Site icon IMLebanon

الى متى يبقى لبنان بلا رئيس؟ (بقلم رولا حداد)

بعد أقل من أسبوعين يبدأ لبنان للمرة الأولى في تاريخه في زمن السلم تعداد أشهر السنة الثانية من دون رئيس للجمهورية!

سبق للبنان أن عاش من دون رئيس للجمهورية في 3 محطات في تاريخه: من 23 تشرين الثاني يوم غادر الرئيس الأسبق إميل لحود قصر بعبدا في اليوم الأخير من ولايته الممدة حتى 25 أيار 2008 تاريخ انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان. ومن 23 أيلول 1988 يوم انتهاء ولاية الرئيس السابق أمين الجميّل وحتى 5 تشرين الثاني 1989 يوم انتخاب الرئيس الشهيد رينيه معوض بعد إقرار اتفاق الطائف في مطار القليعات الذي سمّي لاحقا مطار رينيه معوض.

ومن 18 أيلول 1952 وحتى 23 أيلول 1952 بين استقالة الرئيس بشارة الخوري وانتخاب الرئيس كميل شمعون، فصلتهما 5 أيام بوجود حكومة عسكرية برئاسة اللواء فؤاد شهاب. ويبقى يومان فصلا اغتيال الرئيس الشهيد رينيه معوض وانتخاب الرئيس الياس الهراوي بين 22 تشرين الثاني و24 تشرين الثاني 1989.

هذه هي الوقائع التاريخية قبل 24 أيار 2014 ظهراً حين غادر الرئيس السابق ميشال سليمان قصر بعبدا من دون أي أفق لانتخاب رئيس جديد في مجلس النواب.

هذه المرة يبدو الفراغ قاتلاً ومدمّرا للجمهورية الثانية، لأن القرار بتعطيل انتخاب الرئيس وبإبقاء الفراغ مسيطراً يمتدّ من طهران حتى حارة حريك مع ارتدادات صوتية في الرابية، حيث يستعمل “حزب الله” طموح العماد ميشال عون الرئاسي كستار يخفي خلفه القرار الإيراني بالتعطيل. أما الدليل الساطع على ذلك فهو أن الحزب لم يساير “الجنرال” حتى في موضوع القادة الأمنيين الذي تمّ التوافق فيه على التمديد بدءًا باللواء ابراهيم بصبوص في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي خلال أسبوعين منعاً للفراغ في 5 حزيران، وسيليه حكماً وحتماً التمديد للعماد جان قهوجي. وبالتالي هل هي مصادفة ألا يساير الحزب حليفه في أي ملف، من تعيين المدير العام للأمن العام الى التمديد للقادة الأمنيين، ويكتفي بتأييده في الملف المستحيل منذ 27 عاماً وهو رئاسة الجمهورية؟!

أما في السياسة والحرب المشتعلة في الإقليم من اليمن مرورا بالعراق وسوريا وصولا الى القلمون والحدود اللبنانية- السورية وارتداداتها الداخلية التي يتخوّف اللبنانيون منها، فيبدو قصر بعبدا رهينة وضع معقد أكثر بكثير من وضع العسكريين المخطوفين لدى “داعش” و”جبهة النصرة”. فالقرار الإيراني هو بامتلاك أوراق القوة بالتعطيل السياسي والدستوري في لبنان والتخريب العسكري والأمني في سوريا والعراق واليمن سعياً الى مفاوضات مريحة في ملفها النووي من جهة، والأهم إبقاء عناصر الحلم بالسيطرة على العواصم العربية، بدءًا بالأربعة المتاحة صنعاء وبغداد ودمشق وبيروت، لترتاح حدود الإمبراطورية الفارسية المنشودة من مضيق باب المندب مرورا بضفاف المتوسط وعاصمة الأمويين وبلاد ما بين النهرين وصولا الى حدود باكستان وأفغانستان!

هكذا سيبقى لبنان يدفع فواتير الأحلام الإيرانية بلا رئيس للجمهورية وبمؤسسات معطلة وحدود مشرّعة أمام حروب الميليشيات الإيرانية بالوكالة عن الحرس الثوري في انتظار انتهاء ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما القابع على رأس إدارة أميركية عاجزة عن اتخاذ أي قرار، باستثناء لهاثها لتوقيع اتفاق نووي مع إيران يبدو أن الكونغرس الأميركي لن يسمح به، ما سيجعل أوباما يخرج من البيت الأبيض في كانون الثاني 2017 خائباً ومخيِّباً كأسوأ رئيس مرّ في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية!