Site icon IMLebanon

بانتظار مناقصات وصفقات النفايات…كي لا يتكرّر الفشل

waste
حبيب معلوف
لا حاجة إلى انتظار المناقصات – المحاصصات بعد أسابيع عن موضوع النفايات. المكتوب يُقرَأ من عنوانه. والمناقصات تُقرَأ من طريقة إقرار ما يُسمّى خطة النفايات في مجلس الوزراء ومن دفاتر شروطها. وبالرغم من ان دفاتر الشروط وضعت حسب الطلب تقريباً… ستفشل الخطط لكونها غير عادلة ولا مقنعة، ولا تستند الى استراتيجية وطنية شاملة تقوم على مبادئ واضحة ومستدامة كالتخفيف والفرز. ومصيرها اذا نجحت في اجتياز حواجز اعتراضات الناس والهيئات البيئية هو الفشل، كما حصل في اكثر من منطقة وكما يحصل الآن على أطراف المنطقة المتنازع عليها في بيروت وجبل لبنان. فعلى جوانب مناطق المناقصات الأساسية مثالان صارخان. الاول في موقع حبالين في جبيل حيث انتهى النزاع على كيفية معالجة مكب حبالين الى فسخ العقد بين اتحاد البلديات والشركة الملتزمة بعد نزاع قضائي… وقد استمرت عمليات «الكب» العشوائية مع إحراق النفايات بين وقت وآخر، بانتظار المناقصات الجديدة، مع العلم ان هذه الاخيرة مشكلتها أكبر، إذ تريد أن تضمّ منطقة أكبر. فمن لم ينجح في معالجة 60 الى 70 طناً يومياً في معمل حبالين، كيف سينجح في معالجة كمية أكبر تضمّ أيضاً كسروان والمتن والمتوقع أن يصل حجم النفايات الناتجة منها إلى أكثر من ألف طن يومياً مع تغيير المتعهّد؟! مع ما في قرارات مجلس الوزراء من التباسات لاسيما القرار الأخير رقم واحد الصادر بتاريخ 12/1/2015 والذي يحدد أماكن المعالجة (في مواقع مشوّهة من المقالع والكسارات أو مواقع المكبات العشوائية)، وذلك على أساس مطمر لكل منطقة خدماتية، مما دفع البعض للاستنتاج بأن مكبّ حبالين الذي يحتاج إلى إعادة تأهيل، مرشح لأن يكون مطمر المنطقة الخدماتية الجديدة والتي تضم كسروان والمتن بالإضافة الى جبيل. وهذا ما رفضه أهالي المناطق المجاورة كما ظهر في الأيام الأخيرة.
المثال الثاني في صيدا، إذ تبيّن أن المعمل لا يعمل! كما نشرت «السفير» في 21/4/2015، بعد أن أكد المعلومات الواردة في المقال وزير البيئة محمد المشنوق، مؤكداً أيضاً أن لدى وزارة البيئة تقريراً في غاية السوء عن عمل هذا المعمل المزعوم، وأن كمية كبيرة من النفايات لا تزال تُرمى في مكبّ صيدا القديم!
الالتباس في قرار مجلس الوزراء بين أن يكون هناك مطمر في كل منطقة خدماتية أم في كل قضاء سيفتح مشكلة حتمية في أكثر من مكان، نظراً للثقافة السائدة عن موضوع النفايات ولمفهوم العدالة البيئية نفسه الذي طبق في أبشع صوره. وعبثاً نحاول الاستعانة بخبراء أجانب يجهلون ثقافتنا الشعبية، أو بخبراء محليين متأثرين بالثقافة الغربية. فالغرب ليس مثالاً لكيفية التعامل مع قضايا البيئة، لا بل يمكن القول إن ثقافة «التنمية» الغربية، التي تعني زيادة كل شيء، هي المسؤولة عن أهم المشكلات البيئية العالمية وبينها مشكلة النفايات. فكل زيادة في الإنتاجية والاستهلاك، كما يروّج لها في ثقافة التنمية الغربية تعني زيادة في إنتاج النفايات. بينما ثقافتنا الشعبية التقليدية هي ثقافة «الأقلّ»، ثقافة موفّرة في كل شيء. هذه الثقافة هي التي كان يفترض ترجمتها في استراتيجياتنا وخططنا للمعالجة.
كما أن الاستعانة بشركات أجنبية للدخول في المناقصات (كما يحصل الآن) لم تعد مؤشر ثقة عند الناس، كما كانت الحال منذ 20 و30 سنة، حين كان معظم اللبنانيين منبهرين بما هو «فرنجي». لا بل أصبحت بعض الشركات الأجنبية مصدر ريبة إضافية، اذ يمكن استخدام بعض مناطق لبنان حقل تجارب لتقنيات جديدة، خصوصاً أن قرارات مجلس الوزراء تركت للمتعهدين وشركائهم «الفرنج» اختيار التقنيات على كيفهم! مع الإشارة إلى أن معظم «الهبات» التي حصل عليها لبنان في الفترة السابقة من البلدان الغربية، لاسيما بعد انتهاء الحرب الأهلية لمساعدة الإدارات الرسمية او السلطات المحلية، إن في وضع التشريعات والخطط أو في معالجة بعض المشكلات الصغيرة (كإدارة النفايات) في بعض المناطق، كانت بهدف التسويق لتقنيات هذه الدول بشكل غير مباشر وتشغيل التقنيين الغربيين، مدى الحياة، أكثر من أي شيء آخر. وإذ ظهر جلياً فشل هذه الخطط في أكثر من منطقة في لبنان، لا نعرف من له مصلحة في تكرار الفشل، ومن يستثمر في هذا الفشل كل مرة؟ ومتى تحصل عمليات المحاسبة الحقيقية؟ ومَن سيقوم بهذه العملية بعد أن عشعش الفكر الاستثماري – الانبهاري طويلاً بين صفوف الإدارات الرسمية والمحلية والأهلية؟