وقالت مصادر وزارية معنية بمتابعة هذه التطورات لصحيفة “النهار” ان المعطيات العامة المتوافرة لدى الجهات الرسمية عن الحدود الشرقية تفيد بأن هناك 18 فصيلاً للمعارضة السورية تشارك في القتال الذي يدور حاليا بصورة رئيسية بين الجيش النظامي السوري و”حزب الله” وكوادر إيرانية من جهة و”جبهة النصرة” و”الجيش السوري الحر” من جهة أخرى، وأن مسرح العمليات هو على مساحة طولها 40 كيلومترا وعمقها 17 كيلومتراً وهي تقع في منطقة ضبابية حول الحدود بين لبنان وسوريا بحيث يصعب أحيانا معرفة أين هي الاراضي اللبنانية وأين هي الاراضي السورية.
وتحدثت عن محاولات إعلامية لتوريط الجيش اللبناني في هذه المعارك مما استدعى تحركا رسميا في اتجاه الدول الكبرى المعنية لتأكيد عدم صلة لبنان بها والتشديد على أن دور الجيش اللبناني محصور بحماية الحدود اللبنانية والسكان داخل الاراضي اللبنانية، كما سبق للجيش ان أكد ذلك تكراراً.
من جهة اخرى، اكد أحد أبناء عرسال لصحيفة “الأخبار” أن مسلحي “النصرة” يحاولون منذ الاربعاء استنهاض النازحين السوريين في مخيمات عرسال، بغية نقل أكبر عدد منهم إلى الجرود لمواجهة الهجوم العنيف الذي يشنه الجيش السوري وحزب الله عليهم في جرود عسال الورد والجبّة ورأس المعرّة في القلمون.
إلى ذلك، أكّدت مصادر سياسية بارزة لصحيفة “الجمهورية” أنّ معركة القلمون ستكون حرباً مِن الصعب أن يتمكّن فريقٌ من حَسمِها سريعاً، نظراً لاستراتيجية المعركة وعلاقتِها بمصير سوريا، وهل ستتوحّد أم ستتقسّم.
وقالت إنّ معركة القلمون اليوم ليست بين القوى الموجودة على الأرض فقط، بل يدخل فيها التحالف العربي ـ الغربي ضدّ الإرهاب من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى بحكم مجاورةِ المنطقة للجولان. وتتحدّث معلومات عن تلقّي “جبهة النصرة” دعمَ أطرافٍ كانوا حتى الأمس يتّهمونها بالتكفير والإرهاب.
وبالنسبة إلى لبنان، فإنّ الخطورة تكمن في أنّ الحدود المفتوحة بين لبنان وسوريا تجعل حربَ القلمون تمتدّ حُكماً إلى الأراضي اللبنانية جوّاً وبرّاً. وفي ضوء معركة القلمون سيتقرّر مصير عرسال.
وحتى الآن، فإنّ الجيش اللبناني، وخلافاً لما تَذكر المصادر المشاركة في الحرب حاليّاً، لا يزال خارج إطار المعارك، وهو يلتزم المحافظة على الحدود اللبنانية ـ السورية، ولكنْ في حال تطوّرت الأمور سيكون حاضراً للدفاع عن السكّان وعن المناطق اللبنانية التي تتعرّض للقصف من خارج الحدود.
وكانت مواجهات عنيفة دارت أمس بين الجيش السوري و«حزب الله» من جهة والمسلحين من جهة أخرى، وأسفرَت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المسلحين وفرارِ آخرين، وانتهَت بسيطرة الحزب والجيش السوري على جرد عسال الورد بمساحة 100 كلم مربّع تتضمّن عشرات التلال والمغاور والمعسكرات والنقاط العسكرية.
وأكّدت مصادر ميدانية لـ”الجمهورية” أنّ “هذا التقدّم يختلف عن العملية العسكرية الكبرى المعَدَّة للقلمون وأنّ المعركة الكبرى لم تبدأ بعد وسيُعلن عنها في الوقت المناسب”.
من جهتها، أوضحَت مصادر مطّلعة على سير المعارك أنّ ما حصل في جرود القلمون كان عملية ميدانية تمهيدية تمَّت خلالها توسِعةُ المنطقة الممتدّة من جرود الطفيل حتى عرسال، بحيث إنّه تمَّ وصلُ جرود عسال الورد بجرود شرقي بريتال، وكذلك تمّ الفصل بين جرود عرسال والزبداني، وسيطرَ مقاتلو “حزب الله” على مجموعة تلال استراتيجية ستَخدم العمليات العسكرية المنتظَرة في الأيام المقبلة.
إلى ذلك، نفى مصدر عسكري رفيع كلّ الأخبار التي تمّ تداولها نهاراً عن حدوث اشتباكات بين المسلحين والجيش اللبناني في السلسلة الشرقيّة أو داخل الأراضي البقاعيّة، لافتاً إلى أنّ الجيش يتّخذ تدابيرَه منذ مدّة طويلة ولا صحّة للأخبار المتداولة عن مشاركته في المعارك، لأنّها تحصل داخل الأراضي السوريّة، ومؤكّداً أنّ أحداً من المجموعات المسلّحة لن يدخلَ البقاع.
ومِن جهة ثانية، شدّدَ المصدر على أنّ كلام قائد الجيش العماد جان قهوجي وموقفَه كانا واضحَين في الالتزام بسياسة الحكومة وبالقرار السياسي، واستمرار الجيش في مكافحة الإرهاب وصَونِ الإستقرار الداخلي والحفاظ على السِلم الأهلي، لافتاً إلى أنّ كلامَه جاءَ حازماً وحاسماً بأن لا تنسيقَ بين الجيش اللبناني والجيش السوري، وأنّ جيشَنا لن يدخل في حرب استنزاف يحاول البعض جَرَّه إليها”.
من جهته، أكد القيادي في “الجيش السوري الحر” في القلمون المقدم محمد خطار أن كل ما يدعيه “حزب الله” والنظام الأسدي عن إنجازات واحتلال لتلال في جرود القلمون لا صحة له مطلقا، ولا يعدو كونه ادعاءات إعلامية لرفع معنويات جنودهم المنهارة من جراء الهزائم المتتالية اخيرًا.
وقال في تصريح لصحيفة “عكاظ”: “إنهم يكذبون في الإعلام”، لافتا الى ان الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله يعلم جيدا أنه غير قادر على تحقيق أي انتصار في القلمون، لكنه يريد أن يخترع معركة على الحدود السورية اللبنانية من أجل هدفين، الأول هو تبرير سحب مقاتليه من الجبهات الداخلية في سوريا إلى جبهة القلمون، وثانيا توريط الجيش اللبناني في مواجهة مع الجيش الحر والثوار.
وأضاف المقدم خطار: “المعارك الماضية أكدت لقيادة “حزب الله” أن المعركة ليست لصالحهم. هناك ستة من القيادات الميدانية قتلوا في اليومين الماضيين، كما أن أعدادا كبيرة من المسلحين قتلوا وجرحوا، وبخاصة في عسال الورد والجبة، وكل هذه الخسائر التي نتكلم عنها موثقة تماما”.
وبشأن المخاوف من حصول توريط للجيش اللبناني في المعركة، قال “نحن والشعب اللبناني جيران وأخوة، والجيش اللبناني نكن له كل الود والاحترام، وقيادة الجيش اللبناني تعلم تماما كيف وقفنا إلى جانبهم خلال اعتداء “داعش” على عرسال والجيش. كنا في خندق واحد معهم، ونحن نناشد قيادة الجيش اللبناني أن تتجنب مؤامرة توريط الجيش بمعركة القلمون”.