عقد وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور في مكتبه في وزارة الصحة اجتماعا مطولا مع مدراء المستشفيات الحكومية تناول البحث في وضع اقتراحات عملية لمعالجة أوضاع المستشفيات الحكومية في ظل ما تشهده هذه المستشفيات من أزمات.
وفي ختام الإجتماع، عقد أبو فاعور مؤتمرا صحافيا أكد فيه أن “الموضوع المالي يكمن في أساس الأزمات التي تشهدها المستشفيات الحكومية، خصوصا أن السقوف المالية المعطاة لقسم كبير من هذه المستشفيات لا تلبي حاجاتها”.
وأسف “لكون الدولة سعت في السابق إلى محاباة المستشفيات الخاصة على حساب المستشفيات الحكومية، فيما يجب أن تكون الدولة مسؤولة عن مؤسساتها، علما أن هذا القول لا يهدف إلى انتقاد المستشفيات الخاصة الملتزمة بالقانون”.
ولفت إلى أن “الوضع المالي يتفاقم بفعل النزوح السوري حيث يتزايد الضغط على المستشفيات والنظام الصحي اللبناني من دون أن تتقاضى الدولة اللبنانية قرشا واحدا عن الخدمات الصحية التي تقدمها للاجئين السوريين باعتبار أنها ذات طابع إنساني محض ومن باب المسؤولية القومية”.
وعدد أبو فاعور تفاصيل الأزمات داخل المستشفيات الحكومية، فأشار إلى “أزمة التحصيل التي تتحكم بها بيروقراطية تبدأ من المستشفيات الحكومية نفسها، مرورا بوزارة الصحة وصولا إلى وزارة المالية”.
وإذ لفت الى “أن الأموال تتأخر غالبا حتى لو صدرت الفواتير في وقتها”، أشار الى أن “الروتين الإداري مؤذ وقاتل، ويتطلب الأمر علاجا ورشاقة إدارية في تحصيل المبالغ بدءا من المستشفيات الحكومية نفسها، ووزارة الصحة كما وزارة المالية التي يتفهم وزيرها هذا الأمر كونه عايشه عندما كان وزيرا للصحة في الحكومة السابقة”.
وأوضح أن “ما يتطلب علاجا أيضا هو أزمة التحصيل مع الجهات الضامنة، ما يتطلب نقاشا مع هذه الجهات”.
الرواتب والتوطين
وقال: “من بين ستة وعشرين مستشفى حكوميا، هناك أربعة أو خمسة مستشفيات فقط يعاني موظفوها من رواتب مستحقة لم يقبضوها وهي متراكمة من فترات وسنوات سابقة.
إن راتب الموظف حق مقدس، والإستقرار الوظيفي أمر أساسي. من يعمل يستحق أجرا في الموعد المستحق”. والإقتراح لمعالجة الأمر يقضي بتوطين رواتب الموظفين. وهذا الحل يحل أزمة موظفي الملاك والمتعاقدين”.
أما الذين يعملون بالفاتورة، فوعد أبو فاعور “بإيجاد إجراء معين لهم، ليقبضوا أيضا رواتبهم في الوقت المناسب”.
اقتراحات الحلول
وأكد وزير الصحة أن “هناك حاجة لإعادة هيكلة عمل المستشفيات الحكومية من قبل وزارة الصحة”.
وقال: “إن الوضع سيتغير ولن يبقى على قاعدة: سيري فعين الله ترعاك! فلو كانت هذه المستشفيات مؤسسات مستقلة بحكم القانون، إلا أن تمويلها جار من قبل الدولة بواسطة وزارة الصحة، ما يحتم إدارة لصيقة أكثر مما كان معمولا به”.
واعتبر أن “الحاجة ماسة لإعادة هيكلة الأوضاع المالية للمستشفيات الحكومية من خلال رفع السقوف المالية والموازنات التشغيلية”، وأكد أنه سيطرح الموضوع على جدول أعمال مجلس الوزراء يوم الخميس، “خصوصا أن الموازنات المالية للمستشفيات بقيت على ما هي عليه منذ ثلاث سنوات”.
ولفت في هذا الإطار إلى “احتواء المستشفيات على بعض المعدات المتهالكة من جهة، ومن جهة ثانية على أقسام لا يتم استهلاكها، مثل قسم الأطفال والعلاج الكيميائي في مستشفى بنت جبيل، وقسم العناية الفائقة في مستشفى أورانج ناسو في طرابلس وفي عكار”، وقال: “هذه الطاقات مهدورة نحتاج إليها في ظل الحاجات المتزايدة للمواطنين الذين يتوجهون إلى المستشفيات الحكومية”.
وذكر وزير الصحة العامة بسلف تم حسمها من موازنة المستشفيات الحكومية، مشيرا إلى أنه سيطلب “إعادة دفع هذه السلف البالغة قيمتها أربعين مليار ليرة لبنانية، كمصالحات مع المستشفيات عندما تتجاوز السقوف المالية”.
وتحدث أبو فاعور عن المستحقات العالقة مع الضمان، وبعضها له وبعضها الآخر عليه، مؤكدا أنه سيطلب من الضمان “إجراء مقاصة بمرونة معينة من ضمن القوانين”.
وفي موضوع المصالحات مع المستشفيات الحكومية والخاصة والممتدة من العام 2001 إلى العام 2011، والبالغة قيمتها 120 مليار ليرة لبنانية، لفت إلى “وجود قانون في هذا الشأن في المجلس النيابي وقد تم تشكيل لجنة لهذا الأمر، إلا أنها لم تجتمع حتى الآن نظرا لانشغال مدير عام وزارة المالية بإعداد الموازنة”. وأكد أنه سيتابع الموضوع مع وزير المالية “لتسريع هذا الأمر الذي يخدم المستشفيات كافة، الحكومية منها والخاصة”.
وختم مشددا على “ضرورة إعادة هيكلة كل الخدمات التي تقدمها الدولة في القطاع الصحي، خصوصا أن الدولة تاريخيا ظلمت نفسها ومؤسساتها ولا يجوز استمرار الوضع على ما هو عليه، مع كل التقدير لما تقدمه المؤسسات الخاصة خصوصا التي تقدم خدمات طبية متقدمة”.