استغربَ رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع “كيف تُسقِط المحكمة العسكرية من مواد الاتّهام تهمةَ القتل عمداً، فيما كلّ الوقائع التي ظهرت في الصوت والصورة والتحقيقات تؤكّد النيّة الجرمية بالقتل عمداً وعن سابق تصوّر وتصميم، ولكن حتى لو تمّ القفز فوق هذه التهمة المثبَتة، فإنّ المواد التي أخذوا بها أساساً لإدانة سماحة والمتّصلة بتأليف عصابة مسلّحة والمشاركة بالتآمر، لا يصحّ فيها الحكم بالشكل الذي صدرَ فيه”.
جعجع، وفي تصريح لصحيفة “الجمهورية”، قال إنّ “الحكم الذي صدر هو سياسيّ أكثر منه قضائي، ويؤكّد الصبغة السياسية له”. ولفتَ إلى أنّه “إلى جانب كلّ الجرائم المتّهَم سماحة بها، أخطرُها يكمن في التآمر مع جهاز خارجي لتفجير الوضع اللبناني”.
وأسفَ جعجع لما حصل، وقال: “نفعل المستحيل لإعادة ثقة المواطن بالدولة والمؤسسات على اختلافها، فيصدر حكمٌ من هذا النوع ليضرب ثقة المواطن بقيام دولة فعلية وبإمكانية إعادة الاعتبار للقانون والقضاء”. وجدّد تأييدَه ردّة فعل وزير العدل اللواء أشرف ريفي ودعا إلى طرح هذه القضية في مجلس الوزراء “لاتّخاذ أقسى التدابير بحق مَن كانوا وراء هذا الحكم لإعادة تصحيح الصورة وتصويب المسار”.
وعن الرسالة الكامنة وراءَ هذا الحكم، اعتبَر جعجع “أنّ النظام السوري مع نقاط ارتكازه في لبنان أراد توجيه رسالة واضحة بأنّه ما زال يملك نفوذاً في هذا البلد، وأنّه قادرٌ على التدخّل لإنقاذ مَن يُدان بتهمةٍ هو يقف خلفَها”.
وقال: “مِن المعيب بعد عشر سنوات على إخراج الجيش السوري من لبنان وكلّ التضحيات والنضالات والشهادات أن يتمتّع هذا النظام بهذا النفوذ في لبنان، في وقتٍ أصبح معزولاً عربياً ودولياً، وفقدَ تأثيرَه على معظم الدولة السوريّة.
وأكّد جعجع “أنّ أهمّ شيء اليوم يكمن في استكمال ما بدأه الوزير ريفي من خلال خطوات عدّة لتصحيح المسار القضائي وأبرزُها التمييز، وكذلك اتّخاذ كلّ التدابير اللازمة لمنع تكرار هذه الفضيحة”، وأضاف: “لا نريد قضاءً لمصلحة هذا الفريق أو ذاك، بل نريد قضاءً يَحكم لمصلحة الحق والعدالة”.
ولفتَ إلى أنّ كلّ المحاكم الاستثنائية مرَّ عليها الزمن باستثناء كوريا الشمالية ربّما، وبالتالي أتمنّى على ريفي طرح مشروع قانون لإعادة النظر في هذه المحاكم والعودة إلى المحاكم المدنية. فاختصاص المحاكم يجب أن يكون حصراً في القضايا المتّصلة بالجيش، وعندما تتوسّع صلاحياتها تكون في ظروف استثنائية فقط، وهذه الظروف ليست قائمة اليوم”.
وهل يَخشى من أن تشرّع أحكامٌ من هذا النوع القتلَ والإرهاب؟ أجاب جعجع: “بالتأكيد إنّ هذا النوع من الأحكام يشجّع على الجريمة واستسهال القتل وتعميم الفوضى، كذلك يشجّع كلّ لبنانيّ على التعامل مع أجهزة مخابرات خارجية، وتحويل التعامل مسألةً طبيعية وبديهية، ما يضرب ثقة المواطن بقيام دولة فعلية”.
وعن تقويمه لردّة فعل 14 آذار، قال جعجع: “بخلاف آراء عدّة، 14 آذار في ألف خير، عصب 14 موجود، ومشروعها قائم، وفي اللحظة التي ظهرَت قضية حسّاسة تجَلّت 14 مجدّداً، وظهرَ مدى تكاتفها وتصميمها وعنفوانها، وهذا دليل إضافيّ على أنّه عندما لا تتحرّك 14 آذار لا يعني أنّها عاجزة، بل يعني أنّه لا يوجد إمكانيات جدّية للتغيير، وأوّل ما لمسَت هذه الإمكانية تحرّكت وقلبَت الطاولة ولن تهدأ قبل إعادة الأمور إلى نصابها وتصحيح الصورة وتصويب المسار وإعادة إعطاء الأمل للناس بالدولة والقضاء والمؤسّسات”.