رنا سعرتي
رأى الخبير الاقتصادي د. مروان اسكندر ان التداعيات الداخلية لارتفاع عجز المالية الى 5 مليارات دولار، سلبية جدّا وستؤدي الى وضع اقتصادي متأزم وتضخمي قد يساهم في رفع الفوائد. لكنّه في المقابل، أكد ان تخلّف لبنان عن سداد ديونه أمر غير وارد، رغم احتمال توجّه وكالات التصنيف العالمية الى خفض درجة تصنيفه.
يشكل تباطؤ النمو في القطاعات الرئيسية خطرا على المالية العامة. حيث من المتوقع أن يرتفع العجز المالي إلى مستوى قياسي يبلغ 5.1 مليار دولار في العام 2015، وفقا لمشروع الموازنة المقدم من قبل وزارة المالية.
ومن المتوقع ان يزيد الإنفاق على خدمة الدين بنسبة 4.76 في المئة إلى 4.38 مليار دولار، كذلك الأجور والرواتب بنسبة 5.5 في المئة إلى 4.71 مليار دولار بعد إيذان الحكومة توظيف 14000 موظف في القطاع العام خلال العام الماضي، معظمهم في القطاع العسكري وقوى الأمن.
وفيما يبدي المستثمرون قلقا ملحوظا من ارتفاع الدين العام، برز احتمال تخلّف البلاد عن سداد ديونها السيادية، بعدما تفوقت المؤشرات السلبية للدين العام اللبناني على روسيا ومصر في نهاية آذار الماضي، مع وصول مؤشر مبادلة الائتمان الافتراضي لأجل 5 سنوات إلى 403 نقطة أساس، وهو ثامن أعلى معدل في العالم.
في هذا الاطار، اعتبر الخبير الاقتصادي مروان اسكندر ان تخلّف لبنان عن سداد ديونه أمر صعب الحصول لأن فائض السيولة في النظام المصرفي بالعملة الاميركية، بحاجة للتوظيف ويكفي لتغطية اي اصدار لسندات خزينة بالدولار. لكن الفائدة ستكون في هذه الحال، مرتفعة.
كما اشار اسكندر لـ«الجمهورية» الى ان مصرف لبنان سيقرض الدولة اللبنانية بالعملة المحلية الليرة، من خلال اصدار سندات لصالحه، الامر الذي ستعقبه تضاعفات تضخمية.
وذكر ان عجز المالية المقدّر بـ 5.1 مليار دولار في العام 2015، مبني على اساس ان فاتورة استيراد الفيول تراجعت من مليارين الى 1,2 مليار دولار بسبب تراجع اسعار النفط. بما يشير الى ان عجز المالية كان سيبلغ حوالي 6 مليارات دولار لو بقيت اسعار النفط مرتفعة.
لكنّ اللافت ان اسعار النفط ارتفعت في الاسبوعين الاخيرين، من 48 دولارا للبرميل الى 60 دولارا اي بنسبة 20 في المئة. وبالتالي، رجّح اسكندر امكانية ارتفاع العجز الى اكثر من مستواه القياسي عند 5 مليارات دولار.
اضافة الى ذلك، رأى اسكندر ان العجز المالي المقدّر بـ 5 مليارات دولار، قد يرتفع ايضا في حال ضمّ كلفة سلسلة الرتب والرواتب، وهو نتيجة إنفاق غير منتج.
وشرح انه في التعليم الرسمي، هناك معدل استاذ واحد لكل 7 طلاب، مقابل معدل استاذ واحد لكلّ 22 طالبا في التعليم الخاص. كما ان المدارس المهنية تحتوي على عدد اساتذة يفوق عدد الطلاب. لذلك، اعتبر اسكندر ان زيادة الإنفاق غير المنتج سيؤدّي الى ضغوط تضخمية، لا يمكن تفاديها سوى عبر تسريح 40 في المئة من موظفي القطاع العام، وتحديدا الاساتذة.
بالنسبة الى تداعيات التضخّم، قال اسكندر ان الاسعار كافة ستتجّه نحو الارتفاع وستتعرّض قيمة الليرة اللبنانية للضغوطات، بما يستوجب رفع الفوائد لدعمها. في حين ستؤدّي زيادة اسعار الفوائد الى تباطؤ دورة العمل الاقتصادي وتباطؤ وتيرة النمو.
على صعيد التداعيات العالمية لارتفاع العجز المالي، رأى اسكندر ان مؤسسات التصنيف الدولية ستلجأ حكما الى خفض درجة مصداقية لبنان في سداد ديونه، رغم انه اشار الى عدم مصداقية وكالات التصنيف العالمية، بدليل تغريم الولايات المتحدة، وكالة «ستاندرد اند بورز» 1,5 مليار دولار بسبب الغش في التصنيفات. لكن لسوء الحظ، لا تزال وكالات التصنيف تفرض تأثيراتها السلبية، وفقا لاسكندر الذي شدد على ان تخلّف لبنان عن سداد ديونه في 2015 و2016 أمر غير وارد.
وحول زيادة الإنفاق على رواتب واجور القطاع العام من خلال توظيف 14000 موظف جديد العام الماضي، قال اسكندر ان معظم التوظيف حصل في السلك العسكري وقوى الامن، «لأن مشكلتنا الاساسية اليوم هي حفظ الامن». واشار الى ان كلفة توظيف كلّ فرد في القطاع الامني تبلغ 1800 دولار شهريا و22 ألف دولار سنويا، بقيمة اجمالية تصل الى حوالي 300 مليون دولار.