قال أندرو روب وزير التجارة والاستثمار الأسترالي لـ«الشرق الأوسط»، إن السعودية تعتبر ثاني أكبر سوق لبلاده في منطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن إجمالي تجارة البلدين الثنائية في السلع والخدمات، بلغت 3 مليارات دولار.
وأوضح روب أن مباحثاته الأخيرة في الرياض تمحورت حول سبل كسب دعم السعودية لاستكمال المفاوضات المتعلقة بتوقيع اتفاقية التجارة الحرّة بين دول مجلس التعاون الخليجي وبلاده. وأضاف روب: «إن هذه الاتفاقية ستحدث نقلة في مسيرة العلاقات التجارية، وتوسعا كبيرا في قطاعي التجارة والاستثمار بالبلدين، كما تتيح للمؤسسات والشركات السعودية الوصول إلى الخبرة الأسترالية العالمية في المجال التقني والملكية الفكرية».
وشدد الوزير الأسترالي على أهمية اغتنام المستثمرين السعوديين الفرص الاستثمارية في قطاعي الزراعة والبنية التحتية ببلاده، مبينًا أن اقتصاد بلاده مستمر في النمو على مدى 23 عاما، بنسبة سنوية تبلغ 3.4 في المائة، مشيرًا إلى أن هناك فرصا استثمارية في قطاعات السياحة والصحة وقطاع الخدمات والتدريب المهني، بجانب تجارة المواشي.
* في أي إطار كانت زيارتكم الأخيرة للرياض؟ وما مدى أهمية التعاون بين أستراليا والسعودية؟
– أتت زيارتي للسعودية، في إطار تعزيز العلاقات التجارة والاستثمارية بين البلدين بصفتي وزير التجارة والاستثمار، فكانت زيارتي الأخيرة للسعودية هي الثالثة إلى دول منطقة الخليج خلال الأشهر الاثنى عشر الماضية، مما يعكس الأولوية التي توليها الحكومة الأسترالية لعلاقاتها التجارية والاستثمارية مع منطقة الخليج عموما والسعودية خصوصا، لما تمثله من ثقل اقتصادي وتجاري واستثماري مهم جدا في الإقليم. عموما فإننا نهدف إلى تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية المشتركة بما يعكس متانة وقوة الروابط السياسية، وسنعمل على مواصلة العمل والتنسيق المشترك بين الجانبين في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
* عما أثمرت زيارتك للسعودية؟
– بالتأكيد أجريت مباحثات مهمة في الرياض، وكانت تركز في الأساس على كسب دعم السعودية لاستكمال المفاوضات المتعلقة بتوقيع اتفاقية التجارة الحرّة بين دول مجلس التعاون الخليجي وأستراليا.
* ماذا كانت نقاط النقاش الأساسية؟
– كانت اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي وأستراليا نقطة النقاش الأساسية التي استحوذت على حصة كبيرة من التداول فيها أثناء اجتماعاتي كافة في الرياض، ذلك لإيماني أن اتفاقية كهذه، ستحدث نقلة في مسيرة العلاقات التجارية بين أستراليا والسعودية، وستؤدي إلى توسع كبير في قطاعي التجارة والاستثمار بالبلدين، كما يمكن أن تتيح للمؤسسات والشركات السعودية الوصول إلى الخبرة الأسترالية العالمية في المجال التقني والملكية الفكرية، كذلك انتهزت هذه الفرصة أيضا، لأشدّد على الفرص الاستثمارية التي يمكن أن تتاح للسعودية في قطاعي الزراعة والبنية التحتية بأستراليا.
* كيف تصف وضع الاقتصاد الأسترالي ونموه؟
– أستراليا أمة مستقرة اقتصاديا وسياسيا، فهي بلاد ديمقراطية وثقافية متنوعة، تضم قوى عاملة تتمتع بمهارات ومؤهلات عالية جدا وهي واحدة من أقوى اقتصادات العالم، ففي عام 2014، دخلت أستراليا عامها الثالث والعشرين من النمو الاقتصادي غير المنقطع، الذي ارتفعت نسبته إلى 3.4 في المائة سنويا، كمعدل متوسط خلال هذه الفترة، وتشتهر أستراليا عالمياً بأنها إحدى البلدان العالمية الرائدة في مجال الإنتاج الزراعي واستخراج المعادن وتوليد الطاقة، وتملك في الوقت نفسه نظاما تربويا تعليميا عالميا، وقطاع خدمات شاملا، هو أكبر قسم من الاقتصاد الأسترالي ويشكّل نحو ثلاثة أرباع إجمالي الناتج المحلي ويشغل أربعاً من أصل خمس وظائف.
* ما الاستراتيجية التي تتبعها أستراليا لتأمين نمو وتطوّر اقتصادي مستدام؟
– تشكل البيئة الأسترالية الاستثمارية والتجارية المفتوحة والشفافة والمقاربة التنظيمية الودودة والصديقة للأعمال وقطاع الخدمات المالية المتقدم والروابط الوثيقة مع الاقتصادات الناشئة، لا سيما في آسيا، دعامة لاقتصادنا القوي، ومن المكونات الأساسية لنجاح أستراليا الاقتصادي عملية الإصلاح المستمرة التي تطبقها لجعل اقتصادنا أكثر انفتاحًا ولتعزيز التنافس على الساحة الدولية، وشكّلت المفاوضات المتعلقة بإبرام اتفاقيات تجارة حرة مع شركائنا التجاريين الأساسيين – بمن فيهم الولايات المتحدة الأميركية واليابان والصين وكوريا واتحاد دول جنوب شرقي آسيا – جزءا مهما من هذه الاستراتيجية.
* كيف تنظر إلى تطور التعاون الاقتصادي بين أستراليا والسعودية في الماضي؟
– تُعتبر السعودية ثاني أكبر سوق لأستراليا في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي، هي شريك تجاري مهم لنا، حيث بلغ إجمالي تجارتنا الثنائية في السلع والخدمات نحو 3 مليارات دولار، وبلغ إجمالي صادرات أستراليا إلى السعودية 2.244 مليار دولار أسترالي عامي 2013 و2014، بالإضافة إلى ذلك، تصدير سلع أسترالية بقيمة 600 مليون دولار إضافية إلى السعودية من الإمارات العربية المتحدة، وتعتبر سيارات الركاب من أهم السلع التي تصدر من أستراليا إلى السعودية وبلغت قيمتها 716 مليون دولار أسترالي عامي 2013 و2014، أما الصادرات الكبرى المهمة الأخرى فهي الشعير واللحوم والقمح، كما تشكل السعودية سوقا أساسية لمشتقات الحليب وقطع السيارات وإكسسواراتها، وتشكل سوقا نامية للخضراوات الطازجة والمعادن المعالجة ومنتجات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وكذلك تشغل الصادرات الخدماتية ولا سيما التربية والتعليم حيزًا مهمًا أيضًا، فكثيرون هم الطلاب السعوديون الذين يتابعون دراستهم في أستراليا بفضل برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للابتعاث الخارجي، كما أن التعليم والتدريب المهني يشكلان التزامًا مهمًا بين البلدين، ومع توسّع العلاقات التجارية، توثقت روابط وعلاقات الأعمال الأسترالية السعودية الرسميّة أيضًا، ووقعت مذكرة تفاهم بين مجلس الأعمال السعودي الأسترالي ومجلس الغرف السعودية في مارس (آذار) من عام 2013، فتأسس مجلس الأعمال المشترك الذي سررت بافتتاح أحدث جلسة له خلال زيارتي إلى الرياض.
* أين تكمن برأيك أهم إمكانات العلاقات السعودية الأسترالية المستقبلية في مجال الأعمال؟
– كما ذكرت سلفا، فإن السعودية تشكّل ثاني أكبر سوق لأستراليا في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي، هي شريك تجاري مهم أساسًا لنا، وفي ظل هذا الوضع نتطلع إلى نتائج مثمرة بعد إتمام اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي وأستراليا، لما ستوفره من منصة مناسبة توسع علاقات الأعمال بشكل كبير بين البلدين بشكل خاص، وبينها وبين بلدان أخرى في مجلس التعاون الخليجي بشكل عام.
* يلاحظ أن شراكتكم تركز على تجارة المواشي والحبوب.. هل من طموح أكبر من ذلك؟
– على الرغم من وجود شراكات استراتيجية فيما يتعلق بالمواشي والحبوب مع السعودية، فإنها لا تصل إلى المستوى المأمول، إذ إن هناك فرصا جيدة ومجالا للتوسع التجاري والاستثماري بين البلدين، كما أن أستراليا لديها الكثير لتقدمه للمملكة، بخلاف الإنتاج الحيواني والزراعي، فهناك قطاع التعليم الجامعي الذي يصنف كثاني أفضل تعليم عالٍ، من حيث الجودة والالتزام والصرامة بعد بريطانيا، إضافة إلى السياحة والصحة وقطاع الخدمات والتدريب المهني.
* ما القاسم المشترك بين البلدين؟ وكيف يمكن توظيفه لمصلحتهما؟
– تتشارك أستراليا والسعودية نقاط تكامل قوية في مجموعة من القطاعات بما فيها قطاع المأكولات والزراعة وتوليد الطاقة واستخراج المعادن والبنية التحتية والتربية والتعليم والصحة والسياحة، وبصفتي وزير التجارة والاستثمار، أنا ملتزم بتعزيز روابط التجارة والاستثمار القائمة مع السعودية لا سيما في هذه القطاعات.
* كيف يمكن أن يتكيف اقتصادا البلدين لتعظيم تعاونهما؟
– تتكيف حاجات الاقتصاد السعودي مع القدرات الأسترالية تماما، إذ تتمتع أستراليا باقتصاد سليم ونظام مصرفي منظم ومدار بشكل جيد وبنية تحتية جيدة ورسوم جمركية وعوائق متدنية على التصدير، فمجتمع أعمالنا متطوّر وهو على اطلاع ومعرفة تامة بممارسات أعمال الشرق الأوسط، ونحن نتمتع بخبرة في القطاعات الأساسية التي تدعم النمو الاقتصادي في السعودية بما فيها البنية التحتية والأعمال الزراعية والتربية المائية، ولذلك أرى إمكانيات قوية للتوسع في علاقاتنا والروابط التي تجمعنا في قطاع التربية، إذ يتابع عدد من طلاب السعودية دراستهم حاليا في أستراليا سواءً على المستوى الجامعي أو الدراسات العليا بفضل برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للابتعاث الخارجي، ونحن نرحب بتعاون أكبر في قطاع التعليم المهني والبحوث والتبادل الأكاديمي.
* إلى أي مدى يمكن أن تكون السعودية بوابتكم لقطاع الأعمال العربي عموما؟
– لا شك أن السعودية تعتبر أكبر بوابة رئيسية نحو الانفتاح على قطاع الأعمال العرب، وبفضل نقاط قوتنا الاقتصادية وقربنا من الأسواق الرئيسية الكبرى في شرق آسيا، تعتبر أستراليا شريك أعمال منطقي لمجتمع رجال الأعمال العرب، كما تشكّل أستراليا وجهة مستقرة ومربحة للاستثمار الجديد لمنطقة مجلس التعاون الخليجي، وبصفتي وزير التجارة والاستثمار، ولذا أشجع على زيادة الاستثمار في قطاعات السياحة والبنية التحتية والزراعة الأسترالية.