Site icon IMLebanon

الدين العام قد يصل الى 72 مليار دولار في نهاية العام ومن الضروري تخفيضه

LebanonMoney

ناتاشا بيروتي

ان الاعباء والتحديات والازمات التي يعيشها لبنان ترتفع وتيرتها على كاهل الاقتصاد اللبناني المثقل اساساً بمشكلات مالية عامة واختناقات سياسية.الازمة التي يعيشها لبنان، وان كانت في الظاهر متفاقمة، الا ان البواطن تخفي الكثير من العورات، وفي حال انكشافها ينهار البلد بشكل كامل. لبنان يحتاج اليوم وبسرعة الى استقرار وتضامن سياسي، كي يضمن مستقبل اقتصاده.
ولكن الاوضاع الامنية والواقع اللبناني المتردي تزيد من صعوبة الوصول الى الاصلاح ويحد من قدرة الدولة في اتخاذ القرارات الضرورية لاعادة توليد النمو من جديد والعمل على استمراره، خصوصاً ان المؤشرات الماضية دلت على ان نسب النمو الجيدة ساعدت خلال السنوات الاخيرة على خفض حجم المديونية بالنسبة الى اجمالي الناتج المحلي، لكن اليوم الوضع يحتاج الى جهد كبير ومتواصل ان لم نقل الى معجزة، خصوصاً ان لبنان يعتبر من بين الدول العشر الاكثر مديونية في العالم. فكم تبلغ نسبة الدين العام الداخلي والخارجي للبنان مقارنة بالسنوات الماضية؟ ومن هي الجهات المسؤولة عن زيادة نسب الدين؟
يشير الخبير الاقتصادي وليد ابو سليمان الى ان الدين العام بلغ مع بداية العام 2015 أكثر من 66 مليار دولار وهو مرجح أن يصل الى 72 مليار دولار وفق تقديرات وزير المال، فيما بلغت حصة القطاع المصرفي (الدين الداخلي) في تمويل الدين العام الإجمالي نحو 55.82 في المئة في كانون الثاني الماضي. وقد إرتفعت حصة الدين الداخلي إلى 62.02 في المئة من إجمالي الدين العام في حين تراجعت حصة الدين الخارجي إلى 37.98 في المئة.
بينما بلغت حصة الدين الخارجي في العام 1997 نحو 16% من الدين العام الذي كانت قيمته نحو 21926 مليار ليرة لبنانية.
ويتابع: إنّ النفقات المتزايدة للدولة اللبنانية هي التي تدفع بها الى اعتماد سياسة الاستدانة، حيث تعجز الواردات عن سدّ إلتزامات الدولة المالية، والتي تذهب بمعظمها الى خدمة الدين العام وودفع الرواتب والأجور التي تعاني من تخمة وتوظيفاً سياسياً، وسدّ العجز في مؤسسة كهرباء لبنان التي تكبد الخزينة العامة أكثر من ملياري دولار سنوياً.
} اصلاح النظام المالي }
وعن كيفية اصلاح النظام المالي لتقليص هذه النسب، يقول: لا بدّ أولاً من الإشارة الى أنّه لا مفرّ من إجراء الإصلاحات المالية والإدارية لوضع حدّ للتدهور الإقتصادي والمالي الذي يهدد الوضع برمته بعدما لامس خطوطاً حمراء. ولعل أولى الإجراءات الإصلاحية تكون من خلال تخفيض كلفة الدين من خلال الاتفاق مع الدائنين لا سيما وأنّ الفوائد التي تدفعها الدولة اللبنانية تعتبر من الأعلى في العالم، وثمة حاجة ماسة لتخفيض هذه النسبة لتخفيف العبء على الخزينة العامة.
كما أنّ الإصلاح الإداري هو ضرورة قصوى لارتباطه بالإصلاح المالي، حيث لا بدّ من وضع حدّ للهدر والفساد والتوظيف العشوائي في الإدارة العامة الذي يرهق الخزينة العامة.
ويضيف: حالياً، إنّ سياسة تثبيت سعر صرف الليرة هي الأفضل ولا داعي لإعادة النظر في السياسة النقدية.
وعن تأثير الدين العام على الاقتصاد اللبناني، اسباب نموه الدراماتيكية، يلفت ابو سليمان الى ان ارتفاع الدين العام بشكل كبير يمنع الدولة من توظيف وارداتها في مشاريع استثمارية لأنها تكون مضطرة لتحويل كل هذه الواردات باتجاه تغطية الدين وخدمته وغيرهما من النفقات الجارية. وهذا ما يحول دون تحسن النمو العام، ما يعني عدم خلق فرص عمل لتوظيف اليد العاملة لا سيما الشابة، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
كما أنّ انخفاض الدين العام يساعد الدولة على تحويل بعض نفقاتها لصالح موازنات وزارات حيوية كوزارتي السياحة او الطاقة بهدف تعزيز واردات الخزينة وخلق فرص للعمل.
ويتابع، إنّ المخاطر التي تهدد لبنان جراء ارتفاع الدين العام كثيرة، لعل أولها هو وصف لبنان بدولة ذات مخاطر مالية كبيرة، وبالتالي تخفيض التصنيف الإئتماني، ما يعني ارتفاع كلفة الإستدانة وصعوبة الوصول الى السيولة.أما أخطر ما يمكن وصوله فهو الإنهيار المالي.
لذلك لا بد من ايجاد حلول جذرية للحدّ من تفاقم الدين العام ومنها الشروع بالإصلاحات المالية والإدارية وإقرار مراسيم النفط لأنها فرصة ذهبية يجب الاستفادة منها، كما لا بدّ من تعميم مبدأ «الشراكة» بين القطاعين العام والخاص أسوة بقطاع الخلوي الذي أثبت نجاحه، لا سيما في قطاع الكهرباء من باب تخفيف الأعباء على الخزينة العامة. ولا بدّ أخيراً من وقف الهدر والفساد الذي يكلف الخزينة العامة ملايين الدولارات.
ويختم ابو سليمان: حين تصبح قيمة الدين العام أكثر من 66 مليار دولار يصبح من الصعوبة شطب هذا الدين بشحطة قلم، ولا بدّ من اعتماد سياسة مالية- اقتصادية تأخذ بعين الاعتبار هذا التنامي الكبير للدين العام من خلال خطة طوارىء تعمل على تخفيضه وتخفيض كلفته، وهذا ما يستدعي قراراً جريئاً من السلطة السياسية بكل مكوناتها. من دون أن ننسى أنّ الحرائق المشتعلة في المنطقة تحول دون وضع هذه المسألة في رأس سلم أولويات الطبقة السياسية.