Site icon IMLebanon

نقص في عمال القرى الحدودية: الإجراءات تهدد بضرب المشاريع الزراعية

Agriculture
طارق ابو حمدان
ارتفعت صرخة أصحاب المشاريع الزراعية في المنطقة الحدودية، بعدما برزت مشكلة جديدة أثقلت كاهلهم، تتمثل بنقص اليد العاملة، لتزيد واقع القطاع سوءا، مهددة بضرب المواسم الزراعية من جديد. هذا القطاع الذي تعتاش منه فئة واسعة من أبناء القرى الحدودية والعمال السوريين، فكأنه لا يكفي تجاهل وتقاعس الدولة عن دعم المزارعين وتوفير أبسط مقوّمات صمودهم في أرضهم المتاخمة للخط الحدودي، وتلف المواسم الزراعية جراء التقلبات المناخية القاسية، حتى تأتي قرارات رسمية تضرب العمود الفقري للزراعة، من خلال الحد من حركة العمّال الزراعيين السوريين.
تنظيم العمالة السورية
قرار الحكومة اللبنانية المتعلق بتنظيم دخول السوريين الى لبنان، لتخفيض أعداد النازحين، طال ايضا العمّال السوريين، ومنهم العاملون منذ التحرير عام 2000 في سهول المجيدية ـ الماري ـ عين عرب ـ سردا ـ الوزاني والمحاذية للسياج الحدودي في هذا القطاع، التي كانت قد شهدت نهضة زراعية لافتة وغير مسبوقة، بحيث بلغ الاستثمار الزراعي أكثر من 14 الف دونم من الاراضي، وقد استقطبت هذه السهول، التي كانت ارضا قاحلة طيلة فترة ما قبل التحرير، العشرات من كبار المزارعين، الذين تخلوا عن سهول البقاع، وقدموا الى هذه المنطقة الخصبة الغنية بتربتها ومياهها، ليعملوا فيها، عبر عقد ضمان بينهم وبين مطرانيتي الكاثوليك والموارنة، وملاكين آخرين، تحوّلت عندها هذه المنطقة الى مصدر أساسي لمختلف انواع الخضار والفاكهة واللوزيات والعنب وغيرها.
العمالة السورية 90%
الزراعة في هذه السهول تقوم بنسبة 90 في المئة على كاهل العمال السوريين، الذين أقاموا خياما مع عائلاتهم في الحقول، ليمضوا معظم أوقاتهم في الاعتناء بها، فالعمالة السورية، يقول جورج احد المستثمرين، شكلت ركنا اساسيا في هذا القطاع، بسبب رخص اليد العاملة، وخبرتها في هذا المجال. فعدد العمال تراوح بين الـ350 الى 450 عاملا من مختلف الأعمار، ويضيف جورج قائلا: «كنا نعتمد في استقدام العمال على ما نسميه الشاويش الذي يتكفّل بإحضار نحو 50 عاملا من سوريا بإجراءات مقبولة، أما اليوم فالأمر تبدل جذريا، تتطلّب متابعة الكفيل اللبناني نفسه للاجراءات القانونية التي تحتاج أياما عدّة، لإحضار كلّ عامل بمفرده، مع دفع مبلغ 300 ألف ليرة، وتقديم سند ملكية مع تعهّد لدى الكاتب العدل، فضلا عن تأمين مسكن، واشتراط عدم تسجيله في المفوّضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR، وهو أمر مستحيل، لأن معظم السوريين مسجّلون في المفوضية، إضافة الى ان القرار لا يشمل أي بند جزائي على العامل السوري، يحمي الكفيل اللبناني، وغيرها من الشروط». فهذه التعقيدات في معاملات دخول السوري، أدت الى عودة نحو 80 في المئة من العمّال السوريين الى سوريا، تاركين أشغالهم من دون ان نتمكن من تأمين بديل، ما يهدّد القطاع الزراعي الذي شارف على إنتاج المحصول، حيث الحاجة ماسة للعمّال السوريين، في ظلّ غياب العمالة اللبنانية، وإذا توفّرت فإنّها مكلفة جدا».
تحركات في كل الاتجاهات
انطلاقا من هذه المعطيات، رفع المزارعون الصوت عاليا، وبدأوا سلسلة تحرّكات ولقاءات مع المراجع المختصّة، بهدف فصل موضوع العمّال الزراعيين عن النازحين، وإلا فإنّ مصيرهم مهدّد، كما القطاع الزراعي، ومن أجل المساعدة التقوا منذ فترة النائب علي فيّاض، في سهل سردا، شارحين معاناتهم، مشدّدين على انّ الواقع الأمني للسوريين في المنطقة ممسوك من قبل الاجهزة الامنية، وسلّموه اقتراحات لمعالجة هذا الملف.
من جهته، شدد فيّاض على ضرورة معالجة هذه المشكلة، عبر إيجاد حلّ يوفّق بين الاجراءات الامنية وحماية القطاع الزراعي، وقال: «نتفهّم الوضع جيّدا، بالنسبة لتنظيم تدفق النازحين السوريين، ولكن في الوقت عينه تجب تنمية الزراعة وحمايتها، عبر اتّخاذ إجراءات خاصة تقوم على التوفيق بين الأمرين لحماية الزراعة التي تستند الى العمالة السورية، وفق دراسة تقوم بها كلّ من وزارتي: العمل والداخلية والامن العام، علما ان النازحين السوريين أمر والعمّال السوريين في القطاع الزراعي أمر آخر، يجب عدم المزج بينهما، وهذا الامر يحتاج الى تحرّك عاجل، وسنتابع القضية مع مختلف الاجهزة المعنية».