عبدالله بن ربيعان
شح المياه، أزمة المياه، الفقر المائي، تحلية المياه، صناعة تحلية المياه، مصطلحات تم تداولها بقوة في العاصمة السعودية هذا الأسبوع، خلال ملتقى نظمته المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة السعودية، وافتتحه أمير منطقة الرياض، ونوقش فيه عدد من الأوراق العلمية وورش العمل، وكلها تحذر من الهدر، وتطالب بتوطين صناعة التحلية.
وبلا شك في أن محاربة الهدر المائي، وتوطين صناعة تحلية المياه أصبحت للسعودية، ومثلها دول الخليج، وكثير من الدول العربية والشرق أوسطية، قضية مصير لا خيار، وإليكم بعض الأرقام:
– تنتج المملكة ما يزيد على 18 في المئة من إجمالي إنتاج المياه المحلاة في العالم.
– تعتمد 41 مدينة سعودية على مياه البحر المحلاة بنسبة تزيد على 60 في المئة من حاجاتها من مياه الشرب، وتأتي البقية عن طريق مياه جوفية غير متجددة.
– يوجد في السعودية 16 محطة تحلية عاملة مقسمة إلى 13 محطة عاملة على الساحل الغربي، و3 محطات على الساحل الشرقي، وعدد كبير آخر قيد العمل والتشغيل.
– زاد إنتاج هذه المحطات على بليون متر مكعب بنهاية العام الهجري الماضي.
– ولو أضفنا الخليج العربي لوجدنا الحقائق الآتية:
– يصل إنتاج دول المنطقة مجتمعة إلى حوالى 40 في المئة من المياه المحلاة في العالم، وهي النسبة الأعلى في منطقة جغرافية محدودة.
– تعتمد دول مجلس التعاون على التحلية بنسبة تصل إلى 80 في المئة كمصدر رئيس لمياه الشرب والبقية من المياه الجوفية.
– يوجد 289 محطة تحلية على شواطئ الخليج العربي والبحر الأحمر وبحر العرب منها 12 محطة من المسماة «المحطات العملاقة»، يفوق إنتاجها 100 مليون غالون في اليوم وتنتج 4 في المئة من مجمل إنتاج محطات التحلية.
– استهلاك الفرد للمياه في المملكة والخليج مرتفع جداً، فبحسب الإحصاءات يزيد معدل الاستهلاك في المملكة والإمارات بنسبة 91 و83 في المئة على التوالي عن متوسط معدل الاستهلاك العالمي، وبما يعادل ست أضعاف معدل الاستهلاك للفرد في بريطانيا.
– المملكة ودول الخليج ليست فيها أنهار ولا بحيرات، ولا تشترك مع دول أخرى في ملكية بحيرات ولا أنهار.
– النمو السكاني في السعودية وكل دول الخليج مرتفع جداً، وبنسب تفوق المتوسط العالمي كثيراً، إضافة لكبر حجم وتزايد أعداد الوافدين في هذه الدول، ومن المتوقع وصول عدد السكان في الخليج إلى 55 مليون نسمة بحلول 2025 (يراوح العدد حالياً حول 47 مليون نسمة).
– الظروف المناخية لدول الخليج العربي متطابقة إلى حد كبير (باستثناء بسيط لمنطقة عسير)، فمناخها صحراوي جاف قليل المطر، (يبلغ متوسط المطر السنوي 50-100 ملم، في مقابل معدلات بخر عالية تصل إلى 3000 ملم في العام).
– تتصدر المملكة وكل دول الخليج قائمة الدول التي تعاني من الفقر المائي، وعموماً بلغت أعداد الدول العربية الواقعة تحت خط الفقر المائي 19 دولة منها 14 دولة تعاني شحاً حقيقياً في المياه، (خط الفقر المائي هو 1000 متر مكعب لكل فرد في السنة).
وبالتأكيد من يقرأ الأرقام والإحصاءات عن شح المياه وندرتها في مقابل نمو سكاني مرتفع ومتزايد، وهدر لا مبرر له، سيصاب بالفزع والقلق حقيقة لا مجازاً، ولو أضفنا استهلاك زراعة الأعلاف للمياه الجوفية في المملكة (بعد إيقاف زراعة القمح)، فسنعرف أننا اخترنا السير في الطريق الخطأ، ونستنزف مياهنا المحدودة على أشياء لا فائدة منها.
ختاماً، قضية الترشيد، واستخدام التنقيط في الزراعة، والاستفادة من التطور الصناعي واستخدامات الطاقة الشمسية لتنمية صناعة تحلية مياه الشرب لم تعد قضية خيار، بل هي قضية مصيرية حتمية تتطلب تكاتف جهود الحكومات والشركات والقطاعات الأخرى لتنميتها وبأسرع وقت، وعسى ألا تتأخر الجهود، فالتدخل حتمي والأمر لا يقبل التسويف ولا المماطلة والتأخير.
ملخص ورقة عمل علمية قدمها الكاتب لملتقى توطين صناعة التحلية الرابع في الرياض.