Site icon IMLebanon

الراعي “حرِدٌ”.. والأسباب!

bechara-raii

تؤكد مصادر محيطة بالصرح البطريركي لصحيفة “الديار” أن قلق البطريرك بشارة الراعي يتضاعف بعدما سَرَت أخبار عن تراجع الوضع الريادي لمسيحيي لبنان بالنسبة لقيادة مسيحيي المشرق العربي، الأمر الذي ينعكس على وضع رئاسة الجمهورية الشاغرة في لبنان.

وتشير المصادر إلى أن البطريرك سمع كلاماً سلبياً عن مسيحيي لبنان وقياداتهم خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة الفرنسية، بمعنى أن مسيحيي لبنان غير قادرين على الإتفاق في ما بينهم، فكيف لهم أن يسوسوا وضع المسيحيين في المشرق العربي ككل، خاصة وأنهم في معرض تغيير العرف الدستوري الذي كرّس الرئاسة للموارنة، من دون أن يكون ذلك نصاً مكتوباً ووارداً في الدستور، وبالتالي، فهو عرضة للتغيير فيما لو طال أمد الشغور وفشل الموارنة في اختيار الرئيس المقبل، أو حتى في التوصل إلى الحد الأدنى من الإتفاق على مواصفاته.

من هنا، تضيف المصادر نفسها، يأتي غضب البطريرك المتزايد الذي ينطلق من أسباب أخرى أيضاً أبرزها الآتي:

ـ عدم تفاعل القيادات المارونية مع خطاباته ونداءاته المتكرّرة، حتى أنه شبّه نفسه أمام زواره بالقديس يوحنا الصارخ في الصحراء.

ـ عدم تفاعل المجتمع المسيحي بشكل عام مع صوته المرتفع وبقاء المسيحيين في خنادق الزعماء، كما أنه يعتبر أن “الإنتليجنسيا” المسيحية أي الطبقة المثقّفة من رجال الأعمال والكوادر، عليهم أن يقفوا موقفاً ضاغطاً باتجاه انتخاب الرئيس العتيد وملء الفراغ.

ـ شعور البطريرك الراعي أنه محيّد في الحوار الحاصل بين الزعيمين المسيحيين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، خاصة وأنهما كرّسا أنفسهما كزعيمين وحيدين على الساحة المسيحية.

ـ تكرار الصراع التقليدي كما في كل حقبة من حقبات التاريخ اللبناني، بين السلطة السياسية المارونية والبطريركية المارونية، وذلك منذ عهد الرئيس بشارة الخوري مروراً بالرئيس كميل شمعون وصولاً إلى الرئيس سليمان فرنجية وحتى الرئيس إميل لحود، إذ أن كل هؤلاء الرؤساء انخرطوا في صراع مع البطريركية المارونية. ولعل الصورة الأوضح لهذا الصراع قد برزت في الخلاف الحاد بين زعماء “الجبهة اللبنانية” كميل شمعون وبيار الجميّل مع البطريرك مار أنطونيوس بطرس خريش، مما دفعهما إلى التعاون مع الرهبنة المارونية برئاسة الأباتي شربل قسّيس، وبالتالي، فإن هذا الصراع ليس بجديد أو مستجدّ على الساحة المسيحية.

ـ يعتبر البطريرك الراعي، كما الكنيسة عموماً، وبشكل خاص الفاتيكان، أن الشعار القائل بأن حقوق المسيحيين لا تُستردّ إلا بانتخاب رئيس قوي وتحديداً أحد الزعماء المعروفين، هو شعار مبالغ به، لأن أصحاب هذا الشعار موجودون في الحكومة وفي مجلس النواب بشكل فاعل وقوي، مما يعني أنهم قادرون على تحصيل حقوق المسيحيين، لا سيما وأنهم باتوا جزءاً أساسياً من السلطة منذ أكثر من عشر سنوات.

ـ إن تقوية الوضع المسيحي بالنسبة للبطريرك الراعي تمرّ لا محالة بقانون جديد للإنتخابات النيابية، لكن لدى البطريرك الراعي قناعة راسخة بأن الزعامات المسيحية غير مهتمة بشكل مباشر باستصدار قانون انتخاب نيابي على الرغم من كل ما يتم إعلانه، علماً أنها في حال قصدت، فهي تسعى إلى قانون يحافظ على رضى الحلفاء ويرسّخ زعامتها في الوقت نفسه. ومن هنا، يأتي رفض هذه القيادات لقانون الإنتخاب المستند إلى الدائرة الفردية، وهو الأكثر تمثيلاً ويتم اعتماده في كل الدول الأوروبية.

ـ إعتبار البطريرك الماروني أن العائلية السياسية واعتماد معيار القرابة في مراكز القرار الحسّاسة بعيداً عن الكفاءة سيؤدي إلى المزيد من التردّي في الوضع المسيحي العام.

وختمت المصادر المحيطة بالبطريركية المارونية، أنه لا يجوز زيادة الإنقسام داخل الطائفة من خلال إنشاء صراع جديد على مستوى الزعامات والمؤسّسات، بمعنى أنه من الضروري إحاطة الجيش اللبناني في هذه المرحلة الحسّاسة بالنسبة للمنطقة ولبنان، بالعناية والتضامن اللازمين من قبل كل الطوائف من دون استثناء.