IMLebanon

التضخم العالمي يعود في 2015 والسياسات النقدية تتجه نحو التقييد

Inflation1
سجلت مستويات التضخم العالمي تراجعاً منذ تموز (يوليو) الماضي، نتيجة هبوط أسعار النفط، كما أن تراجع أسعار الطاقة يُعزى إلى ارتفاع العرض في مقابل الطلب في السوق العالمية، الذي أخذ منحى الارتفاع منذ عامين تقريباً ووصل إلى أعلى مستوياته في الربع الرابع عام 2014 عند 94.9 مليون برميل يومياً، وفق الوكالة الدولية للطاقة.

وأشار خبير الاقتصاد في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد في تقرير إلى أن «الزيادة الكبيرة التي شهدها إنتاج الخام الأميركي بفضل طفرة النفط الصخري، إلى جانب ركود الطلب العالمي، يفسر جزءاً كبيراً من أسباب تخمة المعروض». وأضاف: «في غضون ذلك، شهدت الاقتصادات المتقدمة أعلى مستويات التراجع، كما انخفضت الأسعار في مجموعة الدول الثلاث، التي تتألف من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان، من 1.6 في المئة على أساس سنوي في تموز الماضي إلى 0.2 في المئة في آذار (مارس)». ولفت إلى أن «الولايات المتحدة ومنطقة اليورو شهدت في آذار الماضي انكماشاً، كما تراجعت الأسعار في دول آسيا الناشئة من 3.2 إلى اثنين في المئة خلال الفترة المذكورة، وعلى رأسها تايوان وتايلاند وكوريا وماليزيا».

وأردف عقاد: «باستثناء إندونيسيا وهونغ كونغ، شهدت كل الاقتصادات الآسيوية الكبرى انخفاضاً في مستوى الأسعار، وبالنسبة إلى الدول الناشئة غير الآسيوية، فكانت أقل تأثراً بتراجع أسعار النفط، إذ عند النظر إليها كمجموعة، يتضح أن معدل التضخم في البرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا ونيجيريا وتركيا، استقر في آذار الماضي عند المستويات المسجلة منتصف عام 2014، إذ بلغ 6.5 في المئة تقريباً على أساس سنوي». ولفت إلى أن «نمو الأسعار في دول الخليج بلغ نحو 2.6 في المئة على الأساس السنوي، في حين تراجع التضخم عالمياً من 3.5 في المئة منتصف عام 2014 إلى اثنين في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي». ومع ذلك، لم تتراجع أسعار كل السلع، فالتضخم الجوهري الذي يستثني منتجات النفط والغذاء، بقي مستقراً نسبياً. ومن الناحية النظرية، يجب أن يفرض انخفاض سعر النفط ضغوطاً سلبية على سعر السلع الأخرى مع تراجع تكاليف الإنتاج، بينما ينبغي أن يغذي تراجع التضخم الموقت توقعات الانكماش، ولكن ذلك لم يحصل حتى الآن.

وتابع عقاد: «عوضاً عن ذلك، سيصل التضخم إلى القاع خلال العام الحالي، ومع تلاشي قاعدة أسعار النفط المرتفعة في تموز الماضي، ستبدأ التأثيرات السلبية لأسعار الطاقة على التضخم السنوي الموقت بالزوال، كما يُتوقع ارتفاع سعر برميل النفط إلى حد معتدل خلال الأشهر القليلة المقبلة نتيجة انخفاض مستويات العرض». وأعلنت كبرى شركات التنقيب والإنتاج الأميركية مثل «أي أو جي» و «ديفون إنرجي» خلال العام الحالي تخفيضات كبيرة في مستويات المصاريف الرأسمالية، لتتأقلم مع تراجع الأسعار. ويبدو تراجع أنشطة هذه الشركات واضحاً، فإجمالي منصات الحفر انخفض بشدة، وشهد نمو المخزون الأميركي استقراراً. وعلى الصعيد العالمي، هبط العرض النفطي في الربع الأول منذ عامين، إلى 94.9 مليون برميل يومياً وفق الوكالة الدولية للطاقة. ومع ذلك، وبسبب ضعف الطلب العالمي، يُستبعد أن يتجاوز سعر خام برنت 75 دولاراً خلال العام الحالي. وأوضح عقاد أن «ارتفاع الدخل المتاح، بسبب تراجع أسعار النفط نسبياً، قد يعزز تعافي الطلب، وبالتالي يغزي الزيادة الضئيلة في التضخم الجوهري، كما سيشهد العام الحالي ارتفاع التضخم موقتاً، لا سيما في النصف الثاني، ولكن مع ذلك سيبقى دون المستويات المسجلة بداية عام 2014». وأوضح أن «البنوك المركزية في العالم خفضت سياساتها النقدية، باستثناء الولايات المتحدة، عبر تقليص معدلات الفائدة، وفي منطقة اليورو عبر برنامج شراء أصول، وهذا الارتفاع المتوقع في التضخم خلال النصف الثاني من العام الحالي سيؤثر في السياسة النقدية في العالم، ويجبر الكثير من البنوك المركزية على اتباع سياسة معاكسة». ولفت إلى أن «مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي سينظر في رفع معدل الفائدة في وقت أبكر من المتوقع، ربما بداية أيلول (سبتمبر) الماضي، ما يحرض بنوكاً مركزية أخرى، خصوصاً في الأسواق الناشئة، على رفع معدلات فائدتها بهدف كبح جماح خروج التدفقات الاستثمارية من دولها». وختم عقاد: «إضافة إلى ذلك، ونظراً إلى التحسن الأخير في الاستهلاك في منطقة اليورو، وارتفاع التضخم، قد يضطر البنك المركزي الأوروبي لتقليص سرعة وتيرة شراء الأصول، أو حتى إنهائها معاً، على رغم أن ذلك مستبعد في هذه المرحلة». وتوقع أن «يوجد ارتفاع التضخم جواً تسوده سياسة نقدية متشددة، ولو أنها ستكون أطول من المعتاد، ما يتيح تعافياً تدريجيّاً في الطلب العالمي في ظل ارتفاع قيمة الدولار».