واحدة من أبرز صاحبات المشاريع في فيتنام، تشرح للكاتب كيف استطاعت إثبات أن أولئك الذين استهانوا بها كانوا على خطأ.
بدأت هانا دانج حياتها حين هربت مع عائلتها من القصف الأمريكي لمدينة هانوي، عاصمة فيتنام الشمالية. بعد أكثر من 20 عاماً بقليل، كانت أول وظيفة لها تسويق منتجات شركة كوكا كولا.
تقول دانج، متذكرة كيف روجت عودة شركة صناعة الصودا عام 1994 إلى جمهورية فيتنام الموحدة، بعد أن قررت الولايات المتحدة رفع الحظر التجاري الذي استمر مدة طويلة “كان ذلك تجربة تاريخية بالفعل. لقد كنا نقود شاحنة في جميع أنحاء سايجون لعرض الكولا على الناس”.
رحلة دانج من كونها فارّة من طائرات واشنطن الحربية إلى مشجّعة للمنتجات الأمريكية جزء من القصة المتماسكة لما يُسمى “أطفال الحرب”، وكثير منهم من النساء، اللواتي هن الآن شخصيات بارزة في قطاع الأعمال في فيتنام.
بعد انتهاء الحرب الأهلية المُدمّرة في البلاد التي مضى عليها 40 عاماً الأسبوع الماضي، عملت دانج وقريناتها على استيعاب الخبرات التجارية الجديدة المعروضة مع انفتاح المنتصرين الشيوعيين على الرأسمالية والاستثمار الأجنبي.
اهتمامات دانج الآن تراوح بين الأسهم الخاصة والأفلام، ما يجعلها واحدة من مجموعة من صاحبات المشاريع رفيعات المستوى في هذه البلاد المكونة من 90 مليون نسمة. الحرب، والأعوام الصعبة بعد ذلك، كأنها تجربة لتشكيل الاقتصاد، ولا سيما لأنها أضعفت هامش هيمنة الذكور على قطاع الأعمال.
تقول دانج، البالغة من العمر 43 عاماً، التي توفي والدها وهو يُقاتل مع جيش فيتنام الشمالية عندما كانت تبلغ من العمر عاماً واحداً “في الحرب، كثير من النساء فقدن أزواجهن، لذلك فقد احتجن إلى إطعام أطفالهن. وبالتالي فقد أصبحن نساءً قويات جداً ومستقلات”.
في ذكرى العقد الرابع لسقوط نظام حُكم فيتنام الجنوبية المدعوم من الولايات المتحدة، تَركَّز الاهتمام على مدى التغير الذي حدث منذ أن فجرت دبابات الفيتكونج بوابات القصر الرئاسي في سايجون، التي تم تغيير اسمها منذ ذلك الحين إلى مدينة هوشي منه. فيتنام لا تزال دولة شيوعية ذات حزب واحد، لكن الاقتصاد أصبح مفتوحا أمام الاستثمار. بعد فترة طويلة من الركود، يتسارع النمو مرة أخرى، إلى جانب المناقشات حول عدم المساواة، والفساد وما إذا كان قد تم تمزيق روح ثورة مدينة هوشي منه.
في حين إن كثيرا من الاهتمام قد تركّز أخيراً على ثروات اللاجئين السابقين الذين يعودون الآن إلى فيتنام للقيام بأعمال تجارية، إلا أن الجانب الثاني هو أولئك الذين مثل دانج، الذين لم تغادر عائلاتهم. وباعتبارهم اسمياً على الجانب المُنتصر، واجهوا أعواماً صعبة بعد التوحيد، حيث تتذكر دانج كم كان الطعام نادراً. تقول “الجميع كانوا فقراء. كان نادراً جداً رؤية الأشخاص الذين كان لديهم المال”.
بعد بضع غزوات (أثناء فترة المراهقة) في أعمال الشركات الناشئة، بما في ذلك إنشاء كشك للقهوة خارج منزل العائلة في مدينة هوشي منه، جاء أكبر إنجاز للسيدة دانج عندما تسلمت عملاً كموظفة استقبال في أحد الفنادق لتمويل دراستها لتصبح مُدرّسة لغة إنجليزية.
لفت انتباهها زيارة مسؤولين تنفيذيين من شركات أجنبية يستعدون لانفتاح فيتنام الاقتصادي، في نهاية المطاف حصلت على وظيفة في وكالة الإعلانات المسماة ماكان إريكسون.
تذكر قائلة “لقد قالوا “نحن بحاجة إلى شخص مثلك يتمتع بشخصية منفتحة، ويمكنه التواصل بشكل جيد ويستطيع التحدّث بلغة إنجليزية جيدة. كان الأمر مُضحكاً في البداية، لأني لم أكُن أعرف ماذا تعني الإعلانات. كنت أعتقد أنهم أرادوا فتيات لترويج البيرة والسجائر”.
توالت الوظائف على حسابات شركة كوكا كولا وغيرها من الشركات الغربية التي تدخل أو تعود إلى فيتنام، بما في ذلك شركة مايبيلين لمستحضرات التجميل.
بعد ذلك انتقلت إلى تشو سنكو، شبكة وكالة الإعلانات القائمة في اليابان، ومن ثم إلى العمل لمصلحة واحدة من عملائها، شركة أدوية، قبل أن تتخذ قرار تأسيس شركتها الإعلانية الخاصة بها، وتُدعى جولدن كومونيكيشن.
وتقول “كنت على الجانب الغربي، وكنت على الجانب الياباني، وكنت على جانب العملاء. حان الوقت الآن للحصول على وكالة محلية لبناء علامات تجارية محلية”.
تذكر دانج الإحباط من مواجهة التحيّز الجنسي في أيامها الأولى. مدير الإبداع في شركتها جولدن كان “رجلا بلجيكيا بطول مترين مع شعر أشقر وعينين زرقاوين” الذي “اعتقد الجميع … أنه كان مديري”.
تقول “إنها خسرت أيضاً بعض العملاء المحتملين بسبب “الإشاعة” التي ليس لها أساس من الصحة، من أنها كانت تحصل على العقود فقط لأنها كانت تبدو جميلة”.
في أوقات أخرى، كان الظلم والافتراض قد تحوّل لمصلحتها في نهاية المطاف. “إذا استهانوا بي، فسأفوز”.
طريقة دانج هو أنها توفر نفس الجودة التي تقدّمها الشركات الأجنبية، لكن بأسعار أفضل وقدر أكبر من الرؤى المحلية. وتُعطي مثالا بأنها استطاعت في وقت مبكر رصد إمكانية الإعلان عن القوارب التي تُبحر في ممرات المياه في دلتا ميكونج.
تقول “إن شركة جولدن الآن لديها 150 موظفا وتحقق مبيعات سنوية تبلغ نحو 60 مليون دولار”، على الرغم من أنها لن تُقدّم أي تفاصيل عن الأرباح.
“دعنا نقول إنها ليست مشكلة” على حد قولها،. لأن إحدى العقبات الأساسية لتصبح شركة أكبر هي عدم وجود موظفين مهرة في البلاد. وتضيف “ليس لدينا ما يكفي من أصحاب الأداء الجيد … الأشخاص الذين يباشرون العمليات اليومية”.
كما عملت دانج أيضاً على توسيع اهتماماتها، ولا سيما كشريكة في مشروع محلي للأسهم الخاصة التابع لبنك إنفست الدنماركي. تقول “إنها حصلت على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من شيكاجو وتملك شركة إنتاج”، حيث كان أنجح أفلامها، هو فيلم كوميدي عن زوجين فقيرين يتبنيان خمسة أطفال من الشارع، الذي حقق أرباحاً تبلغ 3.2 مليون دولار في شباك التذاكر من استثمار بقيمة 400 ألف دولار.
كذلك افتتحت مطعمين من المطاعم التايلاندية مع شريك في مدينة هوشي منه – الثاني كان في الشهر الماضي – وتريد إضافة مزيد من الفروع في مراكز التسوّق التي تتشكّل لخدمة النخبة في المناطق الحضرية.
في حين إن دانج تتحدّث بصراحة في بعض النواحي، إلا أنه بإمكانها أيضاً لعب دور الدبلوماسي – ربما مهارة ضرورية في بلاد لا يكون في العادة من المفيد لرجال الأعمال استعداء الحكومة.
وهي تعترف بأن الفساد “أمر كبير” لكنها ترفض إعطاء أمثلة عن بعض المواقف الصعبة التي واجهتها، حيث تحول السؤال مؤكدةً كيف أنها تدفع ضرائبها وتستخدم شركات التدقيق الدولية.
كما تقلل أيضاً من أهمية الاتصالات رفيعة المستوى في قطاع الأعمال في فيتنام، لكنها أقرت أنها كانت مفيدة بالنسبة لها إلى حد ما، إلا أن هذا “أمر طبيعي” في جميع البلدان. وتصرّ على أن عائلتها، التي تضم أعماماً كانوا في جيش فيتنام الشمالية وأصبحوا فيما بعد مديري مصانع، لا تملك مستوى العلاقات التي قد تُساعد مسيرتها المهنية.
تتحرك دانج في عالم بعيد عن غارات B-52 والحرمان أثناء أعوامها الأولى. وهي تعمل الآن على تحسين لغتها الإسبانية، لكنها لم تنس بدايتها الصعبة، ولا سيما لأنها تعتقد أن لها تأثيرا عميقا على ما فعلته وأخريات من عمرها منذ ذلك الحين.
وتقول “لقد كان الأمر صعباً جداً بالنسبة لوالدتي وبالنسبة لنا أيضاً. ربما … لهذا السبب نحن نعمل بجد أكبر – ونحن أكثر تصميماً على تحقيق النجاح”.