جاري سيلفرمان
عهد الرئيس باراك أوباما يزداد غرابة بشكل متزايد. فبعد ست سنوات من انتقال المنظم الاجتماعي السابق إلى البيت الأبيض، أصبح واضحا وجود شكل غريب من المحاكاة في البلاد. بعض الرؤساء التنفيذيين للشركات الرائدة يبدون وكأنهم يريدون أن يكونوا من النشطاء السياسيين المحليين أنفسهم.
أحدث مثال هو ستيف إيستربروك، وهو منتَج عمره 47 عاما من واتفورد في إنجلترا، تم تعيينه هذا العام رئيسا تنفيذيا لماكدونالدز بعد تراجع مبيعاتها في الولايات المتحدة وأسعار أسهمها. في ملخص إلى محللي وول ستريت هذا الأسبوع حول خططه، كان إيستربروك يبدو في بعض الأوقات وكانه رجل يجثم في أعلى منصة صغيرة – يتعهد بالعمل بتضامن مع الناس الذين يخدمهم في أكثر من 100 دولة حول العالم.
تعهد إيستربروك مرارا وتكرارا بتحويل ماكدونالدز إلى ما سماه “شركة بيرجر تقدمية حديثة” – مفهوم حدده بمصطلحات سياسية صريحة بصورة مستغربة. وقال “إن شركته ستسعى لتكون أكثر تقدما حيال هدفها الاجتماعي بغية تعميق علاقاتها مع المجتمعات المحلية في المسائل التي تهمهم. أو، كما يقولون في كليات إدارة الأعمال: تحيا الثورة.
بالطبع، إنها مسافة طويلة من فطائر باللحم البقري، مع صلصة خاصة، وخس، وجبن، ومخللات، وبصل على فطيرة مع بذور السمسم. لكن مرت فترة لا بأس بها منذ أن كانت حملات المبيعات المذكورة، مرتفعة السعرات الحرارية، تعمل بشكل جيد لدى ماكدونالدز أو عديد من المموِنين الكبار للأغذية والمشروبات في الولايات المتحدة – والأوقات العصيبة تتطلب اتخاذ تدابير عصيبة.
المشكلة الأساسية التي تواجه ماكدونالدز وأمثالها هي أن الأمريكيين الأصغر سنا يتحولون ضدها. هؤلاء المستهلكون يريدون طعاما عضويا طازجا مجهزا من قبل أناس يحترمونهم. ويكافح كل من صانعي الطعام المعلب وشركات التخمير الصناعية وسلاسل الوجبات السريعة ذات الطراز القديم من أجل العثور على سبل لاستمالة جيل الألفية.
أما التحدي الذي يواجه قادة الشركات فهو الحصول على الجانب الصحيح من المستهلكين الذين يميلون أساسا للجانب الآخر دون أن يظهروا بمظهر السخف في أثناء ذلك. كلمة “تقدمي” قد تكون صفة صغيرة زلقة – كثير منا تعلم بالطريقة الصعبة خلال السبعينيات عندما كانت تستخدم الكلمة لوصف بعض فرق الروك.
حتى المسوق المحترف مثل هوارد شولتز صاحب ستاربكس تعثر في آذار (مارس) عندما حث موظفيه على التحدث مع الزبائن حول العنصرية في الولايات المتحدة. تبع ذلك انتشار واسع للسخرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي عمل شولتز على تخفيفها لفترة من الوقت (يتساءل المرء، مع ذلك، ما إذا كانت أعمال الشغب اللاحقة في بالتيمور قد عاقبت منتقديه).
في وقت فراغه وهو في منصب الرئيس، يبدي إيستربروك ميله لخلط رسائله، ولا سيما فيما يتعلق بمسألة أجور العمال لديه. في واحد من أول القرارات الكبيرة خلال فترة ولايته، قالت ماكدونالدز في نيسان (أبريل) “إنها قد ترفع الحد الأدنى للأجور لديها دولارا فوق المعايير المحلية في 1500 من المنافذ المملوكة للشركة في الولايات المتحدة (لكن ليس في المطاعم الأمريكية البالغ عددها 12500 المملوكة من قبل أصحاب الامتياز، الذين يعملون حسب قواعد خاصة بهم)”. كجزء من العرض التقديمي لهذا الأسبوع، حدد خطة لزيادة النسبة المئوية للمتاجر حول العالم التي تعتبر امتيازات/وكالات من 81 في المائة إلى 90 في المائة.
وعندما سئل عما إذا كانت ستتم إعادة امتيازات أي من متاجر الولايات المتحدة، كما ذكرتها ماكدونالدز، قال متحدث رسمي، عبر البريد الإلكتروني، “إن الإعلان لا يؤثر بشكل كبير في الولايات المتحدة، كوننا وصلنا بالامتياز فعليا إلى نسبة 89 في المائة”. مع الاعتذار للقراء عن ذلك التركيب اللغوي المرهق (كانت الحياة أبسط عندما كان الناس يتحدثون عبر الهاتف)، أعتقد أن ذلك يعني أن مزيدا من متاجر الولايات المتحدة المملوكة للشركة قد تصبح امتيازات، ما يرفع احتمال أن بعض الموظفين ذوي الحد الأدنى من الأجور الذين يعتقدون أن بإمكانهم صنع مزيد من المال ربما يجدون أنفسهم أمام مفاجأة سيئة بعد مرحلة معينة.
لكن بصرف النظر عن مدى الفاعلية التي سيتبين أن الأمر عليها في النهاية، المظاهر والوقفات التي يتخذها بعض زعماء الشركات علنا، على غرار ما يفعل أوباما، هي علامة ساحرة على هذا العصر التسويقي. والرؤساء التنفيذيون، أمثال إيستربروك أو شولتز، قد يتحدثون حول أمور أخرى – تخفيض ضرائبهم أو أعبائهم التنظيمية، مثلا – لكنهم يختارون بدلا من ذلك أن يدفعوا قبضة شركاتهم في الهواء بشكل تدريجي. لديهم أسبابهم بالتأكيد – وكثير من الأبحاث لمساندتهم.
من وجهة نظري، الطيف الناتج يفيد من حيث كونه تذكرة بأنه رغم جميع حالات النجاح والفشل في إدارة أوباما، يظل الرئيس واحدا من أنجح المسوقين في التاريخ الأمريكي. إذا أردتَ أن تبيع سلعاً إلى المستهلكين الأمريكيين، خصوصا جيل الشباب أو الفقراء أو غير البيض، فلن يضيرك أن تقتبس شعاره المشهور “نعم نستطيع أن نفعل ذلك”.
في الوقت نفسه، يغلب على ظني أن هذا النوع من تسويق الشركات يستطيع فقط أن يخدم مصالح أوباما الخاصة. حين رشح نفسه للرئاسة، قال “إنه يرجو أن يحوِّل المناقشة السياسية نحو اليسار”، تماما مثلما حوَّلها رونالد ريجان نحو اليمين في الثمانينيات. الراغبون في أن يصبحوا منظمين للمجتمع من بين التنفيذيين في الشركات يشيرون إلى أنه استطاع تحقيق أثر معين.
أمام أوباما أقل من سنتين في منصب الرئيس، ونجد أن العلامة التجارية التقدمية في حالة جيدة بما يكفي لأن تستحق مكانا بين عروض شركة ماكدونالدز. تخيل!