IMLebanon

لبنان: النمو “الحقيقي” مستبعدٌ في الفترة المتبقية من 2015

EconomicFiguresStat
عزة الحاج حسن
كثيرة هي المؤسسات الدولية والمحلية التي تُصدر بشكل دوري تقارير تتوقع فيها نسب النمو المُرتقب في لبنان، وتبني توقعاتها على أساس ثابت ومتغيّر، كالمؤشرات الإقتصادية والمالية والنقدية، ويضاف إليها الأوضاع السياسية والأمنية وغيرها من المعايير المؤثّرة في النمو.. ولكن ماذا عن مقوّمات ومحفّزات النمو في لبنان؟ وما قيمة النمو عندما تتراوح نسبته بين 1 و2 في المئة؟ مصرف لبنان يتوقع بلوغ النمو في لبنان لهذا العام نحو 2 في المئة، أما صندوق النقد الدولي فيتوقع بلوغه نحو 2.5 في المئة، كما يذهب معهد التمويل الدولي في توقعاته للنمو الاقتصادي في لبنان إلى 3 في المئة عام 2015، لكن خبراء ماليين واقتصاديين بينهم وزيرة المال السابقة ريا الحسن يرون أن لا قيمة لمستويات النمو تلك. وتعتبر الحسن في حديثها الى “المدن” أن نمو 1 أو 2 في المئة لا يمكن أخذه في الإعتبار، إذ أن مستويات كهذه من النمو لا يمكنها تحريك عجلة القطاعات الإقتصادية أو تحسين الوضع الإجتماعي أو الإقتصادي، أو دعم القطاع الخاص وخلق فرص عمل جديدة”، وتستدرك بالقول “لكن نمو 2.5 في المئة أفضل من لا نمو”. ولا يغيب أن نسب النمو المتوقعة للعام الحالي لا يمكن مقارنتها بمستويات النمو المحقّقة في الأعوام التي سبقت العام 2010 والتي تراوح فيها النمو بين 7 و9.5 في المئة، لاسيما أن هناك الكثير من الطاقات غير المُستغلة في لبنان اليوم، والتي من شأنها إحداث تغيير جذري في مستويات النمو اذا ما استغلت. إذاً ما الذي يحول دون تحقيق أرقام نمو مقبولة؟ تعزو الحسن عدم تحقيق نسب نمو مقبولة الى العديد من الأسباب الداخلية والخارجية، وتستبق ذكرها بتأكيد أن “لا مقومات للنمو في لبنان اليوم”، ما يعني أن تحقيق النمو الإقتصادي هذا العام بات أمراً غير متوقع، “فكيف يمكن الحديث عن نمو اقتصادي في ظل غياب الرؤية الاقتصادية وانعدام الإصلاحات البنيوية، وعدم توفير بيئة للأعمال، وعدم وجود موازنة، وتأزم الوضع السياسي في ظل الفراغ الرئاسي وشلل مجلس النواب وتعليق التشريع، واقتصار عمل مجلس الوزراء على تسيير بعض الأمور غير الخلافية، ولا ننسى التأزم الإقليمي وأثره على لبنان”، كل ذلك يولد عند المستثمر والمودع قلقاً وانعدام ثقة بالاستثمار، ولا شك أن الإستثمار هو المُحفّز الأبرز للنمو الإقتصادي. وفي غياب عاملي الإستثمار والإنتاج تعتبر الحسن أن توقعات الـ 1.5 أو 2 في المئة للنمو تستند على عامل الإستهلاك فقط، مدعوماً بالإستهلاك الكثيف للمواد الأولية والايجارات السكنية من قبل النازحين السوريين، وهذا ما يؤدي بدوره الى تحريك الإقتصاد بالشكل الذي هو عليه اليوم، إضافة الى سياسة مصرف لبنان التحفيزية من خلال دعمه للقروض الاسكانية وغيرها. وتشدد الحسن على أنه لولا كثافة الإستهلاك لما شهدنا اليوم أي نسب للنمو الاقتصادي. وانطلاقاً من الأسباب الجوهرية الداخلية والإقليمية لعرقلة مقومات النمو في لبنان، تستبعد الحسن أن “يتم تحقيق أي نمو حقيقي خلال الفترة المتبقية من العام الحالي، “غير أن إقرار الموازنة العامة، إن حصل، فسيشكّل نوعاً من الدعم المعنوي للاقتصاد اللبناني، وتحسين النظرة الدولية إليه، علماً بأن الموازنة العامة لا تتضمن أي مُحفّز للنمو وغالبيتها صرف جاري”. في غياب مقومات ومحفّزات النمو الإقتصادي المنتج والمستدام، وفي ظل التأزم السياسي والأمني الداخلي والإقليمي، عن أي نمو تتحدّث المؤسسات المحلية؟ وهل ينتظر المعنيون انعدام مستويات النمو كي يتحرّكوا في اتجاه التحفيز الإقتصادي؟