محمد وهبة
قبل نحو أربعة أشهر، أبلغت إدارة البنك الأهلي التجاري السعودي، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، نيّتها إقفال فروعها في لبنان، ثم أبلغت قرارها للموظفين، تمهيداً للتفاوض معهم على بروتوكول صرف يحدّد مبالغ التسوية والصرف التعسفي.
قالت مصادر مطلعة إن وفداً سعودياً من إدارة البنك الأهلي التجاري زار في مطلع السنة الجارية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وسلّمه كتاباً رسمياً يبلغه فيه رغبة البنك الأهلي في إقفال فروعه في لبنان وتصفيتها بعدما باتت كلفة تشغيلها أعلى من إنتاجيتها.
كذلك تضمن الكتاب الرسمي مجموعة حجج إضافية لهذا الإغلاق، مفادها أن وجود المصرف في لبنان محدود جداً قياساً بحجم السوق المصرفية اللبنانية، بينما ليس للمصرف أي نيات توسعية في هذه السوق. أيضاً أظهر الكتاب أن وجود المصرف في لبنان لم يعد مدرجاً ضمن اهتمامات المصرف الاستراتيجية.
ولدى البنك الأهلي التجاري فرعان في لبنان (وسط بيروت، الحازمية)، يعمل فيهما نحو 25 موظفاً. هؤلاء تبلّغوا أيضاً من الإدارة نيتها الإغلاق من دون أن تكون مبرّرات الإغلاق مقنعة، إلا أن الإدارة لم تتجاوب معهم حتى الآن بشأن بروتوكول الصرف. وبحسب المصادر فإن الإدارة السعودية تريد صرف كل الموظفين بأقل كلفة ممكنة، وستحاول التفلّت من تطبيق بروتوكول الصرف المعتمد.
المبرّرات السعودية لإقفال البنك الأهلي التجاري لم تكن مقنعة كثيراً، لأن «وجود البنك الأهلي التجاري في لبنان يعود إلى عام 1952، وهو لم يغلق طوال الحروب الماضية، رغم كل الخراب والدمار اللذين لحقا بلبنان، ورغم أن فرعه في وسط بيروت تعرّض للدمار الكامل» يقول أحد المصرفيين. لذا، إن مثل هذه الخطوة قد تعدّ مؤشراً سلبياً لأنها قد تفسّر بأكثر من طريقة، وخصوصاً أن السوق العقارية في لبنان شهدت في الفترة الأخيرة عروضاً واسعة لبيع ملكيات سعودية في لبنان. قد يوحي هذا الأمر أو يترك انطباعاً بأن ما يحصل ليس عشوائياً، بل قد يكون مقصوداً. وفي المحصلة ستكون النتيجة سلبية، سواء كان الأمر مقصوداً أو غير مقصود.
وما يعزّز هذا الاستنتاج أن البنك الأهلي التجاري هو المصرف السعودي الوحيد في لبنان، وهو مملوك بنسبة 80% من إدارات حكومية يتخذ فيها القرار من أعلى هرم السلطة السعودية. كذلك تبيّن أنه رغم محدودية العمليات المصرفية التي يقوم بها البنك الأهلي التجاري في لبنان، إلا أنه يحقق أرباحاً مقبولة قياساً على فروع المصارف التي تماثله أو أكبر منه حجماً في لبنان، إذ بلغت قيمة أرباح الفرعين في لبنان 4.5 ملايين دولار في عام 2014.