أطلق معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الاميركية في بيروت بالنتعاون مع البرنامج العالمي لتغير المناخ والبيئة في المنطقة العربية قبل ظهر اليوم، تقرير “الطريق نحو الحفاظ على المياه في لبنان: المخاطر المحيطة بنزاهة إدارة المياه- التقييم الوطني”، برعاية وزير الطاقة والمياه ارتيور نظريان، في حضور عدد من المعنيين والمهتمين في شؤون المياه وطلاب.
بدءا، كلمة ترحيب وتعريف لمدير المعهد الوزير السابق طارق متري، ثم تحدث نظريان فقال: “يسرنا أن نرعى اليوم هذا الحفل النخبوي في إطار “التقييم الوطني الشامل لنزاهة إدارة المياه” من أجل الحفاظ على المياه في لبنان، ونحن مجتمعون في هذا المعهد المميز في ربوع هذا الصرح العلمي العريق، الجامعة الأميركية في بيروت”.
أضاف: “يتمتع لبنان بمنسوب متساقطات يفوق أربعة أضعاف حاجاته الإجمالية ومع ذلك لا زال المواطن يعاني من مشاكل شح في المياه، وإن حصة الفرد في لبنان من المصادر المائية المتجددة هي حاليا أدنى من عتبة الندرة في المياه المعترف بها عالميا، وسوف تكون هذه الحصة في تناقص مع التغير المناخي ونظرا لتزايد عدد السكان وعامل الضغط الطارئ من جراء النزوح السوري الذي شهدناه مؤخرا.
وعند هذا الواقع، وفي اطار الادارة الحكيمة لقطاع المياه، أعدت وزارة الطاقة والمياه كخطوة إستباقية في العام 2010 الاستراتجية الوطنية لقطاع المياه ووافقت عليها الحكومة مجتمعة في العام 2012، والعمل جار على تطبيق هذه الاستراتجية ضمن الامكانيات المتاحة ورغم الظروف الحالية الصعبة، من ضمنها الفراغ الرئاسي، وغياب الموازنات”.
وتابع نظريان: “لا يخفى على أحد أن العمل في هذه الظروف يتطلب جهدا مضاعفا وإدارة حكيمة للقطاع من أجل فعالية عالية في تنفيذ هذه الاستراتجية الوطنية، وجزء مهم من الادارة الحكيمة في أي قطاع وخصيصا قطاع المياه يكمن في النزاهة.
وتساهم النزاهة في الادارة، في بناء الثقة بين المواطن والدولة، وبين مؤسسات الدولة المعنية بقطاع المياه، وبين لبنان والهيئات الدولية المانحة، لذلك فإن المردود إيجابي جدا على قطاع المياه. وترتكز النزاهة على ثلاث مبادئ أساسية: الشفافية والمساءلة والمشاركة.
وكانت وزارة الطاقة والمياه قد إعتمدت على الشفافية عبر المشاركة في وضع الاستراتجية الوطنية لقطاع المياه مع كافة الوزرات والمجالس المعنية بالقطاع والهيئات الدولية المانحة. وإننا نرى أن المشاركة الحقيقية تكمن في المشاركة الفاعلة ضمن القطاع العام وأيضا مع القطاع الخاص ومع المجتمع الاهلي، حيث تشكل هذه العناصر مجتمعة المدماك الأساسي لإدارة حكيمة، أما العنصر الاهم فيعتمد على المساءلة”.
وقال: “المساءلة يجب أن تتم عبر عمل ممنهج وأن تشمل كافة الادارات والمستويات في الادارة، السياسية والعليا منها، الى القطاع الفني، الى القطاع التشغيلي، الى محاربة الرشوة، المباشرة وغير المباشرة والغش في تنفيذ المشاريع، الى المحسوبية وسوء إستخدام السلطة، الى عدم الانصاف في إيصال المياه الى المواطنين على اختلاف انتماءاتهم ومستوياتهم وغيرها.
وهناك عنصر أساسي في المساءلة ومحاربة الفساد ألا وهو بناء ثقافة المواطن وبناء القدرات للعاملين في قطاع المياه.
وفي الختام، نجد أن النقص الحاد في الكوادر البشرية الكافية والكفوءة وقلة المحاسبة، كلها أمور تحول دون إدارة قطاع المياه على أكمل وجه.
وإننا نأمل أن يشكل هذا التقرير والأنشطة المختصة ببناء القدرات خطوة ومحفزا أساسيا للمعنيين في قطاع المياه من أجل إدارة حكيمة، ونزاهة في قطاع المياه، ودعما لجهود وزارة الطاقة والمياه التي لن ولم تأل جهدا للوصول إلى النتائج المرجوة لما فيه خير المواطن ومصلحة الوطن على حد سواء”.
توماسيني
ثم تحدثت ممثلة برنامج الشراكة المتوسطية لإدارة المياه باربرا توماسيني عن مشاكل المياه في المنطقة وبرامج المساعدات التي يقدمها للبنان في السنوات المقبلة لمواجهة أزمة المياه وترشيد ادارتها”.
التقرير
ثم عرض الخبير في شؤون البيئة والمياه نديم فرج الله مضمون التقرير الذي خلص الى الآتي: “يقترح التقرير سلسلة من التوصيات التي ينبغي أن تتبناها الجهات المعنية لضمان النزاهة في قطاع المياه. وتطال هذه التوصيات مختلف المستويات من مستوى رأسالمال البشري مرورا بالاحتياجات المالية ووصولا إلى الوعي ان النظام التنظيمي الحالي، المتضامن الإطار التشريعي وتدابير مكافحة الفساد، يستدعي التعديل والتطوير. من هنا تبرز أهمية الإدارة السياسية المتواصلة في مواجهة المخاطر المحيطة بالنزاهة.
لقد كان واضاحا لدينا وجود مجموعة صالحة من القوانين والاستراتيجيات المتصلة بالمياه، والتي إن عززت، يمكن أن تساهم في تحسين إدارة الموارد المائية. بيد أنه كان واضاحا لدينا كذلك أن تدابير مكافحة الفساد ما زالت متخلفة، وتحتاج إلى جهود كثيفة لدمجها في المنظومة الوطنية القائمة.
واذ يعنينا التأكيد على أهمية وضع تدابير لمكافحة الفساد وتنفيذها، يعنينا أيضا أن تترافق هذه التدابير مع إصلاحات تشريعية. فالجهد الأساسي يجب أن ينصب على إعادة بناء الثقة، المفقودة، بين المؤسسات العامة والمواطن اللبناني”.