Site icon IMLebanon

هل يغيّر “صراخ الرابية” سياسة قريطم ومعادلات الضاحية!

michel-aoun

تتجه الانظار اليوم الى المؤتمر الصحافي الذي سيعقده رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون والذي ينتظر ان يتسم بأهمية نظراً الى ما سبقه من توقعات في وسطه السياسي تحدثت عن تصعيد كبير في مواقفه من ملف التعيينات قد ترقى الى حدود التأثير على عمل الحكومة إما من خلال اعتكاف وزرائه وإما من خلال شل عمل الحكومة كلا في حال دعم افرقاء 8 آذار لموقفه.

وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ”النهار” إن هذه المواقف كان متوقعاً ان يعلنها عون الثلاثاء الماضي عقب الاجتماع الدوري لتكتله، لكنه آثر التريث الى الجمعة افساحاً لإمكان بلوغه اقتراحات معينة في شأن تعيين القيادات الامنية والعسكرية. وتوقعت تالياً ان يحظى عون بدعم “حزب الله” في الخطوات التي سيتخذها ولكن من غير ان تبلغ حدود اسقاط الحكومة.

الى ذلك، نقلت صحيفة “الديار” عن مصادر “التيار الوطني الحر” قولها ان الاعلان عن الخطوات يبقى للعماد ميشال عون، لكنها ستكون تصعيدية وستحمل تحذيرا للجميع، وربما تحمل دعوة لعقد اجتماعي جديد، وتحديد طريقة المشاركة الوطنية، وربما اتخاذ قرار بتسليم الامانة للشعب.

وحسب المصادر فان اعتكاف الحكومة سيكون تحصيلاً حاصلاً. وحسب المصادر، فان العماد ميشال عون سيخوض “ام المعارك” من اجل تغيير الاداء في التعاطي السياسي وهو سيقول لحلفائه ايضا “اذا لم تمشوا معي فسأمشي وحدي”.

وتشير مصادر واسعة الاطلاع الى ان موقف العماد عون لم يعد محصوراً بتعيينات في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي وقيادة الجيش ورفض التمديد، بل سيذهب في مواقفه الى أبعد من ذلك ليطرح مسألة “المشاركة” في الحكم وحقوق المسيحيين ولماذا الاصرار من قبل الآخرين على رفض انتخاب رئيس الجمهورية الماروني القوي والجدي.

وتضيف المصادر ان البلاد ستدخل بعد المؤتمر الصحافي مرحلة مختلفة كلياً عن مرحلة ما قبل المؤتمر الصحافي، حتى ان الوزراء اوحوا في اجتماع الحكومة امس، بأن هذا الاجتماع ربما كان الاخير للحكومة، ولذلك حاولوا انجاز بعض المشاريع المهمة، وخصوصا البند المتعلق بالمحكمة الدولية ومصاريفها الذي اثار انتقاد وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله.

وأعربت أوساط قريبة من “8 آذار”، ان الوضع لا يزال مفتوحاً على معالجات وتسويات، وان عون يزيد من “الصراخ السياسي” من الآن خشية حسابات اقليمية وداخلية يعرف انها ليست من مصلحته.

وأشارت الأوساط نفسها لصحيفة “الراي” الكويتية، إلى رغبة لدى عون في حشر الجميع في الزاوية ولا سيما “تيار المستقبل” الذي يحمّله عون مسؤولية الأزمة في قضية التعيينات وما زال ينتظر منه جواباً حول السير بالعميد شامل روكز انطلاقاً مما تقول اوساط زعيم “التيار الحر” انه موافقة كان الرئيس سعد الحريري أبداها على هذا الأمر إبان لقاء الرجلين الاخير في بيروت، وهو ما عاد ونفاه امس الخميس رئيس “كتلة المستقبل” فؤاد السنيورة.

الا انه بحسب الاوساط القريبة من “8 آذار، فإن اي مجاراة لعون من جانب “حزب الله” من دون حدود، ستجعل الأمر يتخذ منحى مختلفا، وستكون البلاد امام واقع آخر يحمل الكثير من المطبّات الخطيرة.

في سياق متصل، اشارت مصادر لصحيفة “اللواء” الى ان العماد عون ربما عمل على تطيير اجتماعات الحكومة بعد ان سرّب له ان الاجتماع المقبل لمجلس الوزراء سيناقش ملف التمديد لمدير عام قوى الامن الداخلي وقائد الجيش.

كما ابلغ مصدر وزاري مقرّب الصحيفة عينها أنه إذا قدّم وزراء عون و”حزب الله” استقالاتهم فسيرفضها رئيس الحكومة تمام سلام.

من جهتها، قالت مصادر بارزة في “التيار الوطني الحر” لـ”الجمهورية” إنّ موقف عون سيكون أقوى من ذي قبل”، وأضافت: “لقد اعتَدنا على أن نكون بمفردنا في المعارك السياسية. موقفُنا ضدّ التمديد مبدئيّ ولا نستطيع القبولَ بما يَجري، فالذرائع تَظهر دائماً عند أيّ استحقاق يُطاولُ مراكزَ المسيحيين، ويتحجّجون بأنّ البلد لا يحمل. كلّا، البلد يَحمل، مثلما حَملَ سابقاً يستطيع أن يحملَ اليوم، وأن يجتمعَ مجلس الوزراء ويُعيّن”.

الى ذلك، نقلت صحيفة “السفير” عن أحد قياديي “التيار” ان عون سيقدم مقاربة سياسية تتضمن محاكاة سياسية للصيغة السياسية من زاوية مدى قدرتها على تلبية هواجس جميع المكونات الوطنية، وخصوصا لجهة تأمين الشراكة الحقيقية في السلطة، فإذا كان “ممنوعا” عليه أن “يحلم برئاسة الجمهورية، و”ممنوعا” عليه أن “يحلم” أيضا بإسناد قيادة الجيش إلى الضابط شامل روكز، هل له أن يحلم بمنصب حارس بلدي أو أن يكون من “أهل الذمة” كما في زمن السلاطين والممالك؟

واشار القيادي المذكور إلى أن “الجنرال” عندما زار الولايات المتحدة، عشية عودته إلى بيروت في ربيع العام 2005، أبلغه أحد أعضاء مجلس الأمن القومي الأميركي بالحرف الواحد أنه لا مناص من وضع يده بيد سعد الحريري. وبالفعل، حاول فتح خطوط عن طريق أكثر من جهة، فكان الجواب، بالسعي إلى عرقلة عودته إلى لبنان أولا. وعندما صارت العودة أمرا واقعا، زار قريطم، وخرج من هناك للإعلان أنه كرس “اتفاقا نهائيا” (على تأليف الحكومة) مع الحريري “إن شاء الله أن يدوم في سبيل اعمار لبنان في المرحلة المقبلة”، على حد تعبير “الجنرال”.

في المقابل، اضاف القيادي نفسه، “تبلغنا لاحقا أن الحريري ابلغ محيطه بعد انتهاء اللقاء، أنه يقطع يده ويترك لبنان ولا يضع يده بيد عون ويتحالف معه. وبالفعل، تمت ترجمة هذا المنحى، بإبعاد التيار الوطني عن أول حكومة برغم نيله أكثرية موصوفة 70% من أصوات المسيحيين.

هذا المنحى الاقصائي، تابع القيادي نفسه، استمر طوال عشر سنوات، وقد شكل الاستحقاق الرئاسي ومن بعده تشكيل الحكومة الجديدة، فرصة لاختبار نوايا “المستقبل”، “غير أننا اصطدمنا بواقع وجود خطاب معسول من جهة وممارسة نقيضة من جهة ثانية. يسري ذلك على الرئاسة والوزارة والتعيينات والكثير من الأمور. ولذلك، قرر الجنرال أن يضع الأمور في نصابها بمخاطبة الفريق الآخر باللغة التي يتمناها: تريدون الحفاظ على اتفاق الطائف وإنقاذه من إساءات أهله إليه؟ هذه هي المخارج التي نعتقد أنها كفيلة بالحفاظ على صيغته الميثاقية، وأولها وآخرها الشراكة”.

وفي موضوع شامل روكز، يقول القيادي في “التيار الحر” إن العماد عون عندما زار الحريري في منزله في “بيت الوسط” وفاجأه الأخير باحتفاله بعيد ميلاده الثمانين، تفاهم مع زعيم “تيار المستقبل” على معادلة واضحة بناء على طلب الأخير: الحريري يتولى اقناع “14 آذار” بمعادلة روكز لقيادة الجيش مقابل العميد عماد عثمان مديرا عاما لقوى الأمن الداخلي، فيما يتولى “الجنرال” مهمة “8 آذار” والنائب وليد جنبلاط.

واضاف إن العماد عون فوجئ عندما زار الرئيس نبيه بري في عين التينة بأن الأخير تبلغ من الحريري أنه يريد التمديد للواء ابراهيم بصبوص، وأن بري تجاوب مع رئيس “تيار المستقبل”، قبل أن يسمع موقف عون حيث قال له أنه يملك انطباعا ايجابيا ازاء قائد فوج المغاوير عزّزه العماد جان قهوجي الذي اشاد بروكز أمامه في أكثر من مناسبة، واستدرك قائلا: “اذا تعذر التعيين.. لن اسمح بأي فراغ في أي موقع أمني”.

وكانت المفاجأة، وفق الرواية العونية، أن غطاس خوري عندما زار الرابية موفدا من الحريري، خاطبه بالقول: “اذهب واقنع بري وجنبلاط بتعيين شامل روكز وبعد ذلك نتحدث بالموضوع”، وهنا كان جواب “الجنرال”: “اذهبوا الى مجلس الوزراء واتركوا الباقي عليّ”.

وتضيف الرواية أن “ما جاهر به الرئيس فؤاد السنيورة علنا بأنه لا يمكن لعون أن يأخذ الرئاسة وقيادة الجيش معا، فإذا أراد الأخيرة، عليه أن يعلن تنحيه عن رئاسة الجمهورية، كان الأكثر تعبيرا عن حقيقة موقف المستقبل، برغم اللوم الذي علمنا لاحقا أنه تم توجيهه للسنيورة على خلفية احراجه الرئيس سعد الحريري الذي كان يفضل المضي بلعبة الإغراء لأن مردودها كان يمكن أن يكون كبيرا كما حصل مع تأليف الحكومة والتعيينات”.

وردا على سؤال بشأن المخرج الذي يتحدث عنه “الثنائي الشيعي” بتمديد السن لعدد محدد من الضباط بينهم قائد فوج المغاوير، يجيب القيادي نفسه أن روكز أبلغ كل من فاتحوه بهذه الصيغة أنه لن يقبل بأية مقايضات وسيبادر فورا الى تقديم استقالته من الجيش اذا حصل مثل هذا التمديد أو اذا عرضت أية صيغة ملتبسة لا تحترم التراتبية وروحية المؤسسة العسكرية.