“البئر جاهزة وأحلاقنا جافة”، “الماي ما بتمرق على العطشان” و “اسقيني ولا تطعمني” عبارات حملتها اللافتات التي رفعها أهالي قرى عبدللي، صغار، تولا، وجربتا ودريا في قضاء البترون خلال اعتصامهم للتعبير عن حاجتهم للمياه ووجعهم من حرمانهم منها.
أهالي هذه القرى تعبوا من أزمة المياه وملوا من المطالبة بالحصول عليها. بيانات أصدروا، اتصالات أجروا، مناشدات لم يتركوا فقرروا رفع الصوت للمطالبة بالمياه من بئر دير مار يوسف جربتا – حيث ضريح القديسة رفقا التي تم استحداثها على عقار للدير وانتهى العمل فيه منذ العام، الا أن ضخ المياه منه تأخر بسبب إشكالية في ضخ كمية المياه للدير مجانا مقابل التنازل عن العقار الذي اقيمت عليه البئر، ما استدعى رأيا قانونيا من هيئة الاستشارات لم تبديه حتى الآن ما أدى الى تأخير عملية تسليم البئر من وزارة الطاقة الى مؤسسة مياه لبنان الشمالي.
“الاسباب تعددت والموت واحد”، أزمة مياه تطاول خمس قرى بأهلها وناسها يشترون المياه ويدفعون ثمنها مرتين، مرة للمؤسسة ومرة أخرى لأصحاب الصهاريج، كما يقول المواطن جوزيف خوري الذي يسكن في بلدة جربتا ويشتري صهريجا كل 15 يوما: “المياه تصلنا مرة كل أسبوعين بمعدل ساعة ونصف الساعة وهذه الكمية لا تكفينا ليوم واحد. اشتري 350 تنكة كل 15 يوما ب 75 ألف ليرة. هل يجوز أن أدفع مليون ليرة ثمن مياه بالصهاريج وأعود لأدفع ثمن اشتراك مياه؟ قررت ألا أدفع بدل اشتراك هذا العام وهذا ما أبلغته لجابي المياه”.
ويشير بطرس موريس رزق أن “عداد المياه في منزله لا يزال يعطي نتيجة الصفر منذ شهر آذار 2012”.
اعتصام
حيال هذا الواقع نفذ أهالي بلدات صغار ، جربتا، عبدللي، تولا ودريا وبدعوة من مختار الأخيرة جورج خليفه اعتصاما أمام البئر المذكورة مطلقين الصوت عاليا للمطالبة بالمياه للحد من تفاقم أزمة العطش والحرمان من المياه.
وتلا خليفه بيانا باسم المخاتير والأهالي جاء فيه: “الى من له صلة بهذا الأمر، نحن مخاتير بلدات عبدللي، تولا، دريا، صغار وجربتا المشتركين على شبكة مصلحة الشمال للمياه، بعد معاناة طويلة من الإجحاف الذي عانيناه منذ حوالى إثنين وخمسين سنة وبسبب قلة المياه حينا وشحها في أوقات أخرى وإنقطاعها في غالب الأحيان عن بعض الأحياء من قرانا، بسبب وسع إمدادات الشبكة الجديدة وبسبب سوء إنتظام التوزيع العادل للمياه أسوةً بباقي القرى المجاورة على القاعدة المعروفة: 365م2 في السنة أي ما يعادل مترا مكعبا لكل 24 ساعة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، قامت مصلحة المياه بتركيب عدادات للمشتركين على الشبكة، ومنذ تأسيس الإشتراك الذي تخطى عدة سنوات حتى الآن لم تسجل في بعضها كمية 365م2 التي هي من حق في سنة واحدة. وبعد محاولات حثيثة لإصلاح الوضع الراهن ومراجعة السلطات المختصة في مصلحة مياه الشمال وفاعليات المنطقة ونوابها المسؤولين عن خدمة الشعب وتلبية حاجاتهم الضرورية، وبعد وعود المسؤولين التي تخطى عددها وحدها كمية المياه التي تحتاجها منطقتنا، وآخرها الوعد بإمداد ثلاث قرى هي دريا، جربتا وصغار بالمياه من البئر الإرتوازية التي تم حفرها في منطقة مار يوسف – جربتا، وقامت وزارة الطاقة والمياه بتمديد شبكة قساطل من البئر المذكورة الى هذه القرى لتغذيتها”.
أضاف:”كما أنه ستستفيد من هذا الحل بلدتا عبدللي وتولا بحيث ستحصلان على كمية مياه أوفر كانت مخصصة للبلدات الثلاث المذكورة أعلاه، وذلك تكون مشكلة الشح في المياه قد حلت في القرى الخمس”.
وطالب بيان الأهالي “بالمباشرة فورا بتطبيق الحل المقترح سابقا بتشغيل البئر المذكورة وتغذية القرى التي ستستفيد منها لحل معضلة الحرمان المزمن الحاصل من شح المياه بعد أن تخطت الوعود المهلة المعطاة لتشغيله ألا وهي الأول من آذار 2015”. كما طالبوا “بإعفاء المشتركين كافة من رسم الإشتراك السنوي مع المتأخرات لغاية آخر سنة 2014”.
وأمل المعتصمون “مصلحة مياه البترون مدة شهر من تاريخ هذا التحرك، لتحقيق هذه المطالب دون أي إجتزاء وإلا فستكون هناك خطوات تصعيدية بعد هذا التاريخ، تبدأ بالإعتصام أمام مركز مصلحة مياه البترون وتنتهي بسحب إشتراكاتنا”.
أما مختار بلدة صغار فقال: “نحن هنا في هذا الجبل، في منطقة القديسين حيث رفاة القديسة رفقا والقديس نعمة الله والطوباوي اسطفان ، في هذا الجبل الذي يحوي كل ما هو معنى للعطش. يسوع قال للسامرية “أعطني الماء لأشرب” لأن المياه تنعش كل إنسان وحيوان ونبات وتعطيهم الحياة ونحن نريد الحياة ونرفض مقولة “على الوعد يا كمون”.
بركات
بدوره بركات أكد “دعم التحرك ومطالب المخاتير والاهالي في القرى المحرومة. نحن بحاجة للمياه والشبكة تم مدها في بلدة عبدللي ولا يجوز أن تجري المياه في القساطل من دون أن يستفيد منها الاهالي. نحن لنا مصلحة بهذا المشروع ونحن بجانب الأهالي والمخاتير بما يتعلق بمطالبهم من وزارة الطاقة ونتمنى أن نصل الى حل لأزمة المياه ونهاية لرحلة الحرمان على مدى أكثر من 30 سنة. القصة واضحة أن هناك 5 قرى لا تعرف المياه ونناشد المسؤولين أخذ الموضوع على محمل الجد لأن الوضع لم يعد يحتمل”.
طنوس
وألقى الشاعر شربل طنوس قصيدة حيا فيها الجيش اللبناني والقوى الامنية لسهرهم على أمن المواطن. كما تمحورت قصيدته حول أزمة المياه وعطش الأهالي ومعاناتهم.
واستمر الاعتصام لساعات أمام البئر على وقع الأغاني والاناشيد الوطنية.
أما رئيسة دير مار يوسف جربتا الام ميلاني مقصود فقالت: “البئر أردناها مشروعا يروي الدير وأراضيه ويلبي حاجته من المياه بالاضافة الى ضخ المياه للقرى المجاورة. قدمنا الأرض لتوزيع مياه القديسة رفقا على الناس العطشى. وللأسف حتى الآن لم يتم تشغيل البئر بسبب تأخر قرار هيئة الاستشارات بشأن تزويد الدير بالمياه بدون مقابل ندفعه للمؤسسة. نحن والمواطنون في الانتظار ولكن ليس مقبولا أن نقدم عقارا ونتنازل عنه رسميا من دون الحصول على المياه مجانا. مع الاشارة أن البئر تحوي كمية من المياه تكفي حاجتنا وحاجة القرى التي تستفيد منه”.
مؤسسة المياه
وفيما حمل المخاتير والمواطنون المسؤولية لمصلحة مياه البترون ومؤسسة مياه لبنان الشمالي اكدت مصادر الأخيرة أن “البئر على الرغم من استكمال العمل فيها ليست جاهزة لضخ المياه بسبب عدم تركيب مضخات ومحول كهربائي بانتظار رأي هيئة الاستشارات التي لها الكلمة الفصل بموضوع الامتيازات التي تم إلغاؤها منذ العام 2006 والمؤسسة لا تستطيع القيام بأي خطوة قبل تسلم البئر رسميا من الوزارة”.