IMLebanon

المحكمة العسكرية: ما صلاحياتها؟! وهل يمكن إلغاؤها؟!

Military-Tribunal

“فتح ملف المحكمة العسكرية” هو النتيجة الأولى والمباشرة للحكم الصادر عن هذه المحكمة في حق الوزير السابق ميشال سماحة: وزير العدل أشرف ريفي يعلن أن “قضيتنا الوطنية المقبلة هي المحكمة العسكرية” التي هي محكمة استثنائية أنشئت في ظروف استثنائية ولمهمات محدودة لا تتعدى النظر في الجرائم والمخالفات التي ترتكبها عناصر السلك العسكري.

ورئيس حزب القوات اللبنانية د.سمير جعجع يعتبر أن الوقت قد حان للتخلص من المحاكم الاستثنائية وفي طليعتها المحكمة العسكرية والعودة الى المحاكم المدنية.

وهذه المواقف وغيرها كثير مما صدر عن قوى 14 آذار أعلنت أمس الأول في وقت كان تيار المستقبل ينفذ اعتصاما احتجاجيا أمام مقر المحكمة العسكرية في المتحف، داعيا الى إلغاء هذه المحكمة التي جرى توسيع صلاحياتها، فأسندت إليها مهام ملاحقة قضايا الإرهاب والتجسس والأعمال العسكرية سواء كان مرتكبوها مدنيين أو عسكريين، كما أضيفت الى دورها مسائل فضفاضة جدا تحمل الكثير من التأويلات منها: “النيل من سلطة الدولة وهيبتها، تعكير صلات لبنان بالدول الشقيقة والصديقة، إثارة الفوضى والحض على النظام والاقتتال بين أفراد الأمة، الإساءة الى مؤسسات الدولة الرسمية والعسكرية وغيرها من الجرائم التي لا تنتهي”.

المحكمة العسكرية في ذاتها محكمة استثنائية وليست محكمة عادية، ولها قانون خاص اسمه قانون القضاء العسكري.

المحكمة بتركيبتها غير مرتبطة بوزارة العدل أو المدعي العام التمييزي، ولا بأي سلطة، إنما ارتباطها الإداري بوزارة الدفاع، وفي القضايا العسكرية بقيادة الجيش، ويطبق على العسكريين فيها ما يطبق على كل العسكريين في قطاعات الجيش، ولا يتدخل في عملها القضائي أحد. أما القضاة المدنيون في المحكمة، فتستمر علاقتهم بوزارة العدل والمدعي العام التمييزي والتفتيش القضائي.

وتتمتع المحكمة العسكرية بالصلاحية المكانية وتشمل كل الأراضي اللبنانية، والصلاحية النوعية التي تشمل جرائم الإرهاب، جرائم الخيانة والتجسس والتعامل والصلات غير المشروعة بالعدو، الجرائم المرتكبة في المعسكرات والمؤسسات والثكنات العسكرية، جرائم الأسلحة والذخائر والمتفجرات، الجرائم التي تمس مصلحة مؤسسات القوات المسلحة، الجرائم الواقعة على أشخاص العسكريين، الجرائم الواقعة على الجيوش الأجنبية العاملة في لبنان (اليونيفيل).

رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل ابراهيم في حديث أدلى به في وقت سابق الى مجلة “الأمن العام” قال إنه لا يصح إلغاء المحكمة العسكرية بل يمسي من المستحيل ذلك تحت وطأة تصاعد الأخطار والتهديدات التي يجابهها لبنان من بوابتي الإرهاب التكفيري والاعتداءات الإسرائيلية، ناهيك عن وفرة الملفات الأمنية التي تدخل في نطاق اختصاصها وكفايتها، قد لا يكون في وسع المحاكم المدنية مجاراتها فيها.

ويقول العميد ابراهيم: “من الصعب، لا بل من المستحيل، إلغاء المحكمة العسكرية. لماذا؟ على سبيل المثال، هناك قضايا متعلقة بالأجهزة العسكرية والأمنية من ضباط ورتباء وعناصر إذا تمت إحالتها كاملة على المحاكم المدنية، بالبعد المعنوي هذا أمر صعب، وبالبعد الوظيفي أصعب، لأن العسكري عندما يمثل أمام المحاكمة يؤتى بكل سيرته، وهذه المعلومات تصنف سرية جدا.

إضافة الى العدد الكبير لمجموع هذه الأسلاك في القضايا العسكرية والأمنية ليس هناك خبير أفضل من أهل المؤسسة. كما أن المحاكم العسكرية تتمتع بسرعة وليس بتسرع في إنجاز الملفات المعروضة أمامها وإصدار الأحكام، خاصة أننا نتعاطى الحق العام. أما الحق الخاص فلا ندخل فيه. بناء على الحكم الذي يصدر عن المحكمة العسكرية، يمكن المدعي من ملاحقة الحق الشخصي أمام المحاكم المدنية المختصة.

أما إذا قاربنا الموضوع من زاوية الموقوفين في جرائم الإرهاب والتجسس والعمالة والجرائم الكبرى، فإن المحكمة العسكرية عبارة عن مركز عسكري يتمتع بكل أسباب الحماية القصوى، بالتالي أي محكمة مدنية يحال عليها موقوفون في إحدى هذه الجرائم الكبرى، فإن السؤال الذي يطرح بناء على الواقع: هل في إمكان المحاكم المدنية أن تستوعب في داخلها وعند مثول متهمين من هؤلاء الإجراءات الأمنية الكبيرة التي ترافق إحضارهم الى قاعة المحكمة نظرا الى الخطورة الأمنية؟ ألا تتحول المحاكم المدنية حينها الى أشبه بثكن عسكرية عند عقد جلسات المحاكمة؟ من المؤكد أن هذا الأمر صعب جدا.