دعا صندوق النقد الدولي دول مجلس التعاون الخليجي، إلى خفض نفقاتها لمواجهة تراجع العائدات الناتج من تدني أسعار النفط. وشدّد مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق مسعود أحمد، على ضرورة «ألاّ تتصرف هذه الدول بطريقة اندفاعية في مواجهة تراجع الأسعار»، مؤكداً في تصريح إلى وكالة «فرانس برس» في دبي، العمل على «تصحيح تدريجي لاقتصاداتها عبر استخدام الاحتياطات المالية الضخمة المتراكمة من ارتفاع أسعار النفط على مدى سنوات».
ومع بلوغ أسعار النفط مستويات تقلّ عن تلك الملحوظة في موازنات هذه الدول، شدّد على أهمية أن «تخفّض هذه الدول نفقاتها في شكل تدريجي لكن حازم، وتعزز وضعها المالي». وفقدت أسعار النفط 50 في المئة من قيمتها منذ حزيران (يونيو) عام 2014 ، ويُتوقع تراجعها الى ما دون مستوى الربحية بالنسبة إلى الدول الخليجية في السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة.
ويعتمد اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي الست إلى حدّ كبير، على العائدات الناجمة عن قطاع الطاقة.
وأورد تقرير إقليمي لصندوق النقد الدولي، أن «فائض الموازنات البالغ 76 بليون دولار العام الماضي، سيتحول إلى عجز بقيمة 113 بليوناً هذه السنة».
ولم تأخذ هذه التوقعات في الاعتبار النزاع في اليمن، حيث تشارك خمس من دول مجلس التعاون الخليجي في حملة جوية بقيادة السعودية ضد المتمرّدين الذين تدعمهم إيران.
وأكد أحمد أن على الدول الخليجية النفطية «بذل مزيد من الجهود لتنويع اقتصاداتها وتقليص اعتمادها على النفط»، لافتاً إلى أن معظم هذه الدول «اتخذ إجراءات في هذا الشأن». وأوضح أن الإمارات «بلغت مرحلة أكثر تقدماً في تنويع اقتصادها، في وقت تحاول الدول الأخرى بدرجات مختلفة، تشجيع نشاطات القطاع الخاص بعيداً من المجال النفطي». ودعا إلى «خفض الدعم الذي تقدّمه في قطاع المحروقات والنفقات الحكومية وتشجيع المستهلكين على تغيير سلوكهم». ولاحظ أن معظم دول المجلس التعاون الخليجي «تستمر في بيع المنتجات النفطية بأسعار أدنى من مثيلاتها العالمية»، مشيراً إلى «أهمية خفض الدعم في قطاع الطاقة مع الوقت». كما يجب على الدول الخليجية «احتواء زيادة الرواتب في القطاع الحكومي الذي يوظّف مواطنين، خلافاً للقطاع الخاص المعتمد في شكل أساس على ملايين العمال الأجانب».
واعتبر أحمد أن على هذه الدول أن «تمنح أولوية لمشاريع الاستثمار التي تحقّق التنمية أكثر من غيرها». وتوقّع أن «تبلغ العائدات النفطية نحو 280 بليون دولار هذه السنة، أي أقل من تلك المحقّقة العام الماضي، إذ باستثناء الكويت، وقطر الغنية بالغاز، ستواجه الدول الخليجية الأخرى عجزاً في موازناتها هذه السنة». ولم يستبعد احتمال «استمرار هذه الأوضاع لعامين أو ثلاثة». لكن، شدّد على أهمية الإقرار بأن دول مجلس التعاون الخليجي «راكمت احتياطاً مالياً يضعها في موقع قوي جداً، يسمح لها باستخدام مدخراتها لتمويل النفقات، وسيؤدي ذلك إلى تخفيف أثر تراجع أسعار النفط». ويقدر الاحتياط النفطي لدول مجلس التعاون الخليجي، بنحو 2500 بليون برميل.
وتحدث أحمد عن التطورات الاقتصادية في مصر، ملاحظاً أن «إصلاحات السياسة الاقتصادية التي تنتهجها بدأت تؤتي ثمارها»، مشيراً إلى أن «النمو يتعزز، لكن الوضع لا يزال صعباً». ولفت إلى أن الصندوق أجرى «نقاشات جيدة» مع المسؤولين المصريين في واشنطن الشهر الماضي، وسيرسل فريقاً للمساعدة الفنية إلى القاهرة مطلع حزيران (يونيو) المقبل».
وقال إن جهود الحكومة لتقليص عجز الموازنة وتنشيط النمو الاقتصادي، «تؤتي ثمارها، لكن الحاجة لا تزال قائمة لبذل المزيد».
ورجّح أن «ينمو الاقتصاد نحو أربعة في المئة هذه السنة، أي بما يقرب من مثل مستوى العام الماضي».
وأوضح أن الحكومة الحالية للرئيس عبدالفتاح السيسي، «لم تطلب قرضاً من صندوق النقد»، لكن أكد مجدداً أن الصندوق «مستعدّ لتقديم المساعدة في حال طلب منه ذلك».