكن إذا كنت تفعل شيئا يتعلق بالكبار – أمرا تترتب عليه آثار مالية، مثلا – لا يزال من المنطقي في كثير من الحالات البقاء خارج شبكة الإنترنت. بعيدا عن السحابة وصخبها. وسائل الاتصال التقليدية، مثل التحدث والكتابة، لها فضائلها. ومن بين هذه الفضائل الأمن.
أحدث الأدلة تأتي من مصدر غير متوقع: تويتر، الشبكة الاجتماعية التي تسمح لجميع عباد الله بالدخول إلى الإنترنت للتواصل في رسائل تتكون من أحرف تصل إلى 140 حرفا.
يوم الثلاثاء الماضي وقعت تويتر في شر أعمالها، كما اعتاد الناس أن يقولوا أثناء مشاهدتهم مسرحيات تقع في خمسة فصول. كانت قد عزمت على الكشف عن أرباح الربع الأول من العام بعد أن أغلقت أسواق الأسهم في الولايات المتحدة أبوابها عند الساعة الرابعة عصرا بتوقيت نيويورك. لكن قبل نحو ساعة من ذلك غردت شركة اسمها سيليرتي بنتائج تويتر.
وكانت الأرقام سيئة، وهوت أسهم تويتر. وبحلول الوقت الذي أغلقت فيه السوق، كانت الشركة قد خسرت خُمس قيمتها تقريبا، وأصابت بذلك أي مستثمر غافل كان قد خطط ليومه على أساس الإعلان المقرر.
تحمل اللوم في هذه الفوضى موقع Shareholder.com، وهو وحدة تابعة لناسداك تتولى إدارة موقع علاقات المساهمين في تويتر. قالت إنها “نشرت عن غير قصد” النتائج خلال 45 ثانية، ما أتاح لشركة سيليرتي، التي تتصيد الإنترنت للحصول على بيانات مالية، العثور على المعلومات وأن تكشف ذلك للعالم قبل الساعة 03:08 عصرا بثلاث ثوان.
لكن هذا النوع من الحوادث أصبح مألوفا في عالم المال لدينا. في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، نشرت نتائج جيه بي مورجان تشيس في وقت أبكر بساعات، بسبب ما وصفته ناسداك بأنه “خطأ بشري” في موقع Shareholder.com. في ذلك الوقت، جمعت رويترز لائحة من ستة حالات مماثلة – بما في ذلك واحدة حصلت فيها سيليرتي على أرباح مايكروسوفت قبل ساعة من الوقت الذي كان من المفترض أن تصدر فيه.
بالنسبة لي، هذه الحلقات تشير إلى العبثية الأساسية التي تكمن وراء وضع كثير من المعلومات الحساسة – من نتائج الشركات إلى السجلات الطبية والمصرفية – في أماكن يمكن للناس الاستيلاء عليها. وأقصد بها أجهزة الكمبيوتر المتصلة بالإنترنت.
تذكروا أننا علمنا فقط عن تسرب أرباح تويتر بسبب تغريد سيليرتي بالبيانات. وكان بالإمكان الاستفادة من البيانات للتداول حول النتائج دون أن يكون أحد على علم بذلك. قراصنة الكمبيوتر الجريئون يشكلون تهديدا آخر. مهما كان الشخص الذي سرب رسائل شركة أفلام سوني المحرجة هذه العام الماضي، فإنه عرف كيف يتفوق بالحيلة على مسؤولي الأمن الإلكتروني للشركات. فما الأمر الذي يمكنه أن يمنع مثل هؤلاء الناس من التقاط معلومات تحرك السوق والاتصال بوسطائهم الماليين؟
الجواب، يا صديقي، تعصف به الريح. هناك فكرة تقول إن بإمكاننا العودة إلى استخدام الورق والقلم للتواصل، رغم ما يمكن أن يبدو على هذه الفكرة من جنون في عالمنا الفائق التكنولوجيا. ستكون العملية أكثر أمنا إذا ما تمت كتابة تقارير الأرباح من قبل السكرتيرات، أو طباعتها في مطابع، ومن ثم توزيعها في الغرف المغلقة للصحافيين أو غيرهم من الأطراف المعنية.
إن سرقة المعلومات في ظل مثل هذا النظام تتطلب عناصر خارجة على القانون، لفعل أشياء مثل اقتحام المباني أو فتح الخزائن. بعبارة أخرى، لن يكون الأمر سهلا. إذا كان الرئيس ريتشارد نيكسون على قيد الحياة اليوم، بإمكانه أن يقول لكم كل شيء عن الصعوبات التي تنطوي عليها حتى عملية سطو من الدرجة الثالثة.
سيظل من الممكن الحصول على معلومات سرية، وهذا فقط في حال كان لدى السكرتيرات والطابعات، وحتى بعض الصحافيين ـ مما أسمع ـ أصدقاء أيضا. لكن سيكون من الصعب عليهم النجاح، لأن مجموعة من الأوغاد المحتملين سيكونون أصغر وأسهل للمراقبة.
بالطبع، يمكن لأسواق رأس المال أن تصبح أقل متعة لأصحاب التداول السريع. فليكن ذلك. على أي حال أنا لم أفهم أبدا المنطق الاقتصادي لاستثمارات تستمر لبضعة نانو ثانية. ربما ينبغي لأولاد اللحظات الخاطفة العثور على وظائف حقيقية وممارسة ألعاب الكمبيوتر في أوقات فراغهم.
بالنسبة لبقيتنا، يجب أن يكون الوضع الطبيعي السليم هو فرز الأنشطة التي يكون من الأفضل تنفيذها على شبكة الإنترنت، والتي ليست كذلك. إذا نظرنا إلى الوراء، فقد تم تقديم تصحيحات في منتصف الطريق من هذا النوع مع أنواع التكنولوجيا الأخرى – مثل السيارات.
عندما كانت السيارات أروع شيء يحدث، كان الأمريكيون يريدون القيام بكل شيء داخلها: مشاهدة الأفلام الروائية وتناول وجبة العشاء وغير ذلك. كنت صبيا في تلك الأيام وأتذكر التهام عدد لا يحصى من ساندويشات الهامبرجر في سيارة فولكسفاجن كانت تملكها أسرتنا. كان أمرا ممتعا، لكنه نوع من الفوضى. رغم كل محاولاتي، لم أتمكن أبدا من معرفة كيف آكل وجبة البرجر الخاصة بي دون سكب صلصة الطماطم في جميع أنحاء المقعد الخلفي لسيارة والدي.
الآن، لم تعد هذه تعتبر مشكلة. أطفالي يوظفون تكنولوجيا قديمة عند تناول البرجر: الطاولة. ونتيجة لذلك تظل سيارتي أنظف – وأعتقد أن هناك درسا مستفادا من ذلك.