IMLebanon

جنبلاط من لاهاي: تلاقي المصالح بين بشار ولحود أدى إلى اغتيال الحريري

 walid-j

 

 

اتهم رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط، خلال شهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، النظام السوري باغتيال والده كمال جنبلاط، موضحاً أنّ والدوريه “اعترض على دخول النظام السوري إلى لبنان، وقال للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد: “لن أَدْخُل سجنك العربي الكبير”.

وقال: “كنت مضطراً إلى عقد تسوية مع النظام الذي اغتال والدي لاحقاً خيرة مثقفي وساسة لبنان”. وإذ اعتبر أنّ “الوصاية السورية” كلمة مغلوطة لأنّها في تلك الفترة تسمى بـ”الإحتلال السوري”، قال جنبلاط رداً على سؤال: إنّه ينتظر “التسوية” لمعرفة لمن سيصوّت في الإنتخابات الرئاسية الحالية”.

جنبلاط أوضح ان علاقته مع النظام السوري بدأت في العام 1977، بعد الأربعين من اغتيال الزعيم كمال جنبلاط على يد النظام السوري. وقال: “أمام الخطر المحدق بلبنان والذي كان يتعرض إلى مؤامرة، وامام الانقسام السياسي الحاصل، كان لا بدّ لي أن أوقّع اتفاقاً سياسياً مع من اغتالوا والدي، ومع من قتلوا خيرة مثقفي وساسة لبنان، وقبل إتفاق الطائف كنت في الصف السياسي الواحد مع النظام السوري لتجنيب لبنان الخطر الإسرائيلي”.

وذكّر بأن “كمال جنبلاط اعترض على دخول النظام السوري إلى لبنان وكان يعلم أنه سيقتل وتلقى معلومات في هذا الإطار”.

واضاف: “المرحوم حسن قواس قام بالتحقيق بمقتل كمال جنبلاط وتفاصيل السيارة التي لحقت به وكيف قتلوه على مشارف قرية بعقلين وكيف ذهبت تلك السيارة إلى مركز المخابرات السورية في سن الفيل، ولكن القضية حولت كسائر الجرائم السياسية الكبرى إلى المجلس العدلي الذي لم يستطيع أن يبت في أي قضية خلال الوصاية السورية على لبنان، وكان هناك خوف منها”.

جنبلاط، وخلال الإدلاء بشهادته امام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، قال: “ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري وهو رئيس وزراء لبنان، وإلياس الهراوي وهو رئيس جمهورية لبنان لم يستطيعا، ولم يكن لهما أي تأثير على الجيش اللبناني”، وقال: “كنا نحاول مع الهراوي والحريري إيجاد فرصة لبنانية للحكم ولكن نظام المخابرات المشترك اللبناني – السوري لم يسمح بذلك”، موضحا ان الجيش اللبناني كان يعمل بإمرة سورية بإشراف إميل لحود، ومضيفًا “عندما ذكرت بأننا أخرنا مجيء إميل لحود لرئاسة الجمهورية هو لسبب بسيط لأننا لم نكن نريد أن يأتي شخص ولاؤه مطلق للنظام السوري”.

ولفت الى ان لحود كان يأتمر بالنظام السوري وكان يأمر الأجهزة الأمنية وفق ما تمليه عليه الأجهزة السورية، مشيرًا الى أن كثرًا من اللبنانيين شعروا بأن القبضة الأمنية للنظام السوري كانت تزداد على البلاد. وقال: “عند انتخاب لحود رئيسا عام 1998 وقفنا في المجلس النيابي وكنا 6 نواب واعترضنا على انتخابه، فيما صوّت باقي النواب له”، وأضاف: “كان لدي حساسية خاصة تجاه العسكر اللبناني والعربي لانه لا يتمتع بأي حيثية ديمقراطية ولا يحترم الإنسان”، منوّها بالرئيس فؤاد شهاب، العسكري الوحيد الذي قام بإصلاحات وكان شخصية استثنائية”.

ورأى ان “الرئيس ميشال سليمان حافظ على الثوابت وكان شخصية مميزة بعد فؤاد شهاب، وهو عمل ما يمكن من أجل تنفيذ إتفاق الطائف”، مشيرا الى انه تم وضع وثيقة “إعلان بعبدا” في عهده. وقال: “نعم انتخبته”.

وقال: “نجحنا انا والحريري والهراوي بتأخير مجيء لحود 3 سنوات، كما ان عبد الحليم خدام وحكمت شهابي كانا متواطئان معنا”، مضيفاً: “انه لا بد من علاقات سياسية مع سوريا ولكن لم نكن نرغب أن نكون ملحقين بسوريا خصوصًا أنه بالنسبة إلى حزب البعث وعقيدته فنحن نسمى “قطر” أي ليس لنا وجود بالمعنى السياسي، ولذا واجهنا عقيدة سياسية متينة لا تعترف بالغير”. وكشف أنه عندما يقرر رئيس النظام السوري أمر عمليات معين فالموضوع لن يكون للنقاش، وقال: “كان أحد شعارات حافظ الأسد “ما من رئيس يموت”.

وأشار الى انه في “العام 98 كانت البداية البطيئة للتحول ضد النظام السوري لاننا كنا نريد بلدا مستقلا ومؤسسات مستقلة وكان الهدف المركزي تحرير الجنوب”.

وكشف جنبلاط أنه “كانت هناك أقنية مختلفة تصب عند إميل لحود غير القنوات السورية الرسمية، لذلك بعد مقتل باسل الأسد بدأ صعود نجم بشار الذي كان لديه طرق خاصة في التعاطي مع لحود”، معتبرا ان “تلاقي المصالح بين بشار الأسد واميل لحود أدى إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري”.

وتابع: “في لقائي الأول مع بشار الأسد قال لي غازي كنعان “أريدك أن تعلم من هم بيت الأسد”، لكنني لم أعلق أهمية على هذه الكلمة، إلا أنني عدت وتذكرتها في أواخر العام2005 عندما أجبر غازي كنعان على الإنتحار”. وقال: “في “المرة الثانية ذهبت وغازي العريضي، واستقبلنا بشار في جبل قاصيون ولم يكن اللقاء مريحاً، وتبين لي في اللقاء العداء الذي كان يكنّه بشار الأسد للرئيس رفيق الحريري”.

وأعلن انه في “العام 2000 كانت الخطوة الثانية للتصعيد ضد النظام السوري”، وقال: “عام 2000 كان للبطريرك صفير نداء تاريخي، وهو أنه بعد تحرير الجنوب آن الأوان للإنسحاب السوري من لبنان، وقد التقيت مع البطريرك صفير في نصف الطريق، وقلت بأنه آن الأوان لإعادة تمركز القوات السورية بحسب اتفاق الطائف، وقد اتُهمت وقتها من قبل نواب النظام السوري في المجلس النيابي اللبناني بأنني عميل اسرائيلي”.

جنبلاط، تحدث عن لقائه مع اللواء رستم غزالة في 25 آب 2004، الذي اتى ليسأله عن الموقف الذي سيقوله للرئيس بشار الأسد، فردّ عندها جنبلاط: “سأقول له أنني لن أوافق على التمديد للرئيس آميل لحود”. وذكّر بأنه تم الغاء اللقاء بينه وبين الرئيس إميل لحود بعد لقائه بغزالة، كما تم الغاء الموعد في 26 آب 2004 الذي كان سيجمعنه بالرئيس بشار الأسد بعد ابلاغ غزالة موقفه برفض التمديد للحود. وأضاف: التقى غزالة أيضاً في 25 آب 2004 الرئيس رفيق الحريري، الذي قال لغزالة إنّ التمديد للحود معقد أكثر ممّا تتصور ويحتاج إلى تعديل الدستور”. وأشار إلى أنّ الحريري لم يبد رأيه بشكل واضح من موضوع التمديد أمام غزالة، وحاول أن يفتح نقاشاً موسعاً مع الأسد لعدم التمديد للحود. والرئيس الحريري لم يكن يعطي رأيه كما أعطيت رأيي برستم غزالة، وربما ظن الحريري أنه يستطيع إقناع الأسد بعدم التمديد للحود     .

وأوضح جنبلاط أنّه عندما تم اتهامه زوراً في مجلس النواب في العام 2000 بأنّه عميل إسرائيلي لم يتفاجىء، إنما استخلص عداء بشار له بشكل غير مباشر ولرفيق الحريري، مضيفاً: “بعد زيارة الحريري لدمشق اتصل بي عندما عاد إلى بيروت وزارني برفقة النائب باسم السبع وكان غاضبا حزيناً وغريباً. لأن الأسد هدّده قائلاً: “إنه إذا أراد جاك شيراك إخراجي من لبنان سأكسّر لبنان فوق رؤوسكم”.

وتابع جنبلاط: “طلبت من الرئيس الحريري التمديد للحود خلافاً لإرادته، وذلك من أجل سلامته الجسدية لأنّي أعرف ما يستطيع أن يفعله بشار الاسد، والحريري أبلغني أنّ الأسد قال له: أنا لحود، ولحود أنا، وعليك التمديد. ولقد فهمت من كلام الأسد للحريري أنّ لحود “زلمتي” في لبنان ولن أقبل غيره رئيساً، وقلت للحريري أن يمدّد للحود ليتجنب شرهم”.

وقال جنبلاط: “في العام 2004 كان قمة المواجهة مع النظام السوري عندما لم أمدّد للحود”. وأوضح أنّ مجلس الوزراء أرسل مرسوماً للتمديد للحود وحينها إستقال وزراء كتلة “اللقاء الديمقراطي”، مشيراً الى انّ النائب غطاس خوري صوّت مع كتلته في مجلس النواب ضدّ التمديد للحود بعد أن استأذن الرئيس رفيق الحريري، وأضاف: “قلت للرئيس الحريري مدّد ولن يكون هناك خلاف بيننا، بل سأغطيك”، لافتاً الى أنّ الرئيس الحريري كان مضطرباً سياسياً لأنه يعلم جيداً ماذا سيحل به بعد التمديد للحود.

وتابع جنبلاط: اتُهم الرئيس الحريري بكتابة القرار 1559 في سردينيا مع النائب مروان حمادة، ولكن القرار كان خارج إرادة الرئيس رفيق الحريري. انّ القرار 1559 كان خارج إرادة اللبنانيين ورفضناه وتمسكنا بالطائف، ولم يكن ليصدر القرار 1559 لو لم يحدث التمديد للحود. هناك دولة عظمى أبلغت بشار الأسد بالقرار 1559 ما دفعه للقول للحريري إنّه سيدمر لبنان إذا حاول الرئيس الفرنسي جاك شيراك إخراجه.

ولفت جنبلاط إلى أنّ علاقته بقرنة شهوان كانت ممتازة وتطورت بعدما زار البطريرك صفير الجبل وعقدت المصالحة التاريخية، مضيفاً: كانت رغبة الحريري مناقشة الاحتمالات الرئاسية مع الأسد في 24 آب 2004، ولكن الأسد رفض هذا الأمر وهدده وهددني. وأصبح للرئيس الحريري ممثلان رسميان في البريستول، وثلاثة في لقاء قرنة شهوان.

جنبلاط قال: “مهما تكلم لحود يبقى دمية في يد بشار الأسد”. وذكّر بان موقفه كان واضحاً لجهة رفض فتح أيّ صفحة جديدة مع إميل لحود وما يمثل في لبنان، مشيراً الى أنّ الكل كان يعلم أنّ الرئيس رفيق الحريري إضطر إلى التمديد بعد التهديد السوري.

وكان جنبلاط استهل حديثه بانه بدأ عمله الصحافي في صحيفة “النهار”. وبعد مقتل والده كمال جنبلاط عام 1977 انتخب بعد 6 أسابيع رئيسا للحزب التقدمي الإشتراكي.

واوضح انه عندما أسس والده الحزب عام 1949، “كان يطمح لأن يغير النظام السياسي الطائفي اللبناني لكن ظروف الطائفية في لبنان كانت أقوى”، وقال: ”لم أستطع تحقيق حلم كمال جنبلاط وحزبنا تقلص إلى مساحة ضيقة درزية بسبب الظروف”، وبكل تواضع أمثل قسما مقبولا من الطائفة الدرزية، وبعد مقتل الرئيس رفيق الحريري توسعت الشعبية التي تؤيد مواقفي”.