ربي منذر
مثلثٌ تحذيري، طفاية، علبة إسعافات أولية… مصطلحاتٌ أصبحت من يوميات أي لبناني، وبما أن «مصائب قوم عند قومٍ فوائد» لم يوفر وكلاء هذه البضائع الفرصة، وقرروا الاستفادة من وجوب حيازة كل السيارات على هذه الأغراض فأصبحت تُباع في السوق السوداء !
ما كان بـ3000 ل.ل أصبح بـ50000 ل.ل «والخير لقدام» يقول أحد الباعة، «فنحن في لبنان»، ووصل سعر الطفايات الى 50000 و60000 ل.ل بعدما كانت تُباع بـ 15000 و20000 ل.ل من دون تحرك ملموس من قبل الدولة، علماً أن «وزير الاقتصاد والتجارة» آلان حكيم كان قد أصدر بياناً أعلن فيه أن «الوزارة واستباقاً لأي عملية تلاعب بالأسعار أو احتكار ناتجة عن تنفيذ قانون السير الجديد، قامت بخطة للجم المحتكرين وللحد من التلاعب بأسعار السلع والأكسسوارات المطلوبة في شروط قانون السير الجديد، عبر تكثيف دوريات المراقبة على التجار، وهي تعمل على محاسبة المخالفين وفقاً للمادة 7 من المرسوم التشريعي 73\83 في حق كل من يتلاعب بالأسعار بهدف الإفادة من زيادة الطلب الآني على هذه الأكسسوارات»، لكن هل هو واثق مما يحصل فعلياً على الأرض؟
أما قضية استعمال الهاتف أثناء القيادة فالدولة محقة بشأنه والحلول موجودة للرد على المكالمات من دون ضرورة إمساك الهاتف والارتباك فيه، وفي هذا الشأن «لم تزد أسعار جهاز الـ»Bluetooth » الذي يتم تركيبه في السيارة بهدف تسهيل عملية الرد على المكالمات من دون فقدان السائق لتركيزه على القيادة، ولكن الناس تقبلوا سعره أكثر وبيعه أصبح أسهل» يقول «الاختصاصي في تجهيز السيارات إلكترونياً» داني شولي، موضحاً أن «هذه التقنية التي أصبحت رائجة في لبنان بعد بدء تطبيق قانون السير موجودة في اوروبا منذ 20 سنة، واهميتها أنه وبعد تركيب الجهاز يتمكن السائق من الرد على المكالمات من خلال كبسة زر صغيرة موجودة على المقود ويسمع صوت الشخص الذي يكلمه عبر مكبرات الصوت الموجودة في سيارته فتنقطع الموسيقى التي يسمعها لتُستبدل برنة الهاتف ويمكنه التحكم بعدد الرنات قبل أن يوصله الجهاز تلقائياً بالمتصل». وأشار شولي الى أنه «يمكن على السائق أن يتوقف الى جانب الطريق ويرد على المكالمة عبر هاتفه إذا أراد أن يكون الاتصال سرياً بعد أن يكون عرف من المتصل من خلال شاشة سيارته»، كاشفاً عن أن» الأسعار تتراوح حسب نوع السيارة وحسب تطور الجهاز المُركّب، لكن هناك بعض الأجهزة الصينية الأرخص من تلك الأصلية ولكنها طبعاً لا تكون بنفس الجودة وهي ليست بحاجة لتركيب غير أن الصوت لا يكون واضحاً عبرها، وبالعودة للأجهزة الأصلية، فتلك التي تُركّب في كل السيارات تبدأ من الـ200$ لكن لا شاشة لها في السيارة، فعلى السائق النظر الى الهاتف لمعرفة المتصل والرد عليه من خلال مقود السيارة، أما الأغلى منها فتصل الى 350$ وتكون مرفقة بشاشة، ويمكن أن يصل عدد الهواتف الموصولة على الـBluetooth الى 10 ولكن قلّما تُستعمل إلا من قبل الشركات التي يستخدم سياراتها عدّة أشخاص».
وأضاف «هناك أجهزة تتراوح أسعارها بين الـ500 والـ 1000$ وهي للسيارات الحديثة التي يكون على الراديو الموجود داخلها لوحة أرقام يمكن للسائق طلب الرقم منها كما يظهر إسم ورقم المتصل، ويرتفع سعرها كلما زادت التقنيات الموجودة فيها»، مشدداً في الختام على أن «تركيب هذه الأجهزة أصبح يتم في شركات السيارات قبل تسليمها، فهذه التقنية أصبحت من الأولويات التي يبحث عنها المشتري».
أما الدولة فتطلب من مواطنيها وضع المثلث التحذيري في حال تعطل مركباتهم، وتضع في المقابل حواجز إسمنتية لدى قيامها بأشغالٍ، غالباً ما تسبب حوادث سيرٍ قوية وغيرها من الأمور التي تقتل بها المواطنين بطريقة غير مباشرة جراء تقصيرها، عن هذا الموضوع أشار «المتخصص الجامعي بإدارة سلامة المرور» ايلي شمعون الى أن «المشكلة تكمن في صيانة الدولة لطرقاتنا، فبعد أي اصطدام يحصل وتتضرر فيها الحواجز الموضوعة لحماية السائق لا تعيد الدولة صيانتها لحمايته من حوادث أخرى، حتى وأن الحديد الذي يخرج منها بعد أي حادث يكون هو السبب لحوادث لاحقة، إضافة لعدم تخطيط الطرق لمعرفة السيارة لحدودها، كما وأن بعض الطرق غير مُنارة أو أنها تُنار في النهار حيث لا حاجة لها وتُطفئ خلال الليل»، مشيراً الى إمكانية «وضع عاكسات ضوئية في حال غياب الإنارة فتلمع كي يحدد السائق طرف الطريق، ويمكن وضعها بين مسلكي الطريق فلا يذهب السائق للمسلك الآخر ويعرض نفسه للخطر، وهناك حل أرخص كلفة وهو تحفير طرف الإسفلت بحيث يصبح متدرجا بعض الشيء بحيث أن السائق يتنبه لخروجه عن المسلك عندما يمر عليها». وتخوف شمعون من «عودة الوقت الذي لم تلحق فيه الدولة عقود الصيانة مع متعهدي إشارات السير مما أوقفها لمدة وسبب أزمة»، لافتاً الى أن «لا إشارات توجيهية أو تحذيرية للسير تفيد المواطنين بوجود تقاطع أو مطبات أو طريق خطرة… أو حتى إشارات مانعة أكان للزمامير أو أن الطريق عكس السير أو غيرها». وختم قائلاً «هناك تقصير كبير من قبل الدولة في هذا الموضوع، ونعمل حالياً على نظام حديث يستخدمه المواطنون لمساعدة الدولة على ضبط المخالفات وسنذكر تفاصيله قريباً».
إذاً بين احتكارٍ وآخر يبقى المواطن هو الضحية تحت عنوان «حياتك بتهمنا»، فلو أن حياة المواطنين تهم الدولة فعلاً لماذا لم تحل أزمة عواميد الذوق مثلاً أو تبعد خطوط التوتر العالي عن المنازل وغيرها من القضايا التي تؤثر على حياة المواطنين مباشرةً، أم أنها لم تهتم لها لأن لا غرامات تجنيها منها؟ ولنسلّم جدلاً أنها مهتمة فعلاً لحياتهم، لماذا لا تؤمن لهم الأكسسوارات المطلوبة فيبيعها أشخاص موكّلون من قبلها ولا يمكنهم التلاعب بالأسعار؟