IMLebanon

سلام: الخلافات السياسية تؤخّر الملفات الاقتصادية

tammam-salam

تتفاوت الهموم والشجون الاقتصادية في البلدان العربية في المرحلة الراهنة، إنما يمكن القول إنها تلتقي كلّها في إطار «الأزمة». فإن كانت بعض البلدان كلبنان والأردن تعاني ضعفاً في النمو وفي التنمية، فإنّ بلداناً أخرى ترزح تحت وقع الحرب والمعارك كسوريا واليمن. كما تواجه البلدان النفطية أزمة تراجع أسعار النفط وآثارها على اقتصاداتها الوطنية. وبذلك لم تسلم أي دولة عربية من تأثيرات موجة العنف والتطرّف التي تجتاحها ومعها مخاوف متنوّعة من عمليات تبييض الاموال، مروراً بارتفاع منسوب البطالة والفقر، وصولاً إلى النزوح والتهجير وانعكاساتهما على النواحي المعيشية كافة.
وسط هذه الأجواء افتتحت أمس، الدورة الـ23 من «منتدى الاقتصاد العربي»، تحت شعار «دورة سعيد خوري»، من تنظيم «مجموعة الاقتصاد والاعمال»، برعاية رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، وبمشاركة العديد من الوزراء اللبنانيين والعرب ومحافظي المصارف المركزية وقيادات مؤسسات الاستثمار والأعمال من مختلف بلدان المنطقة، في فندق فينيسيا.
في هذا الاطار، يوضح أمين عام جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى لـ «السفير» اننا «نتحضر لمرحلة إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة، وهذه الأوضاع تشمل الناحية الاقتصادية وبالتالي هناك فرصة، ليس للبدء من جديد إنما لإعادة ترتيب الأمور الاقتصادية». ويشير الى «تفعيل القرارات والاتفاقات المعهودة والنظر الى الاحتياجات الحالية لتحقيق نمو اقتصادي افضل في المنطقة». ويرى أن المطلوب اليوم هي «الخطط السليمة والقراءة السليمة للمواقف إنْ لناحية الاوضاع السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية، إضافةً الى تحديد الاولويات التي لم تكن موجودة سابقاً». ويضيف: «نحن تعلّمنا درساً قاسياً في السنوات الأخيرة، على أمل أن نحسن إدارة الدول والاقتصادات في المستقبل».
دعوة للتفاؤل
استهل جلسة الافتتاح الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي ورأى فيها أنه «لا يمكننا الاستسلام للتشاؤم. فبالرغم من المشكلات والتحديات التي تواجهنا فإن العالم العربي لديه الكثير من الموارد والقدرات للنمو والتطور ولتحقيق متطلبات وآمال شعوبه لو استطاع التغلب على انقساماته وبناء أنظمة سياسية تجاري العصر». وقال: «دعونا نتفاءل بالمستقبل، فلا خيار لنا غير التفاؤل المقرون بالعمل الجاد والدؤوب لأنه وبالعمل وحده نستطيع أن نغير الأوضاع».
ثم تحدث رئيس «جميعة مصارف لبنان» الدكتور فرنسوا باسيل الذي أشار الى ان «المنطقةَ العربية تشهد في الفترة الأخيرة تطوراتٍ دراماتيكية متسارعة، وأحداثاً سياسيةً وأمنية ذات مضاعفاتٍ اقتصاديةٍ أكيدة ومديدة لسنوات، وربما لأجيالٍ قادمة».
وأضاف: «لم يعد مقبولاً على الصعيد الاقتصادي أن تظلّ معدلات النمو في المنطقةِ العربية متواضعةً، فهذه المعدلات التي تتراوح، بحسب تقديراتِ صندوق النقد الدولي، ما بين 3.2 و 3.8 في المئة لعامي 2015 و2016، لا تكفي لاستيعاب القوى العاملة الشابةِ المتدفقة الى أسواقِ العمل العربية».
ولم يغب عن بال باسيل التذكير بالفراغ الرئاسي ومساوئه، مؤكّداً أنه «لم يعد طبيعياً ولا مقبولاً أن يستمرَ هذا الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية خلافاً للدستور وللأعرافِ ولمقتضيات توازن عمل المؤسّسات».
من جهته، حاول رئيس «اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان» بث بعض التفاؤل، معرباً عن يقينه بأن الليل الذي يعيشه العالم العربي سوف ينجلي. وتابع شقير: «نحن كقطاع خاص لبناني، برغم الظروف المؤسفة التي يمر بها بلدنا، إلا أننا لا نزال نمتلك العزيمة والتصميم للسير إلى الأمام والعمل لإبقاء لبنان موجوداً بقوة على المستوى الاقتصادي على الساحتين العربية والعالمية. خلال الأشهر الماضية، قمنا بزيارات خارجية، إلى برشلونة وباريس وموسكو وروما وميلانو، عقدنا خلالها سلسلة من الاجتماعات الناجحة، لخلق شراكات عمل ثلاثية الاضلاع، أي بين القطاع الخاص اللبناني ونظيره الأوروبي من جهة، والقطاع الخاص العربي، أو القطاع الخاص في أفريقيا من جهة ثانية».
«التكامل الاقتصادي»
وتحدّث وزير التموين والتجارة الداخلية المصري خالد حنفي فقال: «إنّ ما يحدث على الساحة السياسية جزء كبير يكمن حلّه في أمور اقتصاديّة لأنّ الاقتصاد غير منفصل عن السياسية ويسير جنباً إلى جنب معها». وأضاف: «إنّ الاقتصاد العربي في شكله العام كان يتّجه نحو التكامل الاقتصادي ولكن هذا التكامل إذا لم ينظر إليه من زاوية التجارة البينية العربية المتدنية التي لا تتجاوز نسبتها أقل من 10 في المئة هو أمر يدعو الى التوقف عنده والانتباه كي نتحرّك الى الأمام».
وكانت كلمة لوزير المال الكويتي السابق بدر الحميضي تحدّث فيها عن مسيرة مؤسس ورئيس شركة اتحاد المقاولين ورئيس مجموعة الاقتصاد والأعمال على مدى 25 عاماً الراحل سعيد الخوري وإنجازاته الكثيرة، إضافةً الى كلمتين لنجلي الراحل توفيق سعيد خوري وسامر سعيد خوري الذي اعلن عن جائزة سعيد الخوري المالية لمساعدة 4 طلاب سنوياً في دخول عالم الاعمال.
عشر سنوات على الأزمة
أما سلام فبدأ كلمته بتوجيه «تحيّة خاصة الى ضيوفِنا من دول الخليج العربي»، منوهاً «بأدوارهم المؤثّرة في قطاع الأعمال العربي».
وبالعودة الى الاقتصاد، أوضح سلام انه «منذ عشر سنوات يعيش الاقتصاد اللبنانيّ وضعاً صعباً غير مسبوق، نتيجةَ أحداثٍ كبرى ما فتئت تتوالى منذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، في ظل أزمة سياسيّة داخليّة مستحكِمة، وتوترات إقليميّة توّجتها الحرب السوريّة التي هجّرت الى لبنان مليون ونصف مليون سوري. كلُّ هذه الأزمات، وما رافقها من تراجع كبير لعدد السياح، أضعفت الاقتصاد اللبناني، الذي تلَقّى في الآونة الأخيرة ضربةً إضافية نتيجة انقطاع سبل التصدير البرّي للمنتجات اللبنانية».
التحية الثانية وجهها سلام إلى الهيئات الاقتصادية والقطاع الخاص اللبناني، الذي يثبت كل يوم، كفاءة ومثابرة وإصراراً، ويسجّل كلّ يوم إنجازات تدعو للاحترام، برغم كل المُعوّقات التي تعترض عمله، والتأخر في إقرار الاصلاحات المطلوبة لتحسين مناخ الأعمال في لبنان».
وقال: إنّ الخلافات السياسيّة، التي تطال الصغيرة والكبيرة في بلدنا، حالت للأسف حتى الآن، دون اتخاذ قرارات ورسم سياسات شديدة الأهميّة تتعلق بقطاعات اقتصادية حيوية، ومن شأنها إحداثُ تأثير إيجابي على نسب النمو. أعطي مثالاً على ذلك، قرارُ الانتقال من مصادر الطاقة التقليدية إلى الغاز الطبيعي، بما يؤدي الى خفض نسبة التلوّث والكلفة التشغيلية لمؤسسة كهرباء لبنان وللقطاع الصناعي، بالإضافة الى تحديث محطات إنتاج الطاقة، إقرارُ المراسيم المتعلقة بإطلاق عملية استكشاف النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، تحسينُ مستوى الاتصالات وخدمات الانترنت وخفض اسعارها، إقرار الموازنة العامة للدولة».
تكريم
وفي نهاية الافتتاح، كرَّم المنتدى رئيس «الاتحاد العام لغرف التجارة المصرية» أحمد الوكيل، ومحمد رشيد البلاع من السعودية، وراشد فهد النعيمي من قطر.