انطلقت في المغرب عملية جمع وتخزين المحصول الزراعي الذي بلغ هذه السنة حجما غير مسبوق يناهز 110 ملايين قنطار، حسب تقديرات وزارة الفلاحة. وعزا عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري المغربي، أمس خلال لقاء مع ممثلي اتحادات الفلاحين والصحافة في الرباط، هذا الإنتاج القياسي إلى الآثار الإيجابية للاستثمارات الضخمة التي شهدها القطاع الزراعي المغربي خلال السنوات الأخيرة في سياق تنفيذ مخطط «المغرب الأخضر»، وإلى غزارة الأمطار التي شهدتها البلاد هذا العام.
وكشف أخنوش أن الاستثمارات التي دخلت القطاع الفلاحي بين 2008 و2014 بلغت 87 مليار درهم (8.7 مليار دولار)، مشيرا إلى أن المجهود الاستثماري للقطاع الخاص كان في قلب تنفيذ سياسة «المغرب الأخضر» للنهوض بالزراعة.
وأضاف أخنوش: «من الطبيعي أن نبدأ الآن جني ثمار هذه الاستثمارات الضخمة، وأن نحقق محاصيل زراعية استثنائية». وأضاف أخنوش: «نتيجة لهذا الإنجاز، فإن معنويات الفلاحين عالية، ويتطلعون إلى المستقبل بثقة في النفس. لذلك، فعلى البنوك أن تنفتح أكثر على القطاع الفلاحي ومواكبته عبر تمويل استثمارات جديدة، خاصة في مجالات تصنيع وتحويل المنتجات الفلاحية وتثمينها. علينا جميعا أن نواصل المجهودات وأن نعمل على تحفيز وخلق الرغبة لدى مستثمرين جدد لدخول القطاع الزراعي».
وخلال اللقاء، أعلن مصرف القرض الفلاحي المغربي، الذراع المصرفية للحكومة في مجال تمويل القطاع الزراعي، عن رصد 5 مليارات درهم (500 مليون دولار) لتمويل الموسم الفلاحي الحالي. وقال طارق السجلماسي، مدير عام القرض الفلاحي، «نحن أمام محصول زراعي استثنائي، وبالتالي فإن عملية جمع وتخزين وتسويق هذا المحصول تتطلب مجهودا استثنائيا. لذلك قررنا تخصيص ميزانية إضافية بقيمة 5 مليارات درهم (500 مليون دولار) لتمويل هذه العملية».
وأوضح السجلماسي أن هذه الميزانية ستوزع على متطلبات عمليات شراء وجمع وتخزين وتسويق المحصول الزراعي بحصة ملياري درهم (200 مليون دولار)، وحصة مماثلة لتمويل برامج دعم الفلاحين الصغار وتعزيز المكتسبات التي حققوها في إطار مشاريع الفلاحة التضامنية لمخطط «المغرب الأخضر»، بالإضافة إلى مليار درهم (100 مليون دولار) ستوجه إلى دعم الاستثمارات الزراعية في مجالات المكننة والسقي العصري.
وقال السجلماسي إن الميزانية الجديدة ستأتي لتدعيم التزامات المصرف في إطار اتفاقيته مع الحكومة لدعم مشاريع المخطط الأخضر بقيمة 25 مليار درهم (2.5 مليار دولار) خلال الفترة من 2014 إلى 2018. وقال: «هذه الاتفاقية جارية، وحتى الآن جرى إنجاز مشاريع بقيمة 8 مليارات درهم (800 مليون دولار)».
من جهته، قال أحمد أوعياش، رئيس اتحادات الفلاحين والصناعات المرتبطة بالفلاحة في المغرب، إن المغرب على مشارف مرحلة جديدة تتميز بوفرة الإنتاج الزراعي، مشيرا إلى أن الطابع الاستثنائي لمحاصيل هذه السنة لم يقتصر على الحبوب (القمح والذرة والشعير) فقط؛ بل أيضا زراعات أخرى، خصوصا زراعة النباتات السكرية. وقال: «اليوم علينا أن نوجه أنظارنا باتجاه الصناعات التحويلية للمنتجات الزراعية بوصفها جزءا لا يتجزأ من مخطط (المغرب الأخضر)».
وأشار عمر الكردودي، رئيس الغرف الزراعية لمنطقة دكالة، إلى أن مردودية إنتاج القمح للهكتار بلغت مستويات قياسية هذه السنة، وأن المحاصيل ذات جودة عالية. وقال الكردودي إن على وزارة الفلاحة أن تولي اهتماما خاصا لدعم ومساعدة صغار الفلاحين في تسويق محاصيلهم وحمايتهم من سطوة السماسرة والوسطاء. وقال الكردودي: «بالنسبة لكبار المزارعين، فهم قادرون على حماية أنفسهم. وأغلب الضيعات الكبرى تفاوضت مع المطاحن وتمكنت من إبرام عقود لبيع محاصيلها قبل الحصاد. أما صغار الفلاحين فيتطلبون عناية خاصة حتى لا يظلوا تحت رحمة الوسطاء».