يبدو أنّ محاكمات المتهمين بقضيّة نهر البارد، والمعروفين بـ “الموقوفين الإسلاميين”، ستنتهي قبل نهاية تموز على أبعد تقدير، تماماً كما وعد وزير العدل أشرف ريفي. هذا ما أكّده أيضاً رئيس المجلس العدلي القاضي جوزيف سماحة الذي أكّد “أننا نحاول قدر الإمكان الإسراع في الجلسات، ونطلب من الله أن يعطينا القوة لذلك”.
وتبدو هذه السرعة جليّة أيضاً من خلال وقع الجلسات الأسبوعيّة (كلّ يوم جمعة) التي يعقدها المجلس العدلي، وهي في أغلبها جلسات مخصّصة للمرافعة وتحديد موعد لإصدار الحكم المبرم، بعدما تمّ استجواب العدد الأكبر من المتهمين الموقوفين والمخلى سبيلهم في قضية نهر البارد.
وتشير المعلومات لصحيفة “السفير” إلى أنّ اختتام المحاكمات سيكون مبدئياً في 26 حزيران المقبل، إلا إذا قام المتهمون ووكلاؤهم بتأخيرها من خلال الإصرار على طلب شهود أو التمنّع عن الحضور أو إلقاء القبض على متهمين جدد.. أو أي سبب آخر يؤخر موعد الجلسات.
أمس، كان المجلس برئاسة القاضي سماحة على موعد مع أكثر من 7 ملفّات متفرّعة عن الملف الرئيسي في معارك نهر البارد والاعتداء على أمن الدولة والتآمر على الدولة، كان أبرزها الجلسة المخصصّة لمرافعة وكلاء الدفاع عن المتهمين الخمسة: ناصر أحمد صالح اسماعيل (من الجنسيّة الفلسطينيّة، وكان قد فرّ في البداية مع شاكر العبسي قبل إلقاء القبض عليه)، نصر الدين عدة بلقايم (من الجنسية الجزائريّة)، ياسر محمّد الشقيري (من الجنسيّة السوريّة وهو محكوم 20 سنة بقضيّة عين علق)، سليم علي عبد الكريم صالح (من الجنسيّة اليمنيّة الملقّب بأبو تراب والمعروف بأنه كان أمير الإسلاميين في رومية وزعيم حركات التمرّد داخله)، عز الدين عبد القادر بن موسى (من الجنسيّة الجزائرية).
جلس “أبو تراب” على المقاعد المخصّصة للموقوفين مخفوراً. لم يتحرّك “زعيم الإسلاميين” في رومية، بل كانت عيناه تتحركان يمنة ويسرة لاستطلاع كل من حوله من دون أن يحرّك وجهه. ومن كان يحاول مراقبة عيون القيادي السابق في “فتح الإسلام”، كان يلقى منه نظرة غاضبة!
وبالرغم من حضور المتهمين ووكلائهم، غير أن الجلسة أرجئت إلى 22 أيّار الحالي، بعدما أصرّت وكيلة بلقايم المحامية هلا حمزة على الاستماع إلى أحد الشهود الأطباء، وذلك إثر ردّ ممثل النيابة العامة التمييزية القاضي عماد قبلان طلب وكيل بن موسى المحامي أنطوان نعمة الاستماع إلى شهادة محقّق عدلي عسكري.
حاول القاضي سماحة أن يعمل بكلّ ما أوتي من قوّة حتى تسير الجلسة أو على الأقّل إرجاءها إلى موعد قريب لا يتعدّى الأسبوع، غير أنّ ارتباط حمزة بمؤتمر خارج البلاد حال دون ذلك. وهي سألت وكيلها بلقايم إن كان يصرّ على الشاهد أو يريد السير بالجلسة، ليقول إنه يصرّ. غير أن الكلمة النهائيّة بشأن الموافقة على الشاهد، أتت على لسان “أبو تراب” بعدما استشاره الموقوفون. كان هؤلاء يقتربون الواحد تلو الآخر من أذنيه، يتمتمون ويتراجعون من دون أن يحرّك “زعيم الإسلاميين” ساكناً. وبعد تفكير للحظات قليلة، أومأ “أبو تراب” بيده إلى الأعلى للمحامية، لتصرّ حمزة على طلب الشاهد، ليقوم سماحة بإرجائها مع لفته الانتباه في حال عدم تنفيذ التعهد ليبنى على الشيء المقتضى القانوني.
وقد عبّر أحد الموقوفين عن انزعاجه من التأخير وطالب بفصل ملفّه عن ملف المتهمين الأربعة الباقين، ليردّ سماحة: “لقد فصلنا الملفات للتسهيل ولكن وصلنا إلى تفتيت الملفّات لا فصلها فحسب!”.
وفي سياق متصل، اختتم المجلس العدلي برئاسة سماحة وعضوية القضاة: تريز علاوي، بركان سعد، جان مارك عويس، وناهدة خدّاج وممثل النيابة العامة القاضي عماد قبلان، محاكمة متهمين في قضية متفرّعة عن نهر البارد، وحدّد موعداً لإفهام الحكم في 22 أيّار الحالي. وبانتظار هذا الموعد، تمّ نقل المخلى سبيلهم الخمسة: أحمد توفيق صبحي رحمون، أحمد خالد ستيته، سالم طلال العتري، عمر خالد محمود الخالد، عماد أحمد العتر، إلى سجن رومية، فيما أبقي على الموقوف حسام عبد الله الصباغ في سجنه.
أما الموقوفون الذين لم يحضروا الجلسة المخصّصة للمرافعة بعد استجواب المتهمين غير الفارين، فقد قرّر المجلس الحكم عليهم غيابياً، وهم: بلال حسن البستاني، رجب سميح حسين، عثمان الغلاب، عدنان الغلاب، بشار الأحمد، محمد بلاطة، خالد بلاطة، عمر محمد أبو حرسة. كما ردّ ممثل النيابة العامة التمييزية المعذرة الطبيّة للمتهمين: محمّد علي يوسف وأحمد محمّد هودا، ليقرّر المجلس اعتبارهما فارين من وجه العدالة ومنعهما من تقديم أي دعوى ما خلا المتعلقة بالأحوال الشخصيّة، ورفع يدهما عن إدارة أملاكهما وتعيين رئيسة قلم المجلس سامية التوم قيمةً على تلك الأملاك وتنفيذ مذكرتي إلقاء القبض بحقّهما.
وكان قد سبق الحكم مرافعات لكلّ من: المحامي أحمد الفيّ عن الصباغ، والمحامي فواز زكريا عن العتري والخالد، والمحامية مهى حراجلي عن العتر، والمحامي صالح المقدّم عن رحمون، والمحامي أنطوان نعمة عن ستيته.
وطلب وكلاء الدفاع في مرافعاتهم الشفهية ومذكراتهم الكتابية من المحكمة، بغالبيّتهم، ولا سيّما زكريا ونعمة، إهمال التحقيقات الأوليّة كونها لم تحترم المادة 47 من الأصول الجزائية بل ترافقت مع أعمال تعذيب لانتزاع الاعترافات من المتهمين، ما يفقد هذه الاتهامات أهميتها كونها لم تصدر عن إرادة، وأن المتهمين لم يكن يعلمون في حينه أن تنظيم “فتح الإسلام” هو “جماعة من الأشرار”.
فيما أشار الفيّ الى أن الصباغ هو عامل تهدئة في طرابلس ولم يتدخّل في تهمة التآمر على الدولة، بل إن خروجه من السجن ووجوده في طرابلس “فيه مصلحة وطنيّة”.
وفي ملف آخر، رد “العدلي” المعذرة الطبية للمتهم نبيل رحيم واعتبره فاراً من العدالة وأصدر أمراً بإنفاذ مذكرة إلقاء القبض عليه وأرجأ الجلسة لمرافعة النيابة العامة التمييزية في 26 الحالي.