أدّى انخفاض أسعار النفط إلى تراجع الاستقرار الاقتصادي الذي شهدته مملكة البحرين في الآونة الأخيرة وساهم في استقرار سوق العقارات، ممّا أثر تلقائياً على مستوى إشغال المكاتب وتوليد فرص العمل وبالتالي تراجع الطلب على العقارات السكنية، وذلك وفق أحدث تقارير شركة كلاتونز الرائدة عالمياً في مجال الاستشارات العقارية.
ويظهر تقرير “آفاق سوق العقارات في البحرين لفترة ربيع 2015” أن الإيجارات وقيم العقارات ضمن السوق السكنية في المملكة ستتأثر بشكل ملحوظ، كما توقع التقرير أن تؤدي ظاهرة انخفاض أسعار النفط إلى الاستمرار في إضعاف النمو الاقتصادي الذي تباطأ إلى 4٪ في العام الماضي بعد أن سجّل 4.9٪ في عام 2013.
وفي هذا السياق، قال هاري جودسون ويكس، رئيس كلاتونز في البحرين والمملكة العربية السعودية: “لقد حققت البحرين تحولاً بارزاً في النمو الاقتصادي خلال عام 2013 بفعل استئناف صادرات النفط المتوقفة. وفي ظل المناخ العالمي الحالي، يبرز التحدي الخطير المتمثل بانخفاض أسعار النفط والذي يظل دون توقعات الحكومة، إلى الواجهة باعتباره مسألة ذات أهمية بالغة. وفي ظل هذه المعطيات، لا يزال سوق العقارات السكنية يواجه بشدة خطر خسارة زخم النمو. ونتوقع أن تظل الإيجارات مستقرة مع احتمالية التراجع فيما نقترب من نهاية العام، حيث سيبدأ الطلب بالانحسار.”
كما يبين تقرير كلاتونز أنه على خلاف سوق الإيجارات السكنية، تظل التوقعات تشير إلى استقرار سوق المبيعات نتيجة لمجموعة السياسات والتشريعات التي أعلنت عنها الحكومة مؤخراً بهدف تعزيز ثقة المستثمرين في العقارات السكنية على المدى القصير والمتوسط.
وأضاف جودسون ويكس: “تصدّر الإعلان عن استئناف عدة مشاريع رئيسية هذه التغييرات التنظيمية، حيث شهدت هذه المشاريع فترة ركود منذ بداية الأزمة المالية بعد أن كانت على مشارف الاكتمال. وعلى الرغم من عدم وضوح كيفية اختيار المشاريع السكنية المتوقفة، يجري التعامل مع المشاريع العقارية مثل مشروع “فيلامار ” الشهير في مرفأ البحرين المالي من خلال إشراك بيت التمويل الخليجي ومصرف الراجحي في السعودية ويمكن أن نلمس التزاماً قوياً وراسخاً لدى السلطات تجاه أولئك الذين يستثمرون بكثافة في مشروعات العقارات السكنية.”
ووفقاً للتقرير، وبعيداً عن سوق العقارات السكنية، حافظ سوق المكاتب على هدوئه مع استمرار تذبذب الإيجارات في منطقة السيف بين 5 و5.5 دينار بحريني للمتر المربع وتسجيل تحرك بسيط في أماكن أخرى. وشهدت المنطقة الدبلوماسية ومنطقة المرفأ المالي التي سجلت تراجعات في الإيجار بما يقارب 6٪ عام 2014، استقراراً في الإيجارات حيث لم يسجل أي انخفاض آخر في 2015 حتى الآن.
من جهته، قال مدير الأبحاث وتطوير الأعمال العالمية لدى كلاتونز، فيصل دوراني: “على المدى القصير، نتوقع أن تظل إيجارات المكاتب عند معدلها الحالي، مع ترجيح بدء تبلور الانخفاضات في وقت لاحق هذا العام حتى 2016 إذا ما ظلت أسعار النفط تتراوح ما بين 50 و60 دولاراً للبرميل. وعلاوة على ذلك، في حال تم إعادة التفاوض بشأن مساعدات دول مجلس التعاون الخليجي التي تم تخصيصها للبحرين بقيمة 10 مليارات دولار في عام 2011، خاصة مع بدء رزوح حكومات المنطقة تحت وطأة انخفاض عائدات النفط والغاز، فإن احتمال حدوث تباطؤ في الإنفاق على مشاريع البنية التحتية يشكل تهديداً حقيقياً وخطراً للغاية. وسوف تكون الآثار المترتبة على الطلب في الأسواق التجارية والسكنية هائلة. ونحن نراقب هذا الخطر عن كثب لكنه لا يتصدر بشكل أساسي سيناريو توقعاتنا في الوقت الحالي.”
وفيما يتعلق بالعقارات التجارية، يحافظ سوق التجزئة على مرونته وتوسعه مع استمرار زيارة السياح السعوديين على وجه الخصوص للبحرين بأعداد كبيرة في نهاية كل أسبوع للاستفادة من عروض وخدمات التجزئة المتنامية في المملكة.
ويبين التقرير أنه في مدينة التنين بديار المحرق تم تأجير 60٪ من وحدات التجزئة البالغ عددها 750 وحدة مسبقاً مع توقع انتهاء المشروع في وقت لاحق من هذا الصيف. ولوحظ أيضاً أن تجار التجزئة الدوليين يسعون للاستفادة من انتعاش السوق وترسيخ مكانتهم فيه. على سبيل المثال، يتصدر مخبز “كارلو” من ولاية نيو جيرسي موجة جديدة من دخول العلامات التجارية إلى أسواق الخليج، حيث سيُفتتح قريباً في مشروع “ذي كورتيارد”.
واختتم دوراني:”يكمن الجانب المضيء من أزمة تراجع أسعار النفط المنهِكة اقتصادياً في ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي التي يرتبط بها الدينار البحريني بشكل ثابت. وتنعكس قوة الدولار من خلال انخفاض تكاليف الواردات التي يتأثر بها المستهلكون بزيادة في مستويات الدخل القابل للتصرف، وهو ما يشير إلى توقعات إيجابية على المدى القصير والمتوسط لسوق التجزئة حيث تتشجع الأسر لإنفاق المزيد وهذا بدوره سينعش نسب الإشغال والأداء في قطاع التجزئة “.