رائد الخطيب
في نيسان من العام 2014، صدر القانون 288، الذي نص على انه «تُضافُ الى المادة السابعةِ من القانون 462 تاريخ 2/9/2002 (تنظيم قطاع الكهرباء)، الفقرة الآتية: بصورة موقتة ولمدة سنتين، ولحين تعيين أعضاء الهيئة (الناظمة) واضطلاعها بمهمتها، تمنحُ أذونات وتراخيصُ الانتاج بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيري الطاقة والمياه والمالية«.
إلا أنّهُ منذ تاريخ صدور القانون في الجريدة الرسمية بتاريخ 8/5/2014، سمح للقطاع الخاص بإنتاج الطاقة على أمل تحسين وضع التغذية، فإنَّ القانون لم يوضع الى الآن موضع التنفيذ رغم أن في لبنان شركات عدة باتت مؤهلة وقادرة على الانتاج في قطاع حيوي واستراتيجي، لم يعرف فيه المواطن سوى التقنين، ولم تعرف فيه الدولة سوى العجز المالي الفاضح في الانفاق على الكهرباء. فهل يشهد العام الجاري، أول عملية تحرير للانتاج؟
إذاً، وفقاً لأحكام القانون رقم 288/2014، تقدم كل من فرانسوا سمعان باسيل، رئيس مجلس إدارة مدير عام بنك بيبلوس ش.م.ل. وايلي يوسف باسيل، وماريو ألفرد شلالا، بطلب ترخيص بإنتاج التيار الكهربائي، من خلال إنشاء معمل لإنتاج الطاقة الكهربائية عملاً بالمادة الأولى (والوحيدة) من القانون رقم 288.
وجاء في الأسباب الموجبة للمشروع، أن لبنان منذ سنوات بحاجة ماسة الى زيادة في انتاج الكهرباء لأن مؤسسة كهرباء لبنان لم تعد قادرة على تأمين التيار على مدى 24 ساعة، مع العلم ان الوضع المأسوي الناتج عن التقنين القاسي المفروض على المواطنين لا حل له سوى الزيادة في الانتاج.
من هنا صدر القانون رقم 288/2014 الذي أعطى المجال في منح تراخيص الإنتاج، مع العلم أن هذا القانون له مثيل في بلدان عدة ومنها فرنسا التي أعطت الحق لبعض الأشخاص بإنتاج التيار الكهربائي الى جانب المؤسسة الفرنسية EDF التي تتمع، كما مؤسسة كهرباء لبنان (EDL)، بوضع احتكاري في إنتاج الكهرباء. ويعرف هؤلاء الأشخاص بـ»المنتجين المستقلين» (Producteurs autonomes).
وغني عن البيان أن لبنان أكثر حاجة بأشواط من فرنسا الى المنتجين المستقلين الذين فتح القانون رقم 288/2014 المجال لمنحهم التراخيص.
انطلاقاً من هذا الواقع، توافق افراد الجهة المستدعية على انشاء معمل يتمتع بأكمل المواصفات التقنية وأحدثها من اجل انتاج الطاقة الكهربائية، في ضوء حرفية القانون المذكور وروحه.
يعلم اليوم القاصي والداني في لبنان بالأمور التالية:
1 ـ استحالة مؤسسة كهرباء لبنان ليس فقط تأمين التيار الكهربائي بصورة متواصلة، بل تأمين القدرة الكافية لكبار المستهلكين كالمصانع والمستشفيات والمصارف وسواها.
2 ـ تزايد الطلب على استهلاك الطاقة الكهربائية نظراً للنمو السكاني والصناعي والتجاري في جميع الاراضي اللبنانية، ولا سيما في منطقة جبيل.
3 ـ التكلفة العالية لانتاج الطاقة لدى مؤسسة كهرباء لبنان التي تسبب الهدر في الأموال، مع العلم ان دين هذه المؤسسة اصبح يمثل نسبة عالية جداً من الدين العام نظراً للمساعدات المالية التي تلتزم الحكومة بمنحها للمؤسسة.
أما معمل الانتاج الذي تتقدم الجهة المستدعية بطلب الترخيص بانشائه، بالاضافة انه سيساهم بنسبة عالية بوضع حد للعلل المشار اليها اعلاه، او على الاقل بالحد منها، سيكون له ايضاً دوراً فاعلاً في بلوغ البلد الاكتفاء الذاتي من الطاقة (Indépendance énergétique) كما في سلامة التزويد من الطاقة الكهربائية (Sécurité de lapprovisionnement)، وأن إنشاء المعمل سيكون له منافع جمة في ضوء الحقائق التالية:
ـ إنه يشكل حلاً قانونياً اذ يستند إلى أحكام القانون رقم 288/2014 الواضحة.
ـ إنه حل غير مكلف للدولة لأن الجهة المستدعية ستقوم بتمويل المشروع بكامله.
ـ إنه حل يخلق فرص عمل، ومن شأنه ان يحد بالتالي من هجرة الشباب.
ـ إنه حل ينمي الاقتصاد بقدر ما يساهم في تأمين التيار الكهربائي الى اصحاب المشاريع الصناعية والزراعية الكبيرة، الذين لا تستطيع حالياً مؤسسة كهرباء لبنان تأمين القدرة التي هم بحاجة اليها.
ـ إنه حل من شأنه ان يؤمن التيار الكهربائي بنوعية ممتازة بحسب المواصفات العالمية التقنية والبيئية، كما سيأتي ذكره.
ـ إنه حل يخفف العبء عن كاهل مؤسسة كهرباء لبنان بحيث يصبح بإمكان المؤسسة توزيع قدرات اضافية على مناطق هي بحاجة اليها.
II ـ مضمون المشروع:
ويتضمن مشروع انشاء المعمل المواصفات التالية:
1) إن المكان المختار لإنشاء المعمل هو العقار رقم 72 من منطقة الريحانه العقارية وهو عقار قريب من أوتوستراد بيروت طرابلس في منطقة البرباره الريحانه، يقع في منطقة غير سكنية.
2) إن النظام المعتمد لتوليد الطاقة يستخدم مادة الفيول، وهو نظام نموذجي يتمتع بجميع المواصفات الدولية من تقنية وبيئية: فهو يؤمّن عدم التلوث وعدم الضجيج.
3) تكون القدرة الإنتاجية للمعمل، في مرحلة أولى، ستين (60) ميغاوات على أن تلي هذه المرحلة مراحل أخرى إلى أن تبلغ كمية الإنتاج مائتي (200) ميغاوات. وستغذي الطاقة الكهربائية التي ينتجها المعمل وبشكل مستمر شبكة مؤسسة كهرباء لبنان أو شركات الامتياز التي هي بحاجة إليها.
4) إن سعر مبيع الطاقة الكهربائية إلى مؤسسة كهرباء لبنان و/أو إلى الامتيازات يجب الاتفاق عليه بموجب اتفاقات خاصة، ويقدر هذا السعر بعشرين (20) سنتاً (من الدولار الأميركي) لكل كيلوات في حال كان سعر الفيول 610 دولارات أميركية للطن الواحد، ويتعدل هذا السعر شهرياً وفقاً للمؤشرات الاقتصادية الرئيسية التي تؤثر على سعر كلفة الإنتاج.
III الدراسة الاقتصادية التي وضعتها الجهة المستدعية:
لقد وضعت الجهة المستدعية دراسة اقتصادية حول مشروع إنشاء المعمل موضوع الكتاب الحاضر. وتلفت الدراسة التي وضعتها الجهة المستدعية، الى أن الاسباب التي تدعوها الى هذا المشروع، أن النمو الاقتصادي لكل القطاعات في بلاد جبيل هي 10 في المئة، وأن قدرات الطاقة المؤمنة للمنطقة لا تؤمن حاجتها ولا تستطيع مواكبة النمو الحاصل، فالمؤمن هو 40 ألف ك.ف. أ، فيما الحاجة هي 60 ألف ك.ف.أ.، أي النقص هو 50 في المئة، ومن هنا فإن التقنين بالطاقة المتزايد يشكل عبئاً على تطور النمو، فالسياحة والصناعة تعتمدان على مولدات خاصة تعمل على المازوت بتكلفة عالية، فالمولدات موزعة في الأحياء والأبنية لتزويد المراكز السكنية والتجارية، وكل ذلك من شأنه إحداث تشويه وإضرار بالبيئة، وبتكلفة عالية للمستهلك.
يبقى أنه اذا كان التشريع قد حال سابقاً، دون الذهاب الى مرحلة الانتاج الكهربائي الخاص، فإن القانون 288 أزال هذا المعوق القانوني والتشريعي، فالسؤال هو: هل سنشهد خلال العام الجاري أول ترخيص لانشاء معمل كهربائي خاص؟